براءة الإسلام من تهمة الدعوة إلى التفرقة ، دين يُجمع ولا يفرق// د. رياض الشديفات

–
من أبسط مبادئ الإسلام التي جاء ليقررها للناس جميعاً هي دعوته إلى الوحدة وتنفيره من الفرقة ، وقد جاءت آيات كثيرة تقرر هذه الحقيقة الثابتة في دعوة الناس إلى عدم التفرق والاختلاف ، ولعل نظرة سريعة إلى بعض هذه الآيات تبين مقدار حرص الإسلام على تأليف القلوب وجمع الناس على كلمة سواء كقوله تعالى: ” وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون “( المؤمنون 52) . وقوله : ” يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” ( الحجرات ) وقوله : وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ” ( المائدة ) وقوله :” يا أيها الذين اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ” كما جاءت الأحاديث الشريفة تبين وحدة الجنس البشري وتحذر من الخلاف والاختلاف المفضي إلى النزاع كقوله صلى الله عليه وسلم : “كلكم لآدم وأدم من تراب” ” ولا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ” ” ليس منا من دعا إلى عصبية ” ” دعوها فإنها نتنه ” ” لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ” وغير هذا كثير مما يؤكد على الطبيعة العامة للإسلام في الدعوة إلى عدم الانقياد لصوت الفرقة .
ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها عن الواقع المرير الذي نعيشه ونشاهده مما يدمي القلب ويبعث على الحزن والأسى ، لماذا يحدث كل هذا بين أبناء المصير المشترك والهدف المشترك ؟ ألا يدركون خطورة هذا الصراع الذي يفتت الأوطان ويمزق الكيان ؟ لماذا كل الخلاف يقع بين أبناء الأمة الإسلامية ؟ أليس الدين الإسلامي عامل وحدة لهذه الأمة ؟ ألم يكن الإسلام هو الذي جمع وألف بين العرب بعدما كانوا قبائل متناحرة متصارعة ؟ فمن أين جاء كل هذا الخلاف والصراع الذي نشاهده بين أبناء الأمة الواحدة ؟
وحقيقة الأمر أن المشكلة لا تكمن في النصوص التي تنبذ الخلاف والفرقة ، وتحرم ما من شأنه تفريق الجماعة ،فيد الله مع الجماعة ، ولكن المشكلة تكمن في التطبيق والفهم ، حيث أن كل فئة من أبناء الأمة تعطي نفسها حق الفهم الصحيح ، وتعيب على غيرها مخالفتها ، كما أن الهوى في الفهم يقود إلى ما نلاحظه من فهم خاطئ ، ومن تأويل للنصوص المحتملة للمعاني المتعددة ، فنصوص القرآن في بعض المسائل تحتمل تعدد المعاني بحسب دلالات اللغة ، وبحسب طريقة الاستنباط والفهم لهذه الفهم ، وقد وقعت الأمة ضحية الفهم الخاطئ في