المياه والمخدرات واللاجئون على الطاولة الأردنية السورية
بعد سنوات من الصراع في سورية، بدأت يعود لها الاستقرار في الأسابيع الماضية ببطء، ما يفتح المجال لتعاون جديد بين عمان ودمشق.
ولطالما اعتُبر الأردن مهما لسورية، ولديه مصالح إستراتيجية في استقرار جارته الشمالية، خاصة فيما يتعلق باللاجئين والأمن.
وكما أن الأردن يريد من سورية إتمام ملفات عدة من بينها المياه والمخدرات واللاجئون، فإن دمشق تريد من عمّان ملفات من بينها الكهرباء والعمق الإستراتيجي.
ومن هنا، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الألمانية الأردنية د.بدر الماضي، إنه في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها العاصمة السورية دمشق بعد سقوط النظام السابق وبعد ان أبدت الإدارة الجديدة في الحكم مرونة غير متوقعة وغير مستحبة من بعض القوى الإقليمية، يبرز الموقف الأردني مما جرى كموقف يمكن أن يؤسس عليه في المرحلة القادمة في المجالات كافة سواء منها السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي.
وأضاف الماضي “من هذا المنطلق، كان لا بدّ من الأردن أن يقوم بموازنة مواقفه السياسية بما يضمن التناغم مع الدولي والإقليمي والمحلي”.
وأكد أنه على صعيد البعد الداخلي هناك اندفاعة أردنية شعبية لرؤية سورية جديدة خالية من حكم الاستبداد الدي حكم البلاد طويلا، مما شكل مدخلا أساسيا في عملية صناعة القرار الأردنية تجاه ما يجري هناك وتجاه الموقف الذي يمكن تبنيه حتى وإن اختلف في الجوهر مع بعض الحلفاء والأصدقاء في المنطقة.
وتابع الماضي “للأردن الرسمي والشعبي الكثير مما يمكن أن يتم الحديث به مع الإدارة السورية الجديدة، حيث تبرز القضية الأمنية والمخدرات على رأس أولويات مطبخ القرار الأردني بعد معاناة طويلة جدا في ظل النظام السابق”.
وأوضح أن الأردن واجه مشاريع “ميليشيات طائفية” على حدوده الشمالية، بالإضافة إلى المعركة المجنونة التي قادتها عصابات المخدرات وبرعاية رسمية وميليشياوية لسنوات طوال، لذا ستكون هذه القضايا الأمنية والمخدرات على رأس أولويات وأجندة اللقاءات الأردنية السورية.
كما تظهر القضية الاقتصادية كأولوية للطرفين الأردني والسوري، بحسب الماضي، الذي لفت إلى أن الحاجة المتبادلة لتعاون اقتصادي تجاري صناعي بين البلدين وعلى أعلى مستويات التنسيق، حيث يمكن أن يشكل هذا التعاون نواة لهلال اقتصادي وكمركز عبور تجاري بين بلدان الإقليم مثل تركيا، سورية، الأردن، السعودية، وبالإضافة للبنان وبعض دول الخليج.
وقال “تشكل تجارة الترانزيت والخطوط التجارية الدولية محورا مهما من محاور التأثير الايجابي للعلاقة بين البلدين لما يشكله هذا الموقع من ميزة تجارية تنافسية لايتوفر لمثير من دول الإقليم”.
وأضاف الماضي “تشكل قضية اللجوء السوري أحد المحاور الرئيسة التي ستكون على طاولة الحوار حيث يستضيف الأردن أكثر من نصف مليون سوري على أراضيه منذ عام 2011، حيث برز الدور الأردني كنموذج خاص لاستضافة اللاجئين السوريين بالرغم من الإمكانيات الاقتصادية المتواضعة للمملكة ولكن تم تعويض ذلك بالموقف الأخلاقي والإنساني بكيفية التعامل مع السوريين لذا توفير بيئة آمنة لعودة هؤلاء اللاجئين ستكون مطلبا أردنيا مما سينعكس إيجابا على كلا الطرفين”.
وأكد أن قضية المياه شكّلت عنصرا مهما من عناصر التأزيم مع النظام السابق، وحالة الإنكار للحقوق المائية الأردنية من قبله بالرغم من أن القوانين الدولية الخاصة في مسألة المياه ضمنت الحقوق الأردنية، ولكن الأردن اختار عدم التصعيد في هذا المجال لقناعته بضرورة أن تحل هذه القضايا أخويا بين الأطراف العربية.
واعتبر الماضي أن قضية المياه ستأخذ مساحة واسعة من الحوار المرتقب بخاصة في ظل المعاناة الأردنية من مشكلة المياه وإمكانية توفرها من الجانب السوري والذي سيعطي المملكة مساحة للمناورة في هذا المجال، بخاصة وأن الجانب الإسرائيلي حرص دائما على استفزاز الأردن في هذه القضية.
وقال إن سورية ستحتاج للطاقة الكهربائية سواء عبر إمكانية تزويدها بالكهرباء الفائضة عن الحاجة او عبر خط الغاز العربي والذي سيساهم بإعادة العجلة للحياة الاجتماعية والاقتصادية والصناعية لدولة سورية في المستقبل.