الكرك.. متحف الحياة الشعبية بانتظار إنجاز المرحلة الثانية من توسعته وتطويره

الكرك – يسهم متحف الحياة الشعبية، الذي افتتحته بلدية الكرك قبل أكثر من ثماني سنوات، في الحفاظ على الموروث الشعبي لمختلف جوانب الحياة في المجتمع بمحافظة الكرك على مدى مئات السنين.
ومن المتوقع أن تتوسع مساهمة المتحف في التعريف بالحياة الشعبية والتراثية لمدينة الكرك والمحافظة بشكل عام، بعد أن تبدأ بلدية الكرك قريبا بتنفيذ المرحلة الثانية من تطوير المتحف وطرح عطاء التوسعة لمساحة المتحف وزيادة حجم المقتنيات من مختلف الأنواع وفي جميع مرافق وأقسام المتحف.
ويقع المتحف قرب قلعة الكرك التاريخية، وفي أحد المباني التراثية القديمة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن التاسع عشر، حيث أسست بلدية الكرك المتحف لحماية وتوثيق الحياة الشعبية، بعد مطالب شعبية بالحفاظ على الموروث الشعبي للكرك في الثقافة المادية وغير المادية وخوفا عليه من الضياع.
وجاء تأسيس المتحف في العام 2016 بعد جهد مشترك للعديد من المؤسسات الشعبية والرسمية برعاية بلدية الكرك، من بينها وزارة الثقافة ووزارة السياحة والآثار ومتحف الأردن وجامعة مؤتة وجهات دولية مانحة وشركات وطنية.
ويضم المتحف مئات المقتنيات من الأدوات والآلات التي تبرع بها مواطنون من مختلف مناطق الكرك، أو تبرعت بها مؤسسات رسمية مختلفة كانت في حوزتها، في حين من المتوقع، بعد الانتهاء من تطوير المتحف، أن يضم مقتنيات تزيد على أكثر من ألفي مصنف تراثي شعبي.
كما يقوم المتحف بدور كبير في الحفاظ على الموروث الشعبي المحلي بمحافظة الكرك، خصوصا ما يتعلق بالثقافة الشعبية المادية وغير المادية التي تتوارثها الأجيال، ويقوم المتحف كذلك بتنظيم حوارات وجلسات دائمة ومستمرة لإحياء هذه الثقافة ومنعها من الاندثار، ناهيك عن إعادة إحياء كل ما يتعلق بثقافة الطعام والشراب واللباس والمناسبات الشعبية المحلية المختلفة.
جهد كبير للحصول على مقتنيات كثيرة
ووفق رئيس بلدية الكرك المهندس محمد المعايطة، فإن البلدية، وإدراكا منها بأهمية المتحف في ظل غياب متحف عام للمحافظة، عملت على إنشاء المتحف، وهي الآن تعمل على تطويره وتحديثه من خلال المرحلة الثانية، مشيرا إلى أن المتحف، ومنذ تأسيسه، قام على التعاون مع جهات مختلفة، كونه بحاجة إلى جهد كبير للحصول على مقتنيات كثيرة تشكل تصورا عاما عن الحياة الشعبية للمواطنين بالكرك خلال مئات السنين، والعمل على إحياء ما يمكن من تلك الحياة الثقافية الشعبية ومنعها من الاندثار، وخلق حالة من التواصل مع المواطنين والأجيال الجديدة بخصوصها، وهو ما يحصل بشكل كبير.
وأشار إلى أن المتحف بات جزءا مهما من مدينة الكرك والزيارات الرسمية والشعبية والسياحية لقلعة الكرك، إضافة إلى أن المتحف ينظم طوال الوقت فعاليات ثقافية شعبية وحوارات وسهرات وندوات وفعاليات متعددة هدفها إحياء ثقافتنا الشعبية بالكرك واستعراضها لزوار وسياح المدينة، داعيا في الوقت ذاته، المواطنين بالكرك من الذين يملكون أدوات شعبية تراثية أو صورا أو وثائق تاريخية، إلى تزويد البلدية بها من أجل عرضها داخل المتحف، في حين لفت إلى أن المتحف سيكون متاحا لجميع المواطنين والزوار من السياح الذين يقصدون مدينة الكرك للسياحة.
وأكد المعايطة، أن بلدية الكرك الكبرى أقامت متحف الحياة الشعبية إحياء للتراث والحياة الشعبية بالمحافظة التي بدأت ملامحها بالاختفاء تدريجيا، مشيرا إلى أن الأدوات والمقتنيات الموجودة في المتحف تجسد الحياة الشعبية التي كان يعيشها الأجداد والسكان بالكرك قبل أكثر من مائة عام.
كما لفت إلى أن البلدية تعمل على جعل المتحف من المواقع التراثية في المدينة وإبرازه على الخريطة السياحية للمدينة، من خلال التعاون والشراكة مع العديد من المؤسسات.
حاضنة للموروث الثقافي والتراثي
من جهته، قال مدير الدائرة الثقافية ببلدية الكرك علاء المحادين، إن المتحف يعد الآن الحاضنة الوحيدة بمحافظة الكرك للموروث الثقافي والتراثي والشعبي للمجتمع بالكرك خلال مئات السنين، ويوثق هذه الحياة والنشاط المادي وغير المادي بمختلف الأشكال، مشيرا إلى أن البلدية تعمل الآن على تطوير وتحديث المتحف من خلال تنفيذ المرحلة الثانية بكلفة تصل إلى حوالي 36 ألف دينار، تشمل زيادة حجم مقتنيات المتحف وزيادة مساحته لإضافة طابق ثان ليستوعب المقتنيات الجديدة.
وبين أن تأسيس المتحف جاء بعد جهود مشتركة كبيرة في العام 2016، في أحد مباني السرايا القديمة التي تلاصق قلعة الكرك، من قبل بلدية الكرك الكبرى، موضحا أن المتحف يحتوي على أقسام عدة، من بينها قسم أدوات ومقتنيات تراثية تتمثل في الأسلحة المحلية المستخدمة، مثل البنادق والسيوف والخناجر، وآخر للباس الشعبي الكركي التقليدي، وقسم الأدوات والمقتنيات الزراعية، وأدوات الطهي والطبخ المنزلية، وكذلك أدوات الغزل والنسيج، وأدوات الزراعة المختلفة من الحراثة والحصاد، وأدوات تجهيز القهوة، وأدوات التجارة في المحال التجارية، وأدوات الزينة والحلي وخصوصا للمرأة، والإنارة القديمة.
وأضاف المحادين، أن المتحف، بعد سنوات من تأسيسه، أصبح يرتاده الكثير من الزوار والسياح من داخل المملكة وخارجها، كونه يقع في محيط قلعة الكرك ومرافقها الأثرية والتراثية المختلفة، مشيرا إلى أن المتحف ينظم العديد من الفعاليات الثقافية والتراثية والندوات والحوارات والمبادرات التي تهتم بالموروث الشعبي والثقافة الشعبية المحلية وتعززها.
وأوضح، أن من بين هذه الفعاليات، الأيام الطبية المجانية، والحوارات الثقافية، وليالي السمر التراثية، والعزف على أدوات موسيقية تراثية، والغناء الشعبي التراثي، وصناعة وتقديم الأكلات الشعبية التراثية بالكرك، وتنظيم دورات تدريبية على إنتاج المنتوجات الشعبية المختلفة من خلال مدربين لهم اهتمام بالتراث الشعبي بالكرك، وخصوصا صناعة التحف وإعداد الطعام التراثي والمشغولات الشعبية التراثية التي يمكن بيعها للسياح والزوار للمحافظة.
التعريف بتاريخ المنطقة الشعبي وتوثيقه
وبحسب الباحث في التراث الشعبي بالكرك وسام الجعفري، فإن بلدية الكرك قامت على تأسيس المتحف وبذلت جهودا كبيرة حتى يرى النور وينبض بالحياة، ويعكس تفاصيل معيشة الناس خلال مئات السنين الماضية بالكرك، لافتا إلى أنه اجتمع في المتحف خلال هذه الرحلة مقتنيات كثيرة قامت إدارة المتحف بتوثيقها، ويشكل المتحف حاليا صورة من الذاكرة الجمعية للكرك التي يلتقي فيها الماضي مع الحاضر في هذا المكان العابق بالتاريخ والحضارة.
إلى ذلك، أكدت مديرة ثقافة الكرك عروبة الشمايلة، أن متحف الحياة الشعبية بالكرك يشكل عنوانا مهما من عناوين الثقافة المحلية الشعبية خلال مئات السنين، ناهيك عن دوره في التعاون مع مختلف المؤسسات، ومن بينها وزارة الثقافة، في تنظيم العديد من الفعاليات والنشاطات الثقافية التي تعنى بالحياة الثقافية بالكرك قديما وحديثا، مشيرة إلى أن المتاحف، وخصوصا تلك المعنية بالحياة الشعبية للسكان، تسهم في حفظ التراث الذي يرتبط بتاريخ المجتمعات والحفاظ عليه وحمايته من الضياع، بدءا من التراث المادي المرتبط بالأدوات المختلفة في الحياة، ومرورا بالفنون والعادات والقيم والمفاهيم والحكم والأمثال والاحتفالات والحكايات والموسيقا والرقص والغناء والألعاب والمناسبات الاجتماعية المختلفة.
وأشارت إلى أن هذا المتحف سيكون له أثر كبير في التعريف بتاريخ المنطقة الشعبي وتوثيقه بشكل دقيق حرصا على عدم ضياعه مع الوقت، مؤكدة أن مديرية الثقافة تسهم بشكل فعلي مع البلدية في توثيق التاريخ الثقافي لمحافظة الكرك، حرصا على تقديم هذا التوثيق للمواطنين، وخصوصا الأجيال الجديدة التي هي بحاجة إلى المعرفة والاطلاع على تاريخ المنطقة الشعبي.
واعتبرت الشمايلة، أن المتحف سيكون محطة مهمة في المدينة، بحيث يتم إدراجه على برنامج زيارات السياح وزوار المدينة من الخارج ومختلف مناطق المملكة، مشددة على دور الجمعيات الثقافية بالمحافظة في تقديم كل ما لديها ولدى أعضائها من مقتنيات شعبية وأدوات مستخدمة في الحياة اليومية في السابق لتوثيقها وعرضها في المتحف.
هشال العضايلة/ الغد