المباني التراثية في الكرك.. من التخريب والهدم إلى الحماية والترميم
الكرك- أكدت فعاليات شعبية ورسمية في محافظة الكرك، أن توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني، خلال زيارته للمحافظة نهاية الشهر الماضي، تعيد الحياة إلى آلاف المباني التراثية والقديمة في مدينة الكرك القديمة، والتي كانت في طور الهدم والإزالة.
وكان جلالة الملك، أوعز خلال الزيارة، بأهمية الحفاظ على قلعة الكرك وشوارعها والمباني القديمة التراثية فيها وإعادة الحياة للمدينة وتنشيط الحركة السياحية في مناطق وادي الموجب ووادي بن حماد.
وعلى إثر ذلك، قرر رئيس الوزراء وبتنسيب من رئيس الديوان الملكي تشكيل لجنة من وزير الإدارة المحلية تكون غايتها العمل على وضع الخطط والبرامج لتنفيذ توجيهات جلالة الملك.
وأشارت الفعاليات، إلى أن توجيهات جلالة الملك قد أنقذت المباني التراثية على وجه التحديد لأنها كانت هي المهددة بشكل كبير بسبب ملكيتها الخاصة وقيام أصحابها بهدمها أو إزالة أجزاء منها، ما يؤثر على معالمها الرئيسة.
وكانت مئات المنازل التراثية القديمة في مختلف أحياء مدينة الكرك وغيرها من البلدات والمدن بالمحافظة، تتعرض في السنوات الأخيرة لعمليات تخريب وتجريف وهدم من قبل أشخاص مجهولين للبحث عن اللقى الأثرية والكنوز من الذهب والفضة، أو تقوم بلدية الكرك خلال السنوات السابقة بإزالتها لتسببها في إزعاج السكان المجاورين وتحويلها إلى مكاره صحية.
ويؤكد سكان في الكرك، أن منازلهم، وبعضها ما يزال سليما وكان يمكن السكن فيه أو استخدامه في النشاطات السياحية واستثماره في إنشاء المطاعم والمتاحف وغيرها من الاستثمارات، تعرضت للتخريب من مجهولين باحثين عن اللقى الأثرية.
ووفق تقديرات رسمية، فإن مدينة الكرك ومختلف المدن وبلدات المحافظة تضم زهاء 1500 موقع تراثي قديم بين منازل تراثية كانت مأهولة لوقت قريب، وأصبحت مهجورة الآن، إلى المباني الرسمية من السجون القديمة والأبراج والقاعات والمساجد والكنائس والأسواق القديمة والمطاحن والمدارس القديمة، وغيرها من المباني التراثية الأخرى.
وفي مدينة الكرك لوحدها، يوجد زهاء 280 منزلا قديما تراثيا، أغلبها مهددة بالإزالة بفعل العوامل الطبيعية أو لضرورة استخدام المواقع القريبة منها لأغراض البناء الحديث.
وتشير سجلات بلدية الكرك، إلى وجود نحو 280 منزلا قديما مهجورا وخاليا، وبعضها آيل للسقوط، حيث ظهر أنه بعد عملية حصر للمنازل المهجورة، أن زهاء 280 منزلا قديما غير مأهولة بالسكان، منها 200 منزل يمكن إصلاحها وإعادة السكن فيها أو افتتاح محال تراثية فيها، في حين أن هناك ما يقارب 80 منزلا غير صالحة على الإطلاق، وهي إما آيلة للسقوط أو ساقطة بالفعل ومتهدمة نهائيا.
من جهتها، تؤكد مصادر في وزارة السياحة والآثار أن حوالي 50 % من منازل وبيوت مدينة الكرك هي بيوت تراثية قديمة ويمكن العمل على ترميمها وإعادتها للحياة.
وكانت وزارة السياحة والآثار، نفذت في مدينة الكرك ثلاثة برامج تنموية لتطوير واقع المدينة سياحيا، وهي مشاريع السياحة الأول والثاني والثالث، وشملت جميعها تطوير وتحديث البنية التحتية، كما شمل المشروع السياحي الأول بناء مرافق سياحية بمحيط قلعة الكرك إضافة إلى ترميم عشرات المباني والمواقع التراثية القديمة إضافة إلى ترميم منازل تعود ملكيتها لمواطنين بالقرب من قلعة الكرك وعاد أصحابها للسكن فيها من جديد بعد ترميمها.
وقبل 5 أعوام، قررت بلدية الكرك، البدء بعملية هدم للعديد من المنازل القديمة بحجة أنها أصبحت تشكل بؤرا لتراكم النفايات والحشرات والزواحف، غير أنها عادت عن قرارها بعد احتجاج المواطنين والجماعات المهتمة بالأبنية التراثية.
وقال مدير برنامج حماية التراث بجمعية السلم والتضامن الأردنية خالد برقان، “إن التوجيهات الملكية جاءت واضحة بوقف أي إزالة وهدم للمباني التراثية القديمة، خصوصا إن محافظة الكرك تضم آلاف المواقع التراثية التي يجب حمايتها من التدمير والتخريب والإزالة من قبل البلديات أو المواطنين باعتبارها إرثا وطنيا يجب الحفاظ عليه”.
ولفت إلى “أن المدينة لوحدها فقدت على مدى السنوات السابقة عشرات من المباني التراثية سواء كانت منازل أو مرافق رسمية مثل مبنى السرايا القديم الذي جرى هدمه رغم مكانته التراثية للمدينة بالقرب من قلعة الكرك”.
وأضاف برقان، “أن محيط قلعة الكرك يضم مئات المباني التراثية من المنازل وغيرها وإن جرى عليها الترميم، إلا أنها ما تزال غير مستغلة بالشكل المطلوب وما زالت خاوية”، مؤكدا “أن المحافظة ومدينة الكرك تحديدا تضم ذخرا تراثيا ضخما وكبيرا يجب الحفاظ عليه والعمل على توثيقه على الأقل حاليا حرصا على غيابه في المستقبل، خصوصا أنه لا يوجد أي قانون يمنع المواطن من هدم وإزالة منزله القديم لأجل البناء الحديث مكانه”.
ودعا إلى “دعم اللجنة التي تشكلت لأجل حماية قلعة الكرك والمباني التراثية في المدينة لأجل وقف هدم المنازل القديمة التراثية وتوفير الدعم المالي لأجل ترميمها بالشكل المطلوب حرصا على تراثنا واستخدامه في الترويج السياحي بالمحافظة”.
من جانبها، قالت عضو اللجنة ورئيسة جمعية ميشع المؤابي ازدهار الصعوب “إن توجيهات جلالة الملك لأجل الحفاظ على قلعة الكرك والمباني التراثية وإحياء المدينة جاءت في وقتها لأن المباني التراثية كانت تتعرض للهدم والتخريب والإزالة، ما يعني إزالة جزء مهم من تراث وتاريخ المدينة التي تعد الأقدم في المدن الأردنية”.
وشددت الصعوب، على “أن هذا القرار سيعمل على حماية المباني والعمل على ترميمها وصيانتها وتوفير كافة السبل لإعادتها للحياة من خلال نشاطات سياحية وتراثية”.
وقال رئيس بلدية الكرك وعضو اللجنة المهندس محمد المعايطة، “إن البلدية منعت فور تسلم المجلس البلدي هدم وإزالة المباني التراثية حرصا على حماية التراث”، مؤكدا في الوقت ذاته، “أن آليات البلدية وكوادرها تقوم كل فترة بعملية تنظيف للمباني التراثية من خلال نقل كميات كبيرة من النفايات والطمم المتراكم بالأحياء القديمة والمنازل المهجورة التي أصبحت تشكل عائقًا أمام حركة السكان بين الأحياء القديمة”.
وأكد المعايطة، “أن التوجيهات الملكية جاءت لحماية المنازل والمواقع التراثية بمدينة الكرك، إضافة إلى توفير الصيانة والإدامة لقلعة الكرك”، مشددا على “أن البلدية ستوفر كافة جهودها لعمل اللجنة وما تحتاجه، وبين أن حماية التراث القديم بحاجة إلى مشروع وطني بمشاركة جهات رسمية وشعبية مختلفة لإعادة إحياء المنازل والمواقع التراثية وجعلها جزءا من الحركة السياحية كما هو الحال في المدن القديمة والعريقة”.