الكلاب الضالة في إربد.. رعب يتجدد وسط عجلة حلول لا تدور

إربد- عادت ظاهرة الكلاب الضالة المنتشرة في شوارع إربد بشكل كبير إلى الواجهة مجددا، بعد تعرض 8 أشخاص بينهم طلاب مدارس وأطفال، قبل أيام، للعقر، مما استدعى نقلهم إلى المستشفى للعلاج.

وتتواصل شكاوى المواطنين في مناطق مختلفة في إربد من انتشار الكلاب الضالة بين الأحياء السكنية والمنازل، دون قدرة الجهات المعنية على المضي في حلول جذرية للتخلص منها، بعد أن باتت تشكل خطرا حقيقيا على المواطنين والأطفال في ظل تزايد انتشارها على نطاق واسع.

يأتي ذلك في وقت سبق أن منعت فيه وزارة الإدارة المحلية، في تعميم أرسل للبلديات، “قنص” الكلاب وقتلها، وذلك مراعاةً لحقوق الحيوان والمواثيق والمعاهدات الدولية.
وتلجأ بعض البلديات إلى التعامل مع الكلاب الضالة بطريقتين وهما: “التعقيم” لمنع التكاثر، وكذلك وضعها في ساحات إيواء، فيما تغيب هذه الطريقة عن بلديات محافظة إربد بسبب التكلفة الباهظة لعملية الإيواء، بينما يُترك المواطن وحيدا في مواجهة تلك الكلاب.
وقال الناطق باسم بلدية إربد الكبرى، غيث التل، “إن البلدية تتلقى يوميا عشرات الملاحظات والاتصالات المتعلقة بالكلاب الضالة في الشوارع للتعامل معها، إلا أن التشريعات تمنع البلدية من التعامل مع الكلاب الضالة إلا في أطر محددة”.
وأضاف التل، أن البلدية سبق واستقبلت أكثر من جمعية مختصة بهذا الشأن، وقدمت لهم كل التسهيلات الممكنة من تخصيص قطعة أرض مع التعهد بتسييجها، وتزويدها بآلية “بكب أو ديانا” وتجهيزها بشكل مناسب، ووقعنا مذكرات تفاهم مع عدد من هذه الجمعيات، لكن لم تكن أي منها جادة.
وأكد، أن الحل يكمن في تعديل التشريعات وإعادة السماح للبلديات بإيجاد الحلول لقطعان الكلاب الضالة التي تهدد حياة المواطنين، لافتا إلى أن الدراسات تشير إلى وجود 20 كلبا في كل كيلومتر مربع، أي أن هناك نحو 100 ألف كلب ضال في إربد.
وبيّن التل، أن كلفة إيواء الكلب الواحد، بدءا من الإمساك به ونقله لمأوى وتأمينه بالطعام وإجراء عملية جراحية لتعقيمه ثم إعادة إطلاقه مجددا إلى الشارع، تصل إلى 100 دينار.
وعبر العديد من المواطنين عن استيائهم من تزايد أعداد الكلاب الضالة بين الأحياء السكنية وترك المواطن وحيدا في مواجهتها، وعجزهم أمام هذه الظاهرة المقلقة في ظل وجود مواد في قانون العقوبات الأردني لسنة 1960 وتعديلاته، الذي يعاقب كل من يقدم على قتل أي حيوان أو إيذائه بالسجن أو الغرامة المالية، وقد تصل العقوبة إلى السجن لمدة سنتين في حالة القتل.
وقال المواطن معاذ هياجنة، إن الكلاب الضالة تبدأ بالخروج مساءً وحتى الصباح، وخلال ساعات الليل لا يهدأ صوت نباح عشرات الكلاب بالقرب من منازل المواطنين، مما شكل مصدر رعب للنساء ومنع الأطفال من النوم.
وأضاف هياجنة، أن تدخل أحد المواطنين حال دون مهاجمة كلاب ضالة لطفليه في ساعات الظهيرة عندما عادا من المدرسة، الأمر الذي يتطلب من الجهات المعنية إيجاد حلول جذرية لهذه الظاهرة التي باتت مشكلة تهدد حياة المواطنين.
ووفق المواطن منذر جرادات، فإن الكلاب الضالة باتت جزءا من الواقع، حيث تتجول في الشوارع والأحياء السكنية دون أن يتم اعتراضها من قبل الجهات المعنية، وتنشر الرعب والخوف بين السكان والأطفال الذين يتعرضون للعض والعقر والخوف من الخروج من المنزل، في ظل غياب أي إجراء من قبل الجهات المعنية.
وأشار جرادات، إلى أن الكلاب تنتشر أمام المدارس والمستشفيات والمرافق العامة والمطاعم في وضح النهار، بينما تتجمع بين الأحياء السكنية على شكل قطعان ليلا، مما يتسبب في هلع للمارة وتهاجم السيارات وتصدر أصواتا مزعجة، مما يجعلها مصدر إزعاج للجميع.
وتجرم المادة 452 من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته “قتل حيوان غير مملوك للفاعل” بالحبس لمدة لا تتجاوز سنتين، كما جرمت المادة ذاتها “من ضرب أو جرح حيوان بصورة تؤدي إلى منعه من العمل أو تلحق به ضررا جسيما” بعقوبة الحبس لمدة أقصاها شهر أو بغرامة لا تتجاوز 20 دينارا.
وسجل في إربد منذ بداية العام الحالي 1280 حالة عقر، فيما سجل العام الماضي 1400 حالة، وفي عام 2022 سجل نحو 1300 حالة، وفي عام 2021 بلغت الحالات المسجلة 1222، وفي عام 2020 بلغ عدد حالات العقر المسجلة في إربد 1116، وفق مدير صحة إربد الدكتور شادي بني هاني.
وتبلغ كلفة علاج الشخص الواحد الذي يتعرض لعقر من كلب 600 دينار، وفق بني هاني، الذي أشار إلى أن المطعوم يُعطى لكل شخص تعرض للعقر من حيوانات معروفة بنقلها لمرض داء الكلب، مبينا أن من يتعرض للعقر يُعطى 6 جرعات وقائية تبدأ من لحظة دخوله إلى المستشفى، بينما تستكمل باقي الجرعات في عيادات التطعيم العامة حتى لا تحدث للشخص أي مضاعفات.
يُشار إلى أن نائب رئيس الوزراء ووزير الإدارة المحلية السابق، توفيق كريشان، أكد سابقا أن الحكومة ستنهي مشكلة الكلاب الضالة قريبا، بالتنسيق مع الحكام الإداريين حول آلية التعامل معها ضمن مناطقهم.
وأضاف كريشان أنه سيصار إلى إقامة مأوى للكلاب الضالة في البلديات، وستُشكل لجنة مع رؤساء البلديات للتعامل مع مشكلتها بناءً على توجيهات رئيس الوزراء (السابق) بشر الخصاونة.
وعمم كريشان على رؤساء البلديات بعدم قنص أو تسميم الكلاب الضالة، ودعاهم إلى تجهيز البلديات للتعامل مع الكلاب ضمن برامج التعقيم والتطعيم المعتمدة.
وتتراوح حالات العقر في المملكة سنويا بين 5000-6000 حالة، أي ما يعادل شهريا من 80 إلى 100 حالة، حسب أرقام رسمية صادرة عن وزارة الصحة. فيما تبلغ كلفة علاج حالة العقر حوالي 650 دينارا، وتصل الكلفة السنوية إلى حوالي 3 ملايين دينار، تشمل الأمصال والمطاعيم.
وفي ردها على سؤال وجهته “الغد” لها في وقت سابق، قالت دائرة الإفتاء، “إنه لا حرج في التخلص من الكلب العقور (المؤذي) بقتله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة والعقرب والحديا والغراب والكلب العقور) متفق عليه، ولكن يشترط لقتله شروط منها: ألا يكون الكلب مملوكا لأحد، فإذا كان له مالك معين فيطلب منه كف أذاه، ويشترط أيضا أن لا يمكن منعه بطريقة أخرى غير القتل”.
ووفق دائرة الإفتاء، “أما إذا كان أذى الكلب مجرد النباح أو التعدي على الممتلكات، فالأصل عدم جواز قتله ويدفع بوسائل أخرى، كطردها وإخافتها، أو حفظ الممتلكات، أو عرض الأمر على الجهات المسؤولة عن مكافحتها كالبلديات. والله تعالى أعلم”.

 أحمد التميمي/الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة