بعد لوغانسك.. عين روسيا على 3 مدن في دونيتسك
بعدما بسطت روسيا سيطرتها على منطقة لوغانسك، بدأت قواتها الزحف نحو بقية المدن في إقليم دونباس الذي تنتمي إليه لوغانسك، ويرتكز الجهد العسكري الروسي حياليا على ثلاثة مدن بعينها.
والمدن الثلاث هي: سلوفيانسك وكراماتورسك وباخموت، وتقع هذه المدن في منطقة دونيتسك التي تشكل مع لوغانسك إقليم دونباس.
ولا تزال هذه المدن الثلاثة تحت سيطرة القوات الأوكرانية، وكلها تحتل أهمية استراتيجية ورمزية في الوقت نفسه.
وذكرت قناة “دي دبليو” الألمانية أن المعركة في هذه المدن الثلاث ستكون حاسمة، خاصة أن القتال من أجل السيطرة على إقليم دونباس دخل المرحلة الأخيرة من وجهة نظر روسيا التي ركزت جهدها العسكري في هذه المنطقة خلال الشهرين الأخيرين من الحرب.
سلوفيانسك
حتى سنوات قليلة، كانت مدينة سلوفيانسك هادئة وبالكاد معروفة خارج دونباس، إذ لا يزيد عدد سكانها عن 100 ألف نسمة، ولم تكن معروفة في الأخبار تقريبا.
لكن هذا الوضع تغير عام 2014، عندما تمكن الانفصاليون الموالون لروسيا من السيطرة على المدينة بمساعدة أجهزة الاستخبارات الروسية قبل أن تستعيدها القوات الأوكرانية، إثر معارك ضارية، بحسب القناة الألمانية.
ورغم أن روسيا نفت صلتها بما حدث، إلا أن سيطرة الانفصاليين كانت تعني أول موطئ قدم لروسيا في المنطقة.
وتنبع أهمية سلوفيانسك من موقعها الاستراتيجي، فهي تقع بعيدا عن أي مدينة كبيرة، وفي الوقت نفسه قريبة من الطريق الاستراتيجي “أم 03″، الذي يربط كييف مع خاركيف، ثاني كبريات المدن الأوكرانية، ويستمر حتى الحدود الروسية.
ولم يختلف الوضع في كراماتورسك، إذ استولى عليها الانفصاليون في عام 2014، لكن القوات الأوكرانية تمكنت من طردهم بعد معارك استمرت 3 أشهر.
وفي خريف عام 2015، نُقل المركز الإداري في منطقة دونيتسك من العاصمة التي تحمل الاسم نفسه، إثر سيطرة الانفصاليين عليها إلى مدينة كراماتورسك.
ولكراماتورسك أهمية رمزية الآن، فهي الآن عاصمة المنطقة، ومركز قيادة القوات الأوكرانية فيها.
إلى جانب ذلك، تحتضن المدينة أكبر المصانع التي تعمل في مجال إنتاج معدات التعدين، لكن الإنتاج فيه توقف مع اندلاع الحرب في فبراير 2022.
باخموت
وتعد باخموت ثالث أكبر مدينة في المنطقة، وتقع على طريق رئيسي يؤدي إلى لوغانسك، وتنبع أهمية هذا الطريق في أنه مصدر إمدادات الجيش الأوكراني في المنطقة.
وخلال حرب عام 2014، سيطرت عليها القوات الانفصالية لفترة وجيزة قبل أن تستردها القوات الروسية.
وفي 3 يوليو الجاري، أعلنت القوات الروسية والقوات الانفصالية الموالية لها أن “حررت” مدينة ليسيشانسك، آخر جيب للقوات الأوكرانية في منطقة لوغانسك.
وأطلقت روسيا حربا في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي، وذكرت أن السبب وراء ذلك هو حماية دونباس، لوقف ما تقول إنه اضطهاد بحق السكان الناطقين بالروسية.
وتنبع أهمية إقليم دونباس من كونه منطقة صناعية بارزة في أوكرانيا، فضلا عن أنه يحتضن احتياطيات ضخمة من الفحم.
وتسيطر موسكو وقوات الانفصاليين الموالين لها على معظم أراضي منطقة دونيتسك، وتسعى إلى استكمال السيطرة على بقية الأراضي في دونباس الذي أعلن فيه الانفصاليون إنشاء “جمهوريتين” في عام 2014.
إلى ذلك أظهر مدفع “مستا-إس” الروسي قدرات فائقة خلال الحرب في أوكرانيا، إذ وصفته تقارير أجنبية بـ”السلاح الفعال” خلال القتال.
ونقلت تقارير روسية عن خبراء عسكريين قولهم إن مدافع “الهاوتزر 2 إس 19″ المعروفة بـ”مستا-إس” أصبحت كابوسا للجيش الأوكراني.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية لقطات فيديو تظهر عمل أطقم تلك المدافع ذاتية الحركة، وصورا أخرى لتدمير بطاريات مدفعية للقوات الأوكرانية ونقاطًا محصنة بمعارك شرق أوكرانيا.
وتستخدم هذه المدافع التي تصفها موسكو بـ”أفضل مدفع من بين المدافع الروسية”، لمنع الجيوش المعادية من إعادة تجميع قواتها، وتدمير قوافل الإمدادات، ومواقع إطلاق النار للمدرعات والمدفعية، إضافة إلى تدمير بطاريات المدفعية المعادية.
قدرات رهيبة
يقيّم الخبراء الروس والأجانب عاليا مواصفات هذا المدفع، إذ إنه مزوّد بمعدات وأجهزة حديثة تضمن التوجيه الأوتوماتيكي، وتمكّن أفراد طاقمه من تنفيذ مناورات مضادة للنيران والتحديد السريع لإحداثيات أي مدافع أخرى تستهدفه، وفقا لوكالة “سبوتينك” الروسية.
ودخل مدفع “مستا-إس”، الذي بإمكانه تدمير أهداف على مسافة 30 كيلومترا، الخدمة بالجيش الروسي في عام 1989، وتم استخدامه في عدة حروب أبرزها حرب الشيشان الثانية، والحرب في شبه جزيرة القرم 2014، وأخيرا في حرب أوكرانيا.
وحسب موقع “آرمي ريكوغنيتشين” البلجيكي، فإن مدافع الهاوتزر من عيار 152 ملم أحد الأسلحة الرئيسية لوحدات المدفعية التابعة للجيش الروسي المشاركة في الحرب الحالية.
ونقل الموقع البلجيكي على لسان خبراء عسكريين قولهم إن تلك المدافع تسبب الكثير من المتاعب للجيش الأوكراني، فأداؤه الجيد يتسبب بكابوس حقيقي للأوكرانيين.
وجرى تطوير “مستا-إس” في الثمانينيات، وكان يهدف إلى استبدال حوامل المدفعية ذاتية الدفع القديمة التي يبلغ عيارها 152 ملم في القوات السوفييتية.
كما تعتمد المركبة على منصة مجنزرة من دبابة “تي-80″، ويعد تصميم الوحدة ذاتية الدفع معيارا لأنظمة القتال الحديثة من هذا الطراز: توجد محركات التحكم في المقدمة، وبرج بمدفع في الوسط، ووحدة الطاقة في الجزء الخلفي من الهيكل.
يقول المحللون إن الهيكل والبرج مصنوعان من هيكل مدرع ملحوم بالكامل يوفر الحماية من نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا القذائف وانفجارات الألغام، وفقا لموقع “آرمي ريكوغنيتشين”.
كما أنه قادر على إطلاق النار على مسافة تزيد على 20 كليومترا، ويدور البرج الخاص به بزاوية 360 درجة مع ارتفاع المدفع من -3 درجة إلى + 68 درجة.
وتم تجهيز الوحدة ذاتية الدفع بمحرك تصل قوته إلى 780 حصانا، والتي يمكن أن تعمل على كل من وقود الديزل والكيروسين، بينما تبلغ السرعة القصوى للمدفع على الطريق السريع 60 كيلومترا في الساعة ويسير إلى مسافة 600 كليومتر، ويضم طاقمه 5 أفراد.
وطبقا لمجلة “روسيسكايا غازيتا” الروسية، فإنه يمكن أن يشغّل المدفع في القتال نظاما خاصا حين تصيب الذخائر المختلفة المحلقة بمسارات مختلفة هدفا في وقت واحد.
وتضيف: “يطلق المدفع النيران بسرعة 10 طلقات في الدقيقة إلى مسافة نحو 30000 متر، ويتضمن مخزونه 50 قذيفة، بما فيها قذائف “مراسنوبول” الموجّهة بالليزر والقادرة على تدمير العدو على مسافة 25000 متر”.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.