بعد تهديدات “الفصائل”.. التحالف الدولي ينهي “المهام القتالية” بالعراق
أعلن العراق امس نهاية “المهام القتالية” لقوات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن على أراضيه، لتصبح مهام تلك القوات مهام تدريب واستشارة حصراً، وذلك بعد تهديدات الفصائل العراقية الموالية لايران، والتي استهدفت قواعد عسكرية تابعة للتحالف والاميركيين.
وإذا لم يغير هذا الإعلان كثيرا في الوضع على أرض الواقع، إلا أنه أساسي بالنسبة للحكومة العراقية التي تعطيه أهمية كبرى بمواجهة تهديدات الفصائل الموالية لايران تطالب بمغادرة كافة القوات الأميركية البلاد.
وأعلن عن هذا التغيير في مهمة التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش” أوّل مرة في حزيران (يوليو) في واشنطن على لسان الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الولايات المتحدة.
وفي تغريدة، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في ختام اجتماع مع قيادة التحالف “اليوم (امس) أنهينا جولة الحوار الأخيرة مع التحالف الدولي والتي بدأناها في العام الماضي، لنعلن رسميا انتهاء المهام القتالية لقوات التحالف” مضيفا ان العلاقة “ستستمر في مجال التدريب والاستشارة والتمكين”.
في الواقع، سيبقى نحو 2500 جندي أميركي و1000 جندي من قوات التحالف في العراق. هذه القوات لا تقاتل وتقوم بدور استشارة وتدريب منذ صيف 2020.
وتشكل التحالف الدولي بقيادة واشنطن والذي يضم أكثر من 80 دولة، بما في ذلك فرنسا وبريطانيا والعديد من الدول العربية، في عام 2014 لدعم الهجمات في العراق وسورية ضد تنظيم “داعش”.
وأعلن العراق النصر على المتطرفين في كانون الأول (ديسمبر) 2017. لكن الهجمات ضد قوات الأمن متواصلة وشهدت الأسابيع الماضية عدة هجمات آخرها مقتل العديد من مقاتلي البشمركة الكردية في شمال العراق في هجمات للتنظيم.
ويطالب الحشد الشعبي تحالف فصائل شيعية منضوية في الدولة ولديها حضور سياسي فاعل وحليفة لطهران، بقوّة برحيل القوات الاميركية.
لكن من غير المحتمل أن تخلي واشنطن الساحة في البلاد لصالح النفوذ الإيراني، في الوقت الذي تخوض وطهران والولايات المتحدة مفاوضات لإحياء اتفاقية الدولية لعام 2015 المتعلقة بالملف النووي الإيراني.
بالنسبة للمحلل نيكولاس هيراس ، تحتفظ الولايات المتحدة “بنفس الدور العسكري في العراق” ، لكن ما يتغير هو “الرسالة”.
ويوضح أن “البيئة السياسية والأمنية في العراق متوترة للغاية لدرجة أن إدارة بايدن تريد من الولايات المتحدة أن تبقى بعيدة عن الأضواء وتتجنب الأزمات، خاصة مع إيران”.
في الأشهر الأخيرة استهدفت عشرات الهجمات الصاروخية أو الهجمات بالقنابل بطائرات بدون طيار القوات الأميركية ومصالح أميركية في العراق. ولا يتم تبني هذه الهجمات لكن تنسبها الولايات المتحدة إلى فصائل موالية لإيران.
ومع اقتراب الموعد النهائي المحدد في 31 كانون الأول (ديسمبر) للانسحاب، رفعت بعض الشبكات المقربة من الفصائل الموالية لايران سقف تهديداتها على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بانسحاب أميركي كامل، رغم أنه لم يطرح من قبل.
يرى هيراس أن تغيير الخطاب بشأن “الوجود العسكري الأميركي في العراق” يعكس أيضاً واقعاً جديداً مفاده أن “قوات الأمن العراقية لديها قدرات أكبر من ذي قبل لمهاجمة تنظيم داعش”.
بدوره، قال اللواء سعد معن رئيس خلية الاعلام الأمني في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع إن “التحالف سينهي بالكامل عملية الانتقال الى المهام غير القتالية قبل نهاية العام الحالي، بموجب ما تم الاتفاق عليه”، نقلاً عن قائد التحالف الجنرال الأميركي جون برينان.
وجاء هذا البيان عقب محادثات تقنية جمعت قياديين في التحالف وفي قيادة العمليات المشتركة لقوات الأمن العراقية.
وغادرت غالبية القوات الاميركية التي ارسلت الى العراق في عام 2014 كجزء من التحالف الدولي في عهد الرئيس دونالد ترامب.
لكن يبقى العراق حلقة وصل مهمة في الخطة الاستراتيجية لواشنطن وفي التحالف، لا سيما عمليات مكافحة المتطرفين التي تنفذ في سورية المجاورة.
وأشار تقرير للأمم المتحدة نشر في شباط (فبراير) 2021 إلى أن “تنظيم داعش يحافظ على وجود سري كبير في العراق وسورية ويشن تمرداً مستمراً على جانبي الحدود بين البلدين مع امتداده على الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقا”.
وقدّر التقرير بأن “تنظيم داعش لا يزال يحتفظ بما مجموعه 10 آلاف مقاتل نشط” في العراق وسورية.
ويؤكد التحالف على أن وجوده في العراق هو بدعوة من الحكومة وتتمركز قواته في ثلاث قواعد عراقية رئيسية في البلاد تديرها القوات العراقية.
في الأشهر الأخيرة اطلق التحالف الدولي عدة بيانات تسلط الضوء على تغيير مهمته. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) أعلن عن خروج “أكثر من 2100 شاحنة معدات من العراق”.-(ا ف ب)
التعليقات مغلقة.