الملء الأثيوبي الثاني لسد النهضة يرفع منسوب التوتر مع مصر والسودان
رفضت مصر بصورة قاطعة إعلان أثيوبيا المرحلة الثانية من ملء بحيرة سدّ النهضة المثير للجدل على النيل الأزرق، معتبرة ذلك خرقاً صريحاً وخطيراً لاتّفاق إعلان المبادئ”.
وتبلغت القاهرة من أديس أبابا ببدء تلك المرحلة ما يشي بتأجيج التوترات بين البلدين قبيل اجتماع مرتقب لمجلس الأمن حول المسألة.
وقالت وزارة الري المصرية في بيان مساء أول من أمس إن الخطوة تعد “انتهاكاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية”.
وكانت إثيوبيا أبلغت رسمياً وزير الريّ المصري محمد عبدالعاطي بدءها المرحلة الثانية من ملء خزّان السدّ الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه.
وحتى الآن لم تصدر إثيوبيا بيانا رسميا تؤكد فيه بدء الملء الثاني.
ومنذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة الذي تبنيه أديس أبابا ليصبح أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاوات.
وفي آذار(مارس) 2015، وقّع رئيسا مصر والسودان ورئيس وزراء إثيوبيا في الخرطوم اتفاق إعلان مبادئ الهدف منه تجاوز الخلافات.
وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها إذ يعتبر نهر النيل مصدرا لنحو 97 % من مياه الري والشرب في البلاد.
ويعقد مجلس الأمن الدولي بعد غد الخميس جلسة حول سد النهضة بناء على طلب تقدّمت به تونس، العضو غير الدائم في مجلس الأمن، باسم كل من مصر والسودان وبحضور ممثلين لهذين البلدين على المستوى الوزاري، وفق ما أفاد مصدر دبلوماسي. وستشارك إثيوبيا في الجلسة على الرغم من معارضتها انعقادها.
لكن السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة نيكولا دو ريفيار قال للصحفيين “لا أعتقد أن مجلس الأمن قادر بنفسه على إيجاد حل لقضية السد”، وتابع “يمكننا أن نفتح الباب، وأن ندعو البلدان الثلاثة إلى الطاولة للتعبير عن مخاوفهم وتشجيعهم على العودة إلى المفاوضات من أجل إيجاد حل”.
وبعثت وزارة الخارجية المصرية برسالة إلى مجلس الأمن الدولي لإحاطته بخطوة الملء الثاني ما “يكشف مجدّداً عن سوء نية إثيوبيا وإصرارها على اتخاذ إجراءات أحادية (…) دون اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث ويحدّ من أضرار هذا السدّ على دولتي المصبّ”.
وقالت الوزارة في بيان أمس إن وزيري خارجية مصر والسودان، التقيا أول من أمس في نيويورك لـ”إجراء اتصالات ومشاورات مكثفة مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحثهم على دعم موقف البلدين وتأييد دعوتهما بضرورة التوصل لاتفاق ملزم قانونًا حول ملء وتشغيل سد النهضة”.
وأبدى الوزيران حسب البيان، رفضهما “القاطع” للخطوة الإثيوبية.
ورغم حضّ مصر والسودان إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السدّ حتى التوصّل إلى اتّفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في 21 تموز (يوليو) 2020 أنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان البالغة سعته 4,9 مليارات متر مكعب، مشيرة إلى أنّ هذه المرحلة تسمح باختبار أول مضخّتين في السدّ الذي يبلغ ارتفاعه 145 مترا.
كما ظلت إثيوبيا تؤكد بعد ذلك عزمها على تنفيذ المرحلة الثانية من الملء، والتي تتطلب تخزين 13,5 مليار متر مكعب من الماء، إلى أن أعلنت بدأها أول من أمس.
والسبت الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال فعالية افتتاح قاعدة بحرية استراتيجية على الساحل الشمالي الغربي للبلاد، إنه “لا يجوز استمرار التفاوض مع إثيوبيا حول سد النهضة إلى ما لا نهاية”.
ونقل الموقع الرسمي للرئاسة المصرية تصريح السيسي بحضور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي.
ونهاية آذار(مارس)، حذّر السيسي من المساس بمياه مصر، قائلاً بلهجة حازمة “نحن لا نهدّد أحداً ولكن لا يستطيع أحد أخذ نقطة مياه من مصر (..) وإلا ستشهد المنطقة حالة عدم استقرار لا يتخيّلها أحد”.
وفي نيسان (ابريل) حذّر وزير الري السوداني ياسر عباس أنه في حال واصلت إثيوبيا الملء فإن السودان سيقوم بـ”تقديم دعاوى قضائية ضد الشركة الايطالية المنفذة وضد الحكومة الاثيوبية”.
وأوضح أن المتابعات القضائية ستركز على “الآثار البيئية والآثار الاجتماعية والمخاطر لسد النهضة”.
وفي السياق استنكرت إثيوبيا أمس “تدخل” جامعة الدول العربية في الخلاف بين مصر والسودان بشأن سد النهضة، حيث أعلنت دعمها لتدخل مجلس الأمن الدولي في هذه المسألة، رغم إصرار إثيوبيا على إجراء المفاوضات في إطار عملية مستمرة برعاية الاتحاد الإفريقي. -(ا ف ب)
التعليقات مغلقة.