انخفاض الاعتداءات على أحراج عجلون وجرش 80 %.. و”الزراعة” تشدد الرقابة
مع دخول الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يخشى ناشطون في محافظتي عجلون وجرش، من أن تقدم بعض العصابات على ارتكاب اعتداءات بالتحطيب وتدمير آلاف الأشجار الحرجية في مناطق الغابات والأحراج، ما ينعكس سلبا على الثروة الحرجية والغابية في المحافظتين، ويلقي بتأثيراته المدمرة على البيئة في الأردن.
وتستغل هذه المجموعات التي تمارس جرائمها بحق ثروتنا الحرجية، تزايد الطلب على التدفئة خلال الشتاء، بالاعتداء على الأحراج وتحطيب اجزاء منها لبيعه للمواطنين الذين يرون بان كلفة الحطب لتدفئة منازلهم وأسرهم، أقل من كلفة المحروقات أو حتى الكهرباء المستخدمين في التدفئة.
وفي هذا النطاق، فإن الناشطين بحماية الأحراج، بينوا أنه مقارنة بسنوات ماضية، كانت تتجاوز فيها الضبوطات الحرجية في المحافظتين مئات الاعتداءات سنويا حتى وصلت لأكثر من 80 % من إجمالي الضبوطات في الأعوام الثلاثة الاخيرة، مؤكدين أن مرد ذلك سببه تكثيف الجهود الرقابية والتوعوية، ما أسهم بالحد من هذه الجرائم البيئية.
الناشط علي القضاة، قال إنه برغم التراجع الكمي والنوعي للتعدي على الغابات، لكن ثمة تعديات محدودة تقع بين حين وآخر، ما يستدعي تشديد الجهود الرقابية، وصولا الى وقفها تماما، وضبط فاعليها وتحويلهم الى القضاء، مطالبا بضرورة تعزيز عمليات حماية الغابات من عصابات التحطيب، آملا ان تتوقف جرائمهم نهائيا.
في المقابل، تؤكد جهات رسمية، أبرزها مديرية الزراعة والشرطة البيئية، مواصلة جهودها في وضع حد لهذه الاعتداءات، والحزم باتخاذ تدابير وقائية وتكثيف الإجراءات الرقابية على الأحراج لمنع المعتدين من التحطيب.
وطالب الناشط خالد عنانزة، بوقفة شعبية حقيقية وصارمة بوجه عصابات وتجار الحطب، ومراجعة القوانين الناظمة في هذا الجانب، لتشديد العقوبات، وتوسيع الأنشطة التثقيفية والتوعوية، وإيجاد بدائل للتدفئة الى جانب خفض أسعار المحروقات كالغاز والكاز والديزل في الشتاء، وتعزيز دور جمعيات ومؤسسات حماية البيئة، للوقوف في وجه عصابات التحطيب.
وفي وقت تبلغ فيه مساحة محافظ عجلون 419 ألف دونم، فإن نسبة الحراج تشكل فيها 34 %، أي انها تصل الى ثلث المساحة، وهي من أعلى نسب الأحراج في المملكة، ما يتطلب جهودا كبيرة للحفاظ عليها من الاعتداءات.
عضو مجلس المحافظة منذر الزغول، قال إنه برغم تراجع التعديات على الأحراج في المحافظة في الاعوام الثلاثة الاخيرة بنسبة تصل لـ80 %، لكن المخاوف، تبقى قائمة في الشتاء البارد، وفق مديرية زراعة المحافظة، ما يستدعي زيادة أعداد الكوادر الرقابية فيها وتزويدها بالإمكانات كافة، لضمان حماية فاعلة لها.
وأكدت المديرية، أن ما حدث من انخفاض في التعديات، مرده للجهود التشاركية، التي انتهجتها مديرية الزراعة والشرطة البيئية وفق خطة محكمة، تسعى للحفاظ على ثروتنا الوطنية.
وأكد الناشط البيئي محمد الخطاطبة، أن وجود زهاء 50 طوافا في عجلون، لا يحقق تغطية للمساحات الحرجية الكبيرة في المحافظة، مؤكدا الحاجة لمزيد من الدوريات وعمال الحماية لتؤدي مهامها في نطاق منتظم وحرفي وعلى مدار الساعة، وتعزيز امكانياتها وتحسين ظروف عملها الصعبة، بخاصة وانها تعكل في مناطق ذات تضاريس صعبة، ما يضطرهم لبذل جهود جبارة للحفاظ على هذه الثروة الوطنية.
وأكد أهمية تفعيل وتزويد الأبراج في الأحراج والغابات بكوادر ومحطات لاسلكية للحفاظ على الرقعة الخضراء، ومحاولة زيادتها في المحافظة، ورسم مسار إستراتيجي، يعوض الفاقد من الأشجار الناجم عن حوادث الحرائق والتعديات والتقطيع الجائر، بتكثيف حملات غراس الأشجار وتحريج المساحات المتضررة، وزيادة الرقعة الخضراء في المناطق الجرداء.
ولفت المواطن حسان عريقات، لضرورة عدم الاكتفاء بغرس الأشجار في مشاريع التحريج، بل ورعايتها ومتابعتها وسقايتها طوال العام، خصوصا في المواقع القريبة من مصادر المياه لتسهيل.
من جهته، نوه مدير زراعة المحافظة رامي العدوان بجهود الجهات المساندة من المحافظة والشرطة البيئية للحفاظ على ثروتنا الوطنية، مشيرا إلى أنه سجل العام الحالي 50 ضبطا حرجيا وحريقا واحدا فقط.
وبين العدوان، أنه وفي الأعوام الثلاثة الماضية، عقد أكثر من لقاء مع كوادر مديرية زراعة عجلون، بخاصة مع الطوافين للوقوف على طلباتهم واحتياجاتهم، وبحث أفضل وأنجع السبل للحفاظ على الثروة الحرجية في المحافظة التي تمثل رئة الأردن.
وأضاف أن المديرية تعمل على تحريج مساحات واسعة في منطقة راجب، وأنها أوقفت العام الحالي التراخيص التي كانت تمنح للمواطنين لتخويلهم جمع كميات من الأحطاب الجافة وسط الغابات، بعد أن لاحظت عن طريق جواليها، بأنه يجري الالتفاف على المسموح لهم القيام به بخصوص الأحطاب التي يجمعونها.
من جهته، أكد محافظ عجلون نايف الهدايات أن الحاكمية الإدارية بالمحافظة، تبذل قصارى جهدها للمحافظة على الثروة الحرجية، لافتا إلى أهمية التعامل بحزم مع أي محاولات تعد، وإيقاع أشد العقوبات بالمخالفين ليكونوا عبرة للآخرين، وهذا بدوره يسهم بالحد من التعديات وانخفاضها بصورة كبيرة.
وأشاد الهدايات بأداء مختلف الجهات والأجهزة المعنية بحماية الغابات، باعتبارها ثروة وطنية لا تقدر بثمن، وتلعب دورا تنمويا كبيرا في المحافظة ذات الطبيعة المميزة.
أما في محافظة جرش، فلا يختلف الوضع عنه في عجلون في قصة الاعتداء على الأحراج مع بداية الشتاء، وقد تمكنت وزارة الزراعة بالحد من هذه الظاهرة، ومصادرة كميات من الأحطاب في المحافظة، أقدم على تحطيبها من أحراج المحافظة، أفراد وبكميات بسيطة، وفق رئيس قسم حراج جرش فايز الحراحشة.
وأكد الحراحشة أن عدد الاعتداءات على الأحراج في جرش لهذا العام بسيط جدا، ولا يذكر ولا يتجاوز العشرات، وقد ساهمت الإجراءات التي اتخذتها مديرية الزراعة بالحد من الاعتداء على الثروة الحرجية التي تتزايد هذه الفترة، بخاصة وأن أغلبية الأهالي يعتمدون على الحطب في التدفئة.
وقال إن المديرية ترفع جاهزيتها في الشتاء، لاعتماد آلاف الأسر في قرى وبلدات المحافظة على الحطب للتدفئة، للحد من عدد الاعتداءات على الغابات، لافتا إلى أن سبب هذا التراجع الذي شهدناه، هو عمليات تشديد الرقابة من كوادر المديرية بالتعاون مع الجهات المعنية لمنع أي اعتداء واتخاذ عقوبات رادعة بحق كل معتد، بخاصة وأن أشكال الاعتداء تتمثل بالقطع والرعي الجائر وافتعال الحرائق.
ويرى أن أبرز المعتدين على الأحراج بتقطيع الاشجار الحرجية هم تجار الحطب، ومن يستغلون حاجة الأهالي للتدفئة في الشتاء ببيع الحطب لهم، بعد تقطيع أشجار الأحراج في عمليات اعتداء تعد جرائم بيئية، أما المواطنون الذين يستخدمون الحطب بالتدفئة، فيحصلون على الحطب بطرق قانونية عن طريق رخص تقليم أشجارهم أو بالحصول عليه عن طريق رخص جمع الأغصان الجافة أو شراء الحطب من المديرية.
وبين أن أهم الإجراءات الرقابية، هي دوريات الطوافين، اذ لا يقل عددها عن 8 دوريات منتظمة تعمل على مدار الساعة، وزيادة كادر الطوافين وتشغيل أبراج المراقبة طوال اليوم، فضلا عن تغليظ العقوبات على المعتدين وحالات الضبط بالتعاون مع الجهات المعنية، مما يضع حدا لتجار الحطب والمعتدين من الاستمرار بجرائمهم ضد الثروة الحرجية.
وبين أن مديرية الزراعة باعت هذا العام 80 طنا من الأحطاب للمواطنين المتقدمين إلكترونيا لشرائها، وهذه الكميات تجمع من مخلفات الحرائق والاغصان الجافة والمتكسرة، والاحطاب التي تصادر من المعتدين، بخاصة وأن عدد المتقدمين للشراء منخفض لهذا العام، لا يزيد على 50 طلبا، ما يدل على أن أغلبية المواطنين يستبدلون الحطب بالجفت أو مواد تدفئة أخرى.
وأوضح أن من بين الإجراءات التي ساهمت بالتخفيف من ظاهرة الاعتداء على الثروة الحرجية، زيادة الوعي بأهمية الغابات وخطورة الاعتداء على الأحراج، وأثر هذا الاعتداء على البيئة والصحة والاقتصاد، ودور الأحراج بالحفاظ على التوازن البيئي، فضلا عن زيادة محطات المراقبة والأبراج والدوريات في مختلف المناطق الحرجية، والتي تعلم على مدار الساعة في مراقبة الأحراج.
وأضاف الحراحشة، أن وزارة الزراعة تستخدم منذ عدة أعوام طائرة بدون طيار، تمسح الغابات عن طريق تصويرها، والتعرف على المناطق التي تتعرض للاعتداء والعبث من معتدين على الثروة الحرجية، ورصد تحركاتهم، مبينا أن قانون الزراعة في العام 2015 غلظ العقوبات بشأن المعتدين على الثروة الحرجية، بالتعاون مع الحكام الإداريين، مؤكدا عمله كرادع لكل من تسول له نفسه الاعتداء على هذه الثروة أو العبث بها، بخاصة مع تعيين قاض خاص للنظر في قضايا الاعتداء عليها بسرعة، وإيقاع أقصى العقوبات بحق المعتدين.
وأشار الى ان المديرية تعكف على اعداد خطط للمحافظة على مشاريع التحريج، التي انجزتها في مختلف مناطق المحافظة، بدءا من اتخاذ اجراءات عاجلة للحد من الاعتداءات عبر دوريات ثابتة على مداخل ومخارج الغابات، ضمن مناوبات لا تتوقف، وزيادة المساحات الحرجية عن طريق متابعة زراعة الأشجار الحرجية، وتوفير الظروف الملائمة لنموها وبقائها، بخاصة وان المديرية توفر هذه الأشتال بالمجان.
وتقوم المديرية كذلك بإنتاج الغراس في مشاتلها، والسعي لزيادة رقعة المساحات الخضراء، وترميم الغابات الطبيعية، وزرع غابات ومساحات خضراء جديدة. فضلا عن أن هناك إجراءات مغلظة تنتظر كل من تسول له نفسه بالتمادي على الأحراج، مطالبا باتخاذ اجراءات وقائية، كالقضاء على التحطيب غير القانوني، ومعالجة انتشار النفايات على اطراف الشوارع والغابات، والمحافظة عليها من العبث والتخريب.
وأوضح أن الزراعة لا تسمح للمواطنين بتحطيب الأماكن التي تعرضت للحريق، مشيرا إلى أن هناك فريق استثمار تابع للمديرية يقص الحطب ويبيعه للمواطنين بطرق قانونية وبأقل الأسعار، بحيث يصل سعر الطن الواحد لـ55 دينارا، مشيرا إلى أن الحطب الذي يسمح للمواطنين بالحصول عليه هو أغصان رفيعة وبقايا لا يمكن استثمارها.
وتقوم المديرية في كل عام، بمنح المواطنين الذين يملكون قطع أراض فيها أشجار حرجية رخص استثمار لغاية تقليم أو إزالة الأشجار الحرجية، للاستفادة من حطبها في الشتاء، أما المواطنون الذين لا يملكون مثل هذه الاراضي، فيمنحون تراخيص للحصول على الأغصان الجافة والتالفة والمتساقطة في أماكن تحدد لهم في الغابات، للحصول على الحطب من دون أعباء مالية.
ومن الجدير بالعلم، أن آلاف الأسر تلجأ لاستخدام الحطب والجفت في التدفئة لعجزها عن استخدام مشتقات الوقود أو الكهرباء أو الغاز، لارتفاع أسعارها، فمنهم من يشتري الحطب من تجار الحطب ومنهم من يحصل على رخصة من زراعة جرش لجمع الأغصان الجافة والمتكسرة لتغطية حاجة أسرته خلال أشهر الشتاء.