“الفن الإسلامي.. لمحة تاريخية”.. جماليات صامدة تقاوم تغير الأزمنة
أعادت وزارة الثقافة الأردنية طباعة كتاب “الفن الإسلامي.. لمحة تاريخية” للباحث علي عبدالله، ضمن منشورات مكتبة الأسرة القراءة للجميع.
في مقدمته للكتاب يقول عبدالله: “لم تكن الحضارة الإسلامية منذ بدايتها حضارة مغلقة ومتقوقعة في حدود ضيقة، بل كانت وما تزال حضارة حيوية متطورة ومنفتحة، لذلك شهدت منذ بداية الدعوة الشريفة وحتى الآن، نوعا من الفنون التي لم تقتصر على الجانب الديني فقط، بل شملت مناحي الحياة كافة”.
كان الفن الإسلامي يعنى بالدرجة الأساس بإنتاج فنون وحرف تتعلق باستعمالات الإنسان الحياتية بكل ما فيها من متعة وبهجة تسر الروح قبل العين. وقد تمخض عن تلك الفنون حرفا فنية متنوعة أخذت طابعا خاصا امتاز في تكويناته عن طبيعة الفنون الدينية والحضارية التي سبقته أو تزامنت معه في نواح فنية عديدة.
ويضيف المؤلف، أن أحد الدوافع الأساسية لاهتمامه بدراسة الفن الإسلامي يعود إلى شغفه بالمعرفة والدخول إلى عالم الفن الساحر وكشف أسرار الحلم الجمالي الذي يحققه الفن، فالفن وحده هو الكفيل برسم معالم الحلم، وهو الوحيد الذي يمتلك مفاتيح طلاسم العرافين بتفسير الأحلام والرؤى وتأويلهما. يقول الكاتب: “عندما أدركت الحقيقة الأزلية بأن المعرفة بحر، بحر لن يشير الدخول فيه إلى أي علامة تدل على بلوغه؛ بدأت أتعمق فيه بفضول الإنسان التواق إلى معرفة المزيد إشباعا لرغبة دفينة في أعماق الذات، فتولدت لدي تساؤلات عديدة سعيت إلى فك رموزها والبحث فيها عن الإجابات المناسبة”.
“كيف استطاع الفن الإسلامي مقاومة تغير الأزمنة وويلاتها، كيف استطاع الصمود، لماذا بقي طراز الفن الإسلامي مقاوما قويا زهاء ألف وأربعمائة عام، في حين لم يستمر أفضل طراز فني غربي أكثر من بضع مئات من السنين، ثم يضمحل ويزول ليحل محله طرازا آخر، كيف كان يزداد فخامة ومتانة وجمالا مع كل عصر يرحل كل ما فيه إلى الماضي، في حين يبعث ذلك الرحيل في الفن حياة تخلده وألقا يجدده؟”.
ويشير عبدالله إلى أنه يوجد بين ثنايا هذا الكتاب الذي يمثل “لمحة تاريخية عن الفن الإسلامي”، أجوبة وتفسيرات لتلك الأسئلة التي من شأنها أن توفر للقارئ صورة واضحة تمنحه ثقة كبيرة بعطاء الأجداد، وزهوا عظيما بتلك الإنجازات الكبيرة التي تبهج الروح وتبعث على التفاؤل والأمل، مبينا أنه في هذا الجهد المتواضع في إعداد الكتاب للساعين إلى العلم والمعرفة، تلك الغاية التي ترافقني دائما في أن أكون إنسانا فاعلا يستطيع توصيل صوته لمن يهتم بفن الاستماع ويجيده، وعند بلوغها تستقر روحي وتستريح قليلا.
تحت عنوان “ما بعد المقدمة”، يقول المؤلف: “يلاحظ من دراسة الفنون الإسلامية في مختلف العصور والمراحل، تلك الروح والجوهر العميق الذي وحد مضامينها وأفكارها، على الرغم من اختلاف المعالجات من بيئة لأخرى ومن طراز لآخر، يتمثل الروح والجوهر في الإسلام الذي وضع أسس التعامل مع البيئة والحضارات المختلفة للشعوب على مختلف ثقافاتها”.
ويرى عبدالله، أن الأسلوب الفكر التوحيدي الإسلامي انعكس، بما فيه من معالجات فلسفية جديدة على أسلوب تصميم المباني؛ فوحد جوهرها التصميمي وجملها، كما فتح الباب أمام المسلمين للاستفادة من الخبرات الثقافية والحضارية السابقة بما يتفق مع الروح العامة لتعاليم الدين الإسلامي ومنهجيته الجمالية التي تجمع بشكل فريد بين الوحدة والتنوع.
ويتحدث المؤلف عن إنشاء المدن وتخطيطها وبناء الجوامع والمساجد الشامخة مثل، مسجد قبة الصخرة، جامع قرطبة الكبير، مسجد الشاه في أصفهان، مسجد السليمانية في إسطنبول، وبناء القصور الفخمة وحدائقها الشهيرة، كما في قصر الحمراء درة الأندلس، والأضرحة الدينية وغيرها من أشكال العمارة العظيمة؛ التي تشكل في مجملها علامات مضيئة في ارتقاء العمارة الإسلامية إلى مستوى يضاهي مستوى تطور العمارة في العالم، ولا شك في أن المعمار “سنان”، كان يوازي معماريي عصر النهضة الإيطاية بنظرياته وعماراته الفريدة.
ويرى أن الفن الإسلامي فيه إنجازات كبيرة أصبحت معيارا يقاس به مستوى الفن في مجالات متعددة، سواء أكانت في النقش العربي أم الفسيفساء أم فن الأرابيسك أم فن التزاجيج الملون أم الأزياء أم الموسيقا والإنشاد والموشحات الأندلسية، وغيرها من الفنون الإسلامية المتنوعة التي تؤرخ عظمة الفنان المسلم وبراعته.
التعليقات مغلقة.