القضاء والقدر بين الفلسفة والدين // أحمد القضاه

كل منا لديه اسئلة لا اجوبة لها، احداث مجهولة الفاعل، نريد توضيح للنقاط، معرفة الاسباب، لماذا، ومن، متى ؟
الشاب الذي لم يحالفه الحظ ويتفوق بالمرحلة الدراسية يسأل لماذا لم ينجح؟ والذي تفوق ونجح يسأل لماذا لم يتوظف؟ والفتاة التي لم تتزوج تسأل ما السبب ؟ والتي تزوجت تسأل لماذا لم تنجب ؟
تسألات كثيرة حول الارزاق وتوزيعها، وما سبب من المنع والاعطاء!؟
هناك اسرار ربانية وحكمة عظيمة وراء هذه الارزاق..
الفئات تختلف ونلاحظها على واقعنا، اشخاص رزقوا بوظيفة واطفال، واشخاص رزقوا بوظيفة ولم يرزقوا باطفال، واخرين لم يتوظفوا ولم يتزوجوا، هناك من يعيش مئة عام وهناك من يموت شابا.
القدر والنصيب، الاجتهاد والسعي.
لكل شيء سبب ومسبب، لن تنجح وانت لم تذهب إلى قاعة الاخبتار، فالنجاح بالاخبتار يحتاج الدرسة والاجتهاد،
فلا بد من اليقين بأن الأمور كلها بيد الله، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فكل شيء بقدر وحكمة يدبرها الله سبحانه وتعالى، وقد كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، فما كتبه الله لا يستطيع أحد رده، وقد شرع الله بذل الأسباب وطالب العباد بالقيام بها لتحصل مطالبهم وشرع تطلع النفس لما هو أنفع لها في دنياها وأخراها، فقد روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. ولا يعتبر هذا عدم رضا بالقدر، وبما قسمه الله للإنسان، لأن الله قدر المقادير بأسبابها، فقدر النجاح بالجد والمذاكرة والري بالشرب والشبع بالأكل، وهكذا فلو طمع الإنسان إلى منزلة دينية أو دنيوية مباحة وعمل من أجل ذلك ووصل إليها فهو بقدر الله.
تقدير الله تعالى وقضائه في الأمور منوط بإرادته وتقدير آجال خلقه وأوقات وأماكن القضاء والقدر. ويمكن إدراك معنى الرضا بالقضاء والقدر من خلال قياسها بالميزان الإلهي الحق ووصايا النبي الكريم لأمته.
القَدر في الميزان الإلهي
يطلق القدر على الحكم والقضاء أيضًا، ومن ذلك حديث الاستخارة “فاقْدُرُه ويسرّه لي” . والمعنى الشرعي للقضاء والقدر: هو تقدير الله تعالى الأشياء في القدم، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده، وعلى صفات مخصوصة وكتابته سبحانه لذلك ومشيئته لها ووقوعها على حسب ما قدرها جلّ وعلا و خلقه لها. ومراتب القدر أربع،: كما هو ظاهر في التعريف: العلم، الكتابة، المشيئة، الخلق والتكوين.
أما أدلة القرآن على وجوب الإيمان بالقدر، فهو في قوله سبحانه وتعالى:”إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ” وفي قوله جل وعلا: “سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا
مَّقْدُورًا”؛ أيّ قضاء مقضيًا، وحكمًا مبتوتًا وهو كظل ظليل، وليل أليل، وروض أريض في قصد التأكيد. والأدلة من السنة النبوية على وجوب الإيمان بالقدر في حديث جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه.
الفكرة الثانية: وصايا نبوية لتدريب النفس على الرضا بالقضاء والقدر:
كان الرسول صلى الله عليه وسلم مربيًا ومزكيًا لنفوس أصحابه، وهي المهمة التي شرفه الله سبحانه بها، وتتجلى هذه التزكية، بأوضح صورها من خلال هذه الوصايا الثلاثة التي تُعد بحق نماذج العلاج النبوي لأمراض النفوس وتدريبها عملياً على التسليم لقضاء الله وقدره والرضا به.
الوصية النبوية تعد تدريبًا عمليًا على توطين النفس ورضاها بالقضاء والقدر، وتسليمها لما يقدر الله، اعتقادًا بأن ذلك هو الأصلح، والأنفع للعبد
* الوصية الأولى: قوة الإيمان ومجاهدة النفس: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، أحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدّر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان .
وفي هذا الحديث النبوي يبين الرسول صلى الله عليه وسلم ن منأن من أراد نيل محبة الله ورضوانه فعليه أن يبادر إلى تقوية إيمانه ومجاهدة نفسه، وطلب القوة في العلم والجسم، وغير ذلك من عناصر القوة النافعة التي تتضافر جميعها لتكوين شخصية المسلم الذي يحبه الله سبحانه.
* الوصية الثانية: دعاء الاستخارة: فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن، يقول: إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم إن هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فأقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فأصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به، ويسمي حاجته.
قال الشاعر أبو العلاء المعري:
_لم يسقكم ربكم عن حسن فعلكم
ولا حماكم غماما سوء أعمال
_وإنما هي أقدار مرتبة
ما علقت بإساءات وإجمال
_ دليل ذلك أن الحر أعوزه
قوت وأن سواه فاز بالمال

* لا استطيع التحمل !؟
“لا يكلف الله نفسا الا وسعها ”
* اريد ان افرح !؟
” ولسوف يعطيك ربك فترضى ”
* لكني خائف !؟
” واصبر لحكم ربك فانك باعيننا ”
* ماذا افعل !؟
” ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ”
* كيف ذلك !؟
” لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك امرا ”

لعل الله يبلغك ما تسعى إليه وتتمناه قريبا، تفائل دائما وأنتظر الاجمل .

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة