الموقف المتخاذل لقيادات العرب والمسلمين في السويد // محمود الدبعي

 

العرب والمسلمون في السويد يواجهون وضعًا صعبًا إزاء التطورات المتسارعة في الصراع الإسرائيلي مع غزة والضفة ولبنان، خصوصًا في ظل موقف الحكومة السويدية المؤيد لإسرائيل. هذه التوجهات الحكومية، التي تصف إسرائيل بأنها دولة ديمقراطية تحارب ما يُطلق عليه “إرهاب حماس وحزب الله”، تثير انقسامًا واسعًا داخل المجتمع العربي والمسلم في السويد، وتضعهم في موقف دقيق بين الرغبة في التعبير عن تضامنهم مع الفلسطينيين وبين التخوف من وصمهم بمعاداة السامية أو دعم الإرهاب.

تأثير موقف الحكومة السويدية على العرب والمسلمين

التصريحات الرسمية التي تصدرها السويد وتقدم دعماً لإسرائيل كدولة تحارب ما تسميه بالإرهاب الحمساوي، تغض الطرف عن الانتهاكات الخطيرة التي تشهدها المناطق الفلسطينية. فالهجمات التي تطال المدنيين في غزة، وسياسة الحصار، والتجويع، والترحيل القسري للفلسطينيين تمثل نوعًا من العقاب الجماعي الذي يتعارض مع القانون الدولي. ويجد العرب والمسلمون في السويد أنفسهم في حالة إحباط من موقف الحكومة السويدية الذي لا يأخذ في اعتباره قرارات الأمم المتحدة أو محكمة الجنايات الدولية، التي ترى في بعض السياسات الإسرائيلية مخالفة لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب.

التخوف من التوصيف بداعمي الإرهاب ومعادي السامية

الخوف من تصنيفهم كداعمين للإرهاب ومعادين للسامية يقيّد قدرة العديد من قادة العرب والمسلمين في السويد على اتخاذ موقف واضح يعبر عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية. يشعر هؤلاء بأن انتقاد السياسات الإسرائيلية قد يتم استخدامه ضدهم باعتباره دليلًا على التطرف أو عدم الاندماج في المجتمع السويدي، مما يجعلهم حذرين في التعبير عن آرائهم خوفاً من العواقب القانونية والاجتماعية.

أهمية الانسجام مع القرارات الدولية

لكن يجب على قادة المجتمع العربي والمسلم في السويد أن يذكروا أن دعم القضية الفلسطينية هو التزامٌ ينبع من القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة. فقد أكدت هذه الهيئات مرارًا أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد للسلام، وأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يتعارض مع هذا الحل. إضافة إلى ذلك، تنص محكمة الجنايات الدولية على أن بعض السياسات الإسرائيلية، مثل تهجير الفلسطينيين وسلب أراضيهم، قد تشكل جرائم ضد الإنسانية.

دعوة لموقف عربي ومسلم قوي ومتوازن في السويد

ينبغي على العرب والمسلمين في السويد السعي لتشكيل صوت موحد ومؤثر، يتوافق مع القانون الدولي ويبرز الحقائق الإنسانية للصراع. عبر وسائل سلمية ودبلوماسية، يمكن لقادة الجالية العربية والمسلمة توعية المجتمع السويدي بالمعاناة التي يمر بها الشعب الفلسطيني جراء هذه السياسات. كما يمكنهم العمل على تشكيل شراكات مع جماعات حقوق الإنسان ومنظمات السلام في السويد لتوعية الرأي العام السويدي بأن التضامن مع الفلسطينيين لا يعني معاداة السامية، بل يعكس احتراماً للعدالة الإنسانية والقيم الدولية.

يتطلب الأمر أيضًا تفعيل دور العرب والمسلمين في النقاشات السياسية السويدية، لضمان أن صوتهم يكون له تأثير على صناع القرار، وأن موقفهم يتجسد في دعم الحلول السلمية والعادلة للصراع، بما يتوافق مع مبادئ حقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة.

محمود الدبعي

رئيس المنظمة الدولية للسلام و الدمقراطية و المواطنة

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة