النهضة التنموية بعجلون.. هل تتعثر بملفات بيئية عالقة؟
ما تزال محافظة عجلون، ورغم كل الجهود الرسمية والتطوعية والتوعوية، تعاني من عدة بؤر بيئية ساخنة، تعد بالإضافة لآثارها السلبية، معيقا في وجه التنمية، لا سيما السياحية والتي بدأت تخطو إليها المحافظة مع وجود مشاريع جاذبة للزوار والاستثمار، ويتصدر قمة هرمها مشروع التلفريك الذي أنجز مؤخرا بانتظار افتتاحه رسميا.
هذه البؤر والملفات التي يجب أن تغلق تماما، وفق خبراء وناشطين، تبدأ بنظافة المواقع السياحية والغابات، وإنهاء مشكلة مخلفات التنزه، وحماية الأشجار البرية من الحرائق والتعدي، ووقف المقالع الحجرية غير المرخصة، وإنهاء مشكلة مخلفات المعاصر من مادتي الجفت والزيبار.
ويقول سكان وناشطون إن التخلص من البؤر البيئية الساخنة ضرورة للنهضة التنموية، مؤكدين أن القضية لم تعد مسألة رفاهية، بقدر ما هي أصبحت حاجة أساسية يجب إنجازها، وبالتزامن مع النهضة التنموية والسياحية المتوقع أن تشهدها المحافظة، لافتين إلى أهمية زيادة الدعم للجهات الرقابية، ونشر الوعي المجتمعي، وتفعيل التشريعات التي تضمن إيجاد الحلول الجذرية لعديد من البؤر الساخنة منذ عقود.
الناشط منير شويطر يقول معلقا على حملة نظافة شاملة أجريت أمس لمواقع سياحية بمنطقة راسون” كل عام تقام هذه الحملة ولكن للأسف تعود المنطقة كما كانت، فنحن بحاجة لنشر ثقافة الوعي لدى المواطن وهذا لا يأتي إلا من خلال تغيير ثقافة الفرد لتصبح سلوكا، وهذا يأتي من خلال إدراج هذه الثقافة في مناهجنا ومن خلال وزارة الأوقاف، وغيرها، فالنظافة من تعاليم ديننا السمح وليست شعارات”.
ويقول الخبير في الشأن البيئي المهندس خالد العنانزة، إن البؤر البيئية الساخنة، لا سيما ملف المقالع الحجرية، والطرح العشوائي للأنقاض، ومخلفات التنزه في محافظة عجلون، ستبقى تؤثر سلبا على عموم التنمية خصوصا السياحية، مشددا على أهمية الحفاظ على الجانب البيئي في المحافظة والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بموضوع السلامة العامة والتنمية السياحية، والتزام أصحاب المقالع الحجرية بتنفيذ أحد أهم اشتراطات التراخيص لهذه المقالع، والمتمثل بتعهدهم بإعادة تأهيلها وإصلاح الضرر بعد استكمال العمل بها، لضمان السلامة العامة وعدم تشوه الطبيعة.
ودعا الناشط عامر الزغول إلى إيجاد مكتب دائم لهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن في المحافظة، لممارسة دورها التنظيمي والتراخيص التي تقع على عاتق الهيئة، وتعزيز دور مديرية البيئة الذي يقتصر على الجانب الرقابي وتشديد الرقابة على مواقع التنزه واتخاذ العقوبات المناسبة بحق المخالفات البيئية.
وشدد رئيس جمعية البيئة الأردنية الزميل علي فريحات على أهمية معالجة مختلف البؤر البيئية في عجلون، وإيجاد الحلول الجذرية لها، خصوصا فيما يتعلق بتنظيم ملف المقالع، وتشديد الرقابة وعدم السماح بإقامة مثل هذه الأنشطة بالقرب من التجمعات السكانية والأنظمة البيئية المهمة، وان تخضع هذه المشاريع لدراسات تقييم الأثر البيئي والاجتماعي الشاملة قبل منح الترخيص، مبينا أن المقالع الحجرية في المحافظة، ومخلفات التنزه، والطرح العشوائي للأنقاض ستبقى تشكل تهديدا مباشرا للغابات، وتشويه الطبيعة، وتؤثر سلبا على التنمية السياحية المنشودة.
وتؤكد تقارير لمديرية البيئة في المحافظة أن “هناك نسبة كبيرة من تلك المقالع التي لا تقوم بأي إعادة تأهيل بعد إنهاء العمل، رغم اشتراط ذلك عليها، وتوقيعها على كفالات”.
وعرضت المهندسة رهام المومني من مديرية زراعة المحافظة، الجهود التي تبذلها المديرية للحفاظ على الغابات والثروة الحرجية في المحافظة والتي تشكل ما نسبته 34 % من مساحتها، مشيرة في هذا الخصوص الى قانون الزراعة الجديد لعام 2015 الذي غلظ العقوبات على المعتدين على الثروة الحرجية، ما ساهم الى حد كبير في خفض التعديات على الحراج، بالإضافة للمتابعة المستمرة وعلى مدار الساعة من قبل دوريات الحراج بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والإدارة الملكية لحماية البيئة، الى جانب بناء العديد من أبراج المراقبة وزيادة أعداد الطوافين.
واعتبرت أن الإضرار بالبيئة هو إضرار بثروة وطنية لا تقدر بثمن، وأن الحفاظ عليها مسؤولية جماعية وواجب وطني نظرا لأثر ذلك على صحة وسلامة الانسان وعموم التنمية.
من جهته، أكد مدير البيئة في محافظة عجلون الدكتور مشعل الفواز، أن قسم التوعية في المديرية، نظم بالشراكة مع الإدارة الملكية لحماية البيئة والزراعة 42 محاضرة في مدارس المحافظة خلال الربع الأول من العام الحالي، مشيرا إلى أن المحاضرات كانت تشمل التوعية والتثقيف حول مخاطر وأضرار الرمي العشوائي للنفايات على البيئة ومحاضرات حول التنوع الحيوي والتغير المناخي وإدارة النفايات الصلبة والاحتباس الحراري وغيرها من المحاضرات.
وبين أن لجنة من مديرية البيئة والإدارة الملكية لحماية البيئة وهيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن بدأت جولات ميدانية لحصر أعداد المقالع في المحافظة ما بين مرخص وغير مرخص بغية تحديدها ومعرفة العدد الفعلي لها من أجل التعامل مع واقعها واتخاذ الإجراءات اللازمة حسب الواقع وبما يتماشى مع القوانين والأنظمة، لافتا إلى أن المديرية حولت العام الماضي 18 قضية بيئة مخالفة إلى النائب العام، كالسماد العضوي غير المعالج وبعض محال السكراب، فيما تم إغلاق 23 مقلعا ومحال مخالفة خلال نفس الفترة، كما تم التعامل مع زهاء 135 شكوى بيئية مختلفة داخل المحافظة وضمن الوحدات الادارية، والمشاركة في 7 حملات تطوعية للحفاظ للحفاظ على البيئة في منطقة اشتفينا ومناطق أخرى تشهد كثافة بعدد زوار المحافظة من داخل المملكة وخارجها.
وأكد رئيس مجلس محافظة عجلون عمر المومني، أن المجلس خصص العام الماضي مبلغ 50 الف دينار للمديرية، بحيث تم شراء حاويات معدنية للنفايات بالمبلغ ووزعت على البلديات ومديرية السياحة ومحمية غابات عجلون.
وزاد أن المحافظة مقبلة على نهضة تنموية واستثمارية، مبينا أن حفاظنا على البيئة هو حفاظ على صحة وسلامة المجتمع وحماية موارده من العبث، مثمنا الجهود التشاركية بين المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني في هذا الاطار وضرورة إطلاق المبادرات التوعوية التي من شأنها تعزيز وتعميق السلوكات الإيجابية تجاه البيئة والحفاظ على الغابات.
الغد/ عامر خطاطبه
التعليقات مغلقة.