اللبنانيون يدقون ناقوس الخطر ويخشون الأسوأ بعد ارتفاع إصابات الكوليرا
بيروت – تسيطر حالة من الخشية والقلق، بين النشطاء عبر المنصات الرقمية اللبنانية، مع تواصل ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في مناطق عدة وتمدد نطاقها، وسط دعوات بتسريع الجهود للحد من تفشي هذا الوباء.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يعاني فيه القطاع الصحي من صعوبات عدة نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي انعكست بشكل سلبي على مراكز الصحة والمستشفيات.
وقبل يومين، حذر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض من انتشار “متسارع” لمرض الكوليرا في لبنان، بعد أسابيع من تسجيل أول إصابة في البلاد منذ العام 1993.
وسجل لبنان منذ السادس من الشهر الحالي 169 إصابة مثبتة، 80 منها خلال الساعات الـ48 الماضية، إضافة إلى 5 وفيات.
وحمّل ناشطون مسؤولية توسع رقعة المرض إلى المسؤولين المعنيين، متخوفين من تفاقم الأوضاع، لعدم وضع خطط صحية تمنع امتداد الكوليرا، بينها ضبط مخيمات اللاجئين وتنظيم فحوصات عند الحدود، إضافة إلى غياب الرقابة على المنتجات الغذائية.
يأتي ذلك عقب تحذير الأبيض من انتشار متسارع للوباء في لبنان؛ حيث قال “إن كميات لقاحات الكوليرا المتوافرة عالميا قليلة بسبب وجود بؤر عدة للكوليرا، لكن لبنان حصل على وعد بتأمين كميات من اللقاحات”، مؤكدا أن وزارته تعمل على تجهيز مستشفى ميداني في عرسال (شرق).
وفي تعليق له عبر “تويتر”، غرد النائب بلال عبد الله قائلا “إن أرقام إصابات الكوليرا أصبحت مقلقة، ووزارة الصحة تقوم بأقصى ما يمكنها، ويبقى على الإدارات المعنية، متابعة مسألة الصرف الصحي، وسلامة المياه، وإجراءات المنظمات الدولية المسؤولة، ومراقبة الانتقال على الحدود، من وإلى المناطق الموبوءة في سورية”، مشيرا إلى أن لجنة الصحة النيابية ستتابع المسألة وتقوم بمساءلة الجميع.
ويأتي تفشي الكوليرا في لبنان بعد تسجيل إصابات في سورية المجاورة، وفي وقت تشهد البلاد انهيارا اقتصاديا متماديا انعكس سلبا على قدرة المرافق العامة على توفير الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء واستشفاء.
ويظهر الكوليرا عادة في مناطق سكنية تعاني شحا في مياه الشرب أو تنعدم فيها شبكات الصرف الصحي. وغالبا ما يكون سببه تناول أطعمة أو مياه ملوثة، ويؤدي إلى الإصابة بإسهال وتقيؤ.
ومن جهته، قال الرئيس السابق للجنة الصحة النيابية، النائب السابق عصام عراجي “القلق من انتشار الكوليرا، يزداد يوما بعد آخر؛ نظرا لاهتراء البنية التحية لشبكات مياه الشرب، وتلوث نهر الليطاني من مجاري الصرف الصحي، وانقطاع الكهرباء عن محطات ضخ المياه للمنازل، وغياب الرقابة على المنتجات الغذائية واستهتار البعض بالنظافة”، مشيرا إلى أن الانتباه واجب وضروري حتى لا يتم الوقوع في المحظور.
ومن جانبه، أعرب الطبيب عصمت قاسم عن تخوفه من تأثير الأزمة الاقتصادية على القطاع الطبي، مغردا “فقط 48 % من السكان يمكنهم الوصول إلى مياه مدارة بأمان، في حين أن 20 % لديهم إمكانية الوصول إلى الصرف الصحي المدار بأمان”، مبينا أن هذه الأرقام كانت قبل الأزمة الاقتصادية وما وصفها بالمصائب المتلاحقة، وتساءل “إلى أين سنتوجه؟”.
ووفق وزير الصحة اللبناني، فإن “المياه الملوثة” التي يستخدمها السكان هي أحد “الأسباب الأساسية” وراء انتقال العدوى، عدا عن استهلاك خضار ملوثة، وأوضح أنه تبين أن “مياها ملوثة ثبت فيها العدوى كانت تستخدم للري”.
وسجلت غالبية الإصابات في لبنان لدى لاجئين سوريين يقيمون في مخيمات عشوائية، تفتقد أبسط الخدمات كالمياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي.
وتقدر السلطات وجود أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري على أراضيها، يقيم معظمهم في مخيمات عشوائية خصوصا في شمال البلاد وشرقها.
ويزيد من صعوبة الوضع الحالي، الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها لبنان منذ 2019 التي انعكست على القطاعات كافة بينها القطاع الصحي.
وتشهد سورية المجاورة منذ الشهر الماضي تفشيا للكوليرا في محافظات عدة، للمرة الأولى منذ العام 2009. وأدى النزاع المستمر منذ العام 2011 إلى تضرر نحو ثلثي عدد محطات معالجة المياه ونصف محطات الضخ وثلث خزانات المياه، وفق الأمم المتحدة.
يشار إلى أن الكوليرا مرض معدٍ، ومن أعراضه الإسهال، وتحدث الإصابة به جراء ابتلاع غذاء أو ماء ملوث ببكتيريا الكوليرا (Vibrio cholera)، ويقدر عدد المصابين به في العالم ما بين 3 ملايين و5 ملايين حالة، وعدد الوفيات الناجمة عنها تتراوح بين 100 ألف و120 ألف حالة وفاة سنويا.
كما أن قصر فترة حضانة الكوليرا -التي تتراوح بين ساعتين و5 أيام- يعزز إمكانية الانتشار السريع للمرض، وهناك ترجيح وشبه توافق على أن جذور الكوليرا استوطنت شبه القارة الهندية ثم انتقل منها المرض إلى باقي أنحاء العالم.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.