الكرك.. آلاف المواقع الأثرية خارج المسارات السياحية بانتظار التأهيل

ما تزال آلاف المواقع الأثرية والمنتشرة في مختلف مناطق محافظة الكرك، ومنها لها أهمية كبيرة، وتعود الى مختلف العصور التاريخية بحسب الشعوب والأمم التي تعاقبت على المنطقة، مهملة تنتظر التأهيل والصيانة، لتصبح جزءا من المسارات السياحية بالمحافظة، خاصة وأن السياح لا يعرفون عن المواقع الأثرية سوى قلعة الكرك.

ولا تكاد منطقة بالكرك تخلو من موقع أثري مسجل رسميا، ناهيك عن المواقع غير المسجلة، والتي تتكشف يوميا بفعل عمليات التنقيب العشوائية التي يقوم بها أفراد، وأحيانا يتسببون بتلف وتخريب تلك المواقع.

في المقابل، فإن مخصصات قطاع الآثار في موازنة مجلس المحافظة وعلى مدار سنوات متتالية تنحصر قيمتها بمقدار 40 ألف دينار فقط، وهي مخصصات لا ترتقي إلى أهمية القطاع وحاجته الماسة للنهوض به.
وتؤكد سجلات الآثار الرسمية، أن محافظة الكرك تضم زهاء 2167 موقعا أثريا، كبيرا وصغيرا، وهي منتشرة على امتداد مناطق المحافظة، وبعض هذه المواقع مسجلة رسميا لدى دائرة الآثار العامة ويتم متابعتها ومراقبتها رسميا، وبحسب أهميتها.
إلا أن مصادر غير رسمية، تؤكد أن محافظة الكرك تضم زهاء 5 آلاف موقع أثري مسجل وغير مسجل رسميا، وهي في أغلبها يتم الاعتداء عليها من قبل ما يعرفون بـ “تجار الآثار والباحثين عن الدفائن”.
وفي ظل غياب عمليات الصيانة والتأهيل لغالبية المواقع، فإنها تبقى عرضة لعمليات العبث والتعدي قد تصل إلى حد تدميرها أثناء عمليات البحث العشوائي عن الدفائن.
وتعرف مواقع مقابر محي ومقابر باب الذراع بالأغوار الجنوبية ومقابر نخل وخربة المريغه والعديد من المواقع الأخرى الأكثر عرضة لعمليات التخريب.
وتشهد العديد من المواقع الأثرية وخاصة المقابر والقصور المنتشرة بالمحافظة، عمليات تدمير وتخريب وتحطيم لحجارتها وأرضياتها الفسيفسائية في أغلب الأحيان، ما يحيل هذه المواقع إلى خرابات لا يتم الاستفادة منها في الزيارات السياحية أو حتى عمليات البحث العلمي الأكاديمي التي تقوم بها جهات رسمية، كما حدث مع خربة المريغة ومقابر محي والذراع التي تم تدميرها تماما.
في هذا الخصوص، يقول مدير مشروع حماية الأثر المادي في جمعية السلم والتضامن بالكرك طارق مبيضين، إن محافظة الكرك من أكثر المناطق بالمملكة احتواء على مواقع أثرية، مشيراً إلى أن دائرة الآثار العامة لا تستطيع توفير الحماية الكاملة للمواقع لكثرتها، وأحيانا يوجد مواقع في مناطق بعيدة وصعبة ويتم اكتشافها بالصدفة وتتعرض لتدمير بسبب ضعف الوعي المجتمعي بقيمتها وأهميتها.
وأكد أن الأجهزة المعنية، تستطيع صيانة وإعادة تأهيل هذه المواقع لتصبح جزءا من المسارات السياحية بالمحافظة، وحينها يصبح الاعتداء عليها صعبا مع وجود حركة سياحية، لافتا إلى أن هناك العديد من المواقع الأثرية التي تلقى الرعاية والاهتمام الرسمي من دائرة الآثار العامة، وتجري لها عمليات ترميم دائمة حرصا عليها.
وأشار مدير آثار الكرك خالد الطراونة إلى أن مخصصات قطاع الآثار بالكرك في موازنة مجلس المحافظة لا تزيد عن 40 ألف دينار، وهو مبلغ لا يكفي لحجم المسؤوليات وضخامة قطاع الآثار وعدد المواقع الأثرية بالمحافظة.
وبين أن هذا المبلغ لا يكفي حتى لتوظيف كادر لأحد المواقع لمدة شهر واحد فقط، مؤكداً أن مخصصات مجلس المحافظة لقطاع الآثار دائما ما تكون قليلة، ولا يمكن معها أن تقوم المديرية بالأعمال التي تحتاجها المواقع.
وقال إن هناك مواقع كثيرة بحاجة إلى صيانة وتأهيل، إلا أن أهم المواقع هو قلعة الكرك
ومواقع أثرية بالأغوار الجنوبية.
وقال الناشط والباحث السياحي محمود الصعوب إن هناك العديد من المواقع الأثرية المهمة بالكرك بحاجة ماسة إلى إعادة التأهيل والصيانة لتصبح ضمن المسارات السياحية، كونها مواقع مهمة وذات قيمة سياحية كبيرة.
وبين أن هناك مواقع مثل آثار في بلدة القصر النبطية، وآثار الربة القديمة، وآثار ذات رأس وشقيرا، وأكثر من موقع بالأغوار الجنوبية، وجميعها مواقع مهمة، لكنها مهملة، ولا يتوفر فيها أي مرافق وخدمات أو حتى صيانة ويجب الاهتمام بها ووضعها على خريطة السياحة، ناهيك عن أهمية الصيانة والتأهيل في حماية المواقع وإدامتها وزيادة أعداد زوارها من الداخل والخارج.
وكان وزير السياحة والآثار مكرم القيسي، زار محافظة الكرك قبل ستة أشهر، وتفقد عدداً من المواقع السياحية والأثرية فيها، حيث اطلع خلال زيارته على الخدمات المقدمة في قلعة الكرك، وعلى مشروع البركة ومسار المدينة المقترح، والشارع السياحي في وسط البلد.
وأكد، حرص الوزارة بالتعاون مع الجهات المعنية كافة والشركاء على تطوير وتعظيم المنتج السياحي في محافظة الكرك والاستفادة من الميزات السياحية التي تتمتع بها من خلال وضع أسس وتحديد أولويات لخطة عمل تعنى بتطوير السياحة بالمحافظة.
وقال الوزير القيسي، إن تطوير المنتج السياحي بالكرك وإقامة العديد من المشاريع السياحية، سينعكس إيجاباً على اقتصاد المحافظة وسيساهم بتمكين المجتمعات المحلية.
وأكد على أن هذه الزيارات الميدانية تأتي ضمن نهج ورسالة الوزارة لتنفيذ التوجيهات الملكية بالإطلاع على المشاكل والتحديات على أرض الواقع، والعمل على تقديم الحلول الممكنة وطرح المشاريع ذات الأولوية لتعزيز التنمية السياحية بالمحافظات كافة.
ووفق رئيس مجلس المحافظة الدكتور عبدالله العبادله، فإن موازنة المحافظة للعام الحالي 2024 بلغت نحو 8 ملايين و696 ألف دينار، وتشكل أقل قيمة بين موازنات المحافظات، مبينا أن الموازنة توزعت على 17 قطاع استفاد منها 156 مشروعا فقط.
وأشار العبادلة إلى أن مخصصات قطاعي السياحة والآثار في موازنة مجلس المحافظة للعام 2024 بلغت، 40 ألف دينار، وتوزعت على قطاع  الآثار بواقع مشروعين، ومشروع واحد لقطاع السياحة مشروع، بمبلغ 40 ألف دينار.

 

 

 

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة