المخطط الشمولي المحدث للعقبة.. هل يسير بالمدينة بالاتجاه الصحيح؟

العقبة- ينظر إلى المخطط الشمولي لمدينة العقبة 2020-2040، بوصفه خطوة ترسخ منظوراً جديداً ومخططاً تنموياً واسعاً يرسم خريطة العقبة السياحية والصناعية، ويدخلها في تنظيمات مختلفة لاستغلال الأراضي، وجلب المزيد من الاستثمارات في القطاعات كافة، ويمهد الطريق أيضا أمام تحسين البيئة الاستثمارية ونقل المدينة لتكون في مصافي المدن الذكية والنمو الأخضر، بالإضافة إلى التركيز على منطقة وادي عربة.

إلا أن الأمر لم يخل من ملاحظات انتقدت تأخر نتائج تحديث ذلك المخطط لمدة أربع سنوات، لا سيما أن المخطط السابق انتهى في العام 2020، وسط خشية من أنه قد لا يعكس التطورات الحديثة والمتغيرات الكبيرة التي شهدتها المدينة على حد سواء، مثل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والتغير المناخي.

ومن أبرز أهداف المخطط الشمولي المحدث، الذي أطلقته سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، مؤخرا، أنه “جاء ليواكب التخطيط الحضري وتطبيقات المدن الذكية والوقاية من الكوارث والتخطيط القطاعي وتخطيط استخدام الأراضي، ضمن أفضل الممارسات الدولية -من منظور ياباني، فضلاً عن إعداد مصفوفة من المشاريع الرأسمالية التي سيتم تنفيذها في السنوات الست عشرة المقبلة، كما سلط الضوء على التصميم لإخراج المخطط الرئيسي الجديد عبر تحويل العقبة إلى واحد من المراكز الإقليمية للخدمات اللوجستية والسياحة والأعمال والابتكار”.
وكان المخطط الشمولي السابق قد أطلق مع بداية تأسيس منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في الفترة 2002-2020 (مخطط جينسلر)، فيما حدثت سلطة العقبة المخطط الشمولي لعشرين عاماً مقبلة، بهدف الاستمرار بما تم إنجازه سابقاً في جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية لتحسين جودة الحياة في المدينة.
بشأن ذلك، عبر الخبير في تخطيط المدن التنموية البروفيسور محمد الفرجات عن قلقه بشأن نتائج تحديث المخطط الشمولي للعقبة الذي تم تنفيذه بواسطة شركة جايكا اليابانية، مشيرا إلى أن “التحديث الذي تأخر لمدة أربع سنوات، قد لا يعكس التطورات الحديثة والمتغيرات الكبيرة التي شهدها الإقليم والمدينة على حد سواء، مثل التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية والتغير المناخي”.
وأكد الفرجات، أهمية أن يتضمن التحديث مراجعة شاملة للإنجازات والتحديات التي واجهت المخطط السابق، بالإضافة إلى إدماج مستجدات المشاريع الكبرى مثل مشروع نيوم، وتأثيرات التغير المناخي والتغيرات الديموغرافية”، مشددا في الوقت ذاته على “ضرورة أن يكون التحديث متكاملاً ويعكس احتياجات المدينة الحقيقية في مجالات مثل الماء والطاقة والبيئة، بالإضافة إلى تحسين البنية التحتية والخدمات، وتحقيق بيئة استثمارية منافسة وجاذبة ذات ميزة فريدة لإيجاد فرص عمل للأجيال الحالية المتعطلة عن العمل والأجيال القادمة”.
وأوضح الفرجات، الذي أشرف على إعداد المخطط الشمولي الإستراتيجي للبترا (2012-2032)، وأسهم بوضع الخطة التنفيذية لمشروع تطوير وادي عربة (2017-2020)، وصادق كذلك على الخطة الشمولية للجامعة الأميركية في مادبا خلال عمله في مجلس أمنائها (2016-2022) “ضرورة أن يشمل التحديث تقييماً دقيقاً للقطاعات المختلفة، مثل التجارة والسياحة والصناعة، مع الأخذ بعين الاعتبار تأثيرات الكوارث الطبيعية المحتملة”.
ونبه أيضا إلى “ضرورة إدماج رؤية شاملة تعزز من نجاح المدينة وتنافسيتها واستدامتها في المستقبل”، معرباً عن أمله في أن “يكون التحديث خطوة نحو تحسين الوضع الحالي، وأن يتم تقييم النتائج بعناية وأن يتم تنفيذ توصيات التحديث لضمان تحقيق رؤية العقبة 2040، مع ضمان أن تكون المدينة قابلة للحياة، صديقة للبيئة، وتوفر فرص العمل والرفاهية لسكانها”.
وكانت سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة قد أطلقت الخطة الرئيسية المحدثة لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، التي جاءت بدعم من مشروع تحديث المخطط الشمولي والخطة الرئيسية لمنطقة العقبة الخاصة من قبل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، حيث تم البدء بالعمل فيه منذ العام 2022.
وبالنسبة للخبير التنموي الدكتور إبراهيم النعيمات، فإن “المخطط الشمولي أخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية التي أثرت على مدينة العقبة في السنوات الماضية، إضافة إلى الدفع بإيجاد أراضٍ باتجاه وادي عربة لتمكين الاستثمارات فيها، خصوصا ما يتعلق بالاقتصاد الأخضر والطاقة”، مشيراً إلى أن “العقبة بحاجة فعلاً لتلك الاستثمارات، نظراً لموقعها الجغرافي المميز الذي يربطها بثلاث قارات وحدود ثلاث دول”.
وأكد النعيمات “أن المخطط أخذ على عاتقه استيعاب الزيادة السكانية التي وصلت في العقبة، حسب آخر تعداد سكاني، إلى ما يقارب 242 ألف نسمة”.
من جهته، يرى المتخصص في مجال العقارات، محمد الجبالي “أن المخطط الشمولي لمدينة العقبة 2024-2040 يعد خطوة في الاتجاه الصحيح ويخلق فرصاً استثمارية جديدة عقارية وصناعية وتجارية ولوجستية”، مؤكداً “أن توازن المخطط الشمولي للمدينة يضفي على القطاع العقاري صبغة حضارية متطورة تعكس الصورة المستقبلية لمدينة العقبة واستخدامات الأراضي فيها، الأمر الذي من شأنه تأمين الوضوح في الأنظمة، وبالتالي تحقيق انسيابية العمل من دون عوائق روتينية”.
من ناحيته، قال رئيس مجلس المفوضين نايف حميدي الفايز “إن إطلاق المخطط الشمولي لاستخدامات الأراضي لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة 2024-2040 يهدف إلى إدارة التنمية المستدامة والنمو الأخضر في المنطقة، والتي تضاف إلى إستراتيجية سلطة منطقة العقبة الخاصة 2024-2030 قيد التنفيذ، وتنسجم تماماً مع أهدافها وغايتها الإستراتيجية”.
وأشار إلى أن “السلطة اعتمدت منذ تأسيسها العام 2002 المخطط الشمولي لاستعمالات الأراضي في الفترة 2002-2020 (مخطط جينسلر)، واستمراراً للنهج المتكامل في التخطيط الحضري والعمراني، قامت السلطة بتحديث المخطط الشمولي لعشرين عاماً مقبلة، والاستمرار بما تم إنجازه سابقاً في النواحي الاجتماعية والاقتصادية كافة لتحسين جودة الحياة في المدينة”.
وبين الفايز “أن خطتنا نحو العقدين المقبلين بدافع تنفيذ الرؤية الوطنية لتحسين نوعية الحياة بما يشمل التنمية الحضرية، فقد شرعت السلطة في تحديد المخطط الشمولي لاستخدام الأراضي بدعم تعاون فني من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا). وهذه الخطة الشاملة الديناميكية التي تم إعدادها بالتعاون والشراكة بين جميع أصحاب المصلحة والشركاء الرئيسيين في منطقة العقبة ستوجه التنمية والاستثمارات للمنطقة، وتمكن منطقة العقبة من خلال تنفيذ سياسات النمو الحضري الذكية في جميع القطاعات بشكل مستدام، وستعزز هذا المشروع المرونة الحضرية وجودة الحياة لمدينة العقبة، حيث يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة الثلاثة عشر والأجندة الحضرية الجديدة 2030”.
وأضاف “وعليه، فإن السلطة ستكون مع شركائها قد وضعت حجر الأساس وخريطة طريق لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لمنطقة العقبة، بهدف جلب المزيد من الاستثمارات وتعزيز البيئة التنافسية إقليمياً ضمن إطار من التنمية المستدامة والنمو الأخضر بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي للأردن”.

أحمد الرواشدة/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة