بدون ورق …. بدون أقلام …نحيا // د .رياض خليف الشديفات

بدون ورق …فما فائدة الورق؟ بدون أقلام …فما فائدة الأقلام؟ بدون كتب …فما فائدة الكتب؟ بدون مؤهلات عليا أو دنيا …. فما فائدة المؤهلات؟ بدون مبادئ …ما فائدة المبادئ؟ بدون أخلاق …فالسوق يتطلب شطارة ومهارة …. بدون بطولات …فالبطولات ميدانها ليس هنا ….
لست هنا لأتحدث عن الورق ، ولا عن القلم ، ولا عن الكتب والمكتبات والكُتاب ، ولا عن المبادئ التي صارت بين الناس أوهى من بيت العنكبوت ، ولا عن المؤهلات في سوق العرض والطلب ، ولا عن الأخلاق التي تبخرت لدى مجتمعات البزنس والمصلحة ، ولا عن البطولات التي صار مكانها كتب التاريخ والمسلسلات والأفلام وقنوات الدراما ، ولا عن من نحن ومن نكون ، ولا عن العلاقات الاجتماعية التي أصبحت “كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ” ولا عن أنساب القوم بين كان وياما كان ، ولا عن النطنطة هنا وهناك لإثبات وجاهة اجتماعية في مجتمع كله يضحك على كله ، ولا عن الإدارة وفرسانها وبرامجها ، ولا عن …ولا عن …ولا عن …فالدين جعلوه نسخاً شتى ، والقوم شيع وأحزاب ، والنخب على المقاس .
بدون ورق وبدون أقلام كل ما سبق منه نسختان: نسخة للمجالس عند الطلب والحديث والتنظير، ونسخة لا مكان لها من الإعراب تماماً كالقوم داخل المسجد وخارجه، داخل المسجد مجموعات ملائكية بهدوئها وسكينها وآذانها المصغية للمواعظ وما يقال، ونسخة خارج المسجد تمجد الواقع وتسبح بحمد المصالح وأهلها، ولا تستطيع أن تغرد خارج السرب، ولا يمكنها التغميس خارج الصحن إلا بالقدر الذي تسمح به ضرورات الموقف.
وبدون ورق ولا أقلام …. الورق هنا للزينة …والأقلام بكل ألوانها الزاهية لتكريس المظاهر والمدح والثناء …والمؤهلات هنا للزينة الاجتماعية بوضع الدال أو الميم وأخواتهما أمام الأسماء، والمبادئ للتنظير في المناسبات واللقاءات، والأخلاق مكانها رفوف الكتب وبين بسطاء الناس وعامتهم، أما البطولات فهي من نوع آخر بحسب مقتضيات الحال مع التقاط الصور واستعراض الإنجازات والجلوس في المقاعد المحجوزة أو المسموح الجلوس عليها .
وبدون ورق ولا أفلام لكل ما سبق رواده في زمن ثقافة ” التوصيل ” بحاضر وجاهز حسب الطلب، وفي زمن ثورة التفاهة بكل مستوياتها، والهاء المجتمعات، ومن لا يعجبه يضرب رأسه بالحيط، ففي هذا الزمن في فمي ماء ، فإذا أردت العيش بسلام فعش بدون ورق ولا أقلام ، فالصراحة تقلل الأصدقاء وتزيد في عدد الأعداء ، ولا تجادل خصومك ولا المعاندين لك ، فالناس يريدونك مجاملاً ، والحكومة تريدك مواطناً مطيعاً ، وأولادك يريدونك صرافاُ آلياً حسب الطلب ، والناس حولك يريدونك سلماً يصعدون عليه ،

والله المستعان .

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة