بمشاركة عربية ومحلية.. اختتام فعاليات مؤتمر “أثر التكنولوجيا في التلقي ما بين القصيدة واللوحة”
رأى متحدثون عرب ومحليون في مؤتمر “أثر التكنولوجيا في التلقي ما بين القصيدة واللوحة” أن أهمية التكنولوجيا في التعامل مع النصوص الأدبية توفير فرص انتشارها، فالشعر ليس كلام مطبوعا في الكتب بل يتم تطويره من خلال التكنولوجيا مع تدخل فنون مختلفة ومؤثرات صوتية جمالية، داعين إلى تأهيل المتلقي ليكون قادرا على التلقي على صعيدين النص البصري السردي.
جاء ذلك في اختتام البرنامج الثقافي لمهرجان جرش للثقافة والفنون الذي أقيم أول من امس، والذي ينظم بالتعاون مع رابطة الفنانين التشكيلين، واستمر المؤتمر على مدى يومين، الأول في كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية، والثاني في مقر إقامة الوفود في عمان
وعقد أول من امس جلستين ختاميتين للمؤتمر، وشارك فيهما كل من : بشير البكر من سوريا، وعائشة بلحاج من المغرب، ومن الأردن كل من د. يوسف حمدان، ومحمد سناجلة، وتحدث في الجلسة الثاني من الأردن كل من د. جمال مقابلة، د. ربيع ربيع، من صر فاطمة ناعوت، والجزائر لويزة ناظور، وادارهم الناقد د. فخري صالح.
الجلسة الأولى تحدث فيها بشير البكر عن وسائل التواصل الاجتماعي ودورها في انتشار الشعر، وكذلك ادخال عناصر ومؤثرات صوتية على الشعر مثل الموسيقى، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي في عملية النشر القصيدة والشعر، حيث تصل إلى أكبر عدد من الجمهور الذي يتفاعل معها، مشيرا الى ان الشعر ليس فقط كلام مطبوع في الكتب بل سيتم تطويره وكذلك تدخل التكنولوجيا في كل الفنون.
كما أشار الى تحديات تدني الإقبال على شراء داووين الشعر في السنوات الاخيرة، فالتكنولوجيا تستطيع ان تصنع التواصل بين الشاعر ومتابعيه وبالتالي من الممكن ان يستفيد من هذا الترويج للعمالة الشعرية في المستقبل.
قالت عائشة بلحاج عن أهمية التصوير الشعري والفني، لافتة إلى إن الصورة موجودة منذ عصر الانسان البدائي الذي كان يرسم على جدران الكهوف، ومرت بمراحل من عملية المحاكاة بين المحسوس والمجرد إلى عملية الابتكار، وان كل صورة محسوسة كانت مجردة او مرئية او لا مرئية تصبح عند تكوينها فنيا كائنا حيا مختلفا عن العناصر الواقعية والمتخيلة التي شكلته، مضيفة ان ان هذا الكائن سيبقى اما قابلا للحياة والتعدد في صور جديدة عبر الزمن تو اسيرا للظرف الذي وجد فيه.
وأشارت إلى أن هناك تقارب في الوسائل بين فني الشعر والرسم، وفالشاعر يستدعي مخزونه الخاص من الصور، حين يشرع بكتابة القصيدة، وكذلك يفعل التشكيلي حين يشرع في الرسم، ولو تأملنا طبيعة الصورة في كل من الشعر والتشكيل لرأينا تشابعا يصل لحدود التطابق من زاوية القيمة الابداعة والجرأة على تكوين العناصر وربطها مع بعضها البهض بعلاقات جديدة، وأن أي ابداع يعتمد على فكرة التأثر والتأثير، فالمبدع يتأثر بحالة معينة ثم ينقلها من الواقع الى شكل او صورة متحركة لتصوير سينمائي او جملة في حالة الابداع الأدبي او لوحة تشكيلية بالالوان.
ورأى الدكتور حمدان أن التكنولوجيا لا تستطيع حماية المتلقي من الرداءة، مشيرا إلى أهمية تأهيل المتلقي ليكون قادرا على التلقي على صعيد النص البصري أو النص السردي.
وبين سناجلة أهمية التكنولوجيا في التعامل مع النصوص الأدبية توفير فرص الانتشار لها، وكل زمان له أدب خاص به، وقدم تجربة عملية لما وصفه بالرواية الرقمية التي تعتمد على التكنولوجيا واستخدام الروابط التي قد توجه القارىء إلى صورة بصرية وحركية، ورسومات ذات ألوان جذابة.
وكان قد رأى الناقد صالح خلال الجلسة الأولى أن التطورات التكنولوجية اتاحت للمتلقي الوصول إلى اعداد هائلة من القصائد، ومثلها للوحات التشكيلية، مبينا أن هذه التكنولوجيا تضع القارىء أو المتابع أمام حالة مختلفة.
فيما تحدث في الثانية من الأردن كل د. جمال مقابلة، د. ربيع ربيع، من الجزائر، لويزة ناظور، ومن مصر الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت التي تحدث عن علاقة الفنون من منظور التاريخ، لافتة إلى أن اللوحة هي أحد الفنون البصرية كما قسمها الاغريق الأول تعتمد على الإيقاع البصري، وعلى الإيقاع الصوتي، كما بينت استفادة العمارة من التكنولوجيا وهناك مكتبات ومتاحف في أوروبا تشاهد لوحات وكأن الفنان يرسمها، مشيرة إلى أن التكنولوجيا تدخل في المسرح، الذي صنعته هي التفاعل المباشر على اعتبار أن الجمهور الحائط السابع، وهناك من يرفض دخول التكنولوجيا على المسرح.
ورأت أن هناك حاجز يمنع الاستفادة بشكل كامل من التكنولوجيا في الشعر على الصعيد الشخصي، وهناك شيء ما يقف، على الرغم من استخدامها بشكل شخصي، حيث يحول بينها وبين المتلقي بعد أن يغيب الشغف الذي وفرت التكنولوجيا.
من جانبه قال د. مقابلة إن اللوحة هي صورة مرسومة، مثبتة للقطات الوجود الإنساني الزمكاني، أو مثبتة للقطة ذات بعدين للمنحوتة المكانية ذات الأبعاد الثلاثة، وهي الدالة على الرسم الواقعي القديم والرومانسي والانطباعي والتجريدي والرمزي والسوريالي والتشكيلي والوظيفي والفوتوغرافي الحديث وقد نصل إلى المشهد المتحرك السينمائي ولقطة الفيديو لندخل بها عالم الفن السابع الذي لم يعرفه أرسطو ولم يدركه هيجل الذي أصبح متاحًا بكل تقنياته بين يدينا في العالم الحديث.
ورأى مقابلة أن اللوحة الآن اصبحت هي الانشداد البصري إلى الوسائط الحديثة، والتحديق في الأجهزة المرئية المسموعة والناطقة والتفاعل معها بمحاكاة تامة للحياة، وتمثيلات هائلة ودقيقة للعيش الواقعي ولتخيل احتمالات لا نهائية لوجود افتراضي محايث للواقع منسوخ عنه ومعدل له، ومحسن لجوانب فيه، وماسخ لجوانب أخرى، وناسخ وشاطب ومزيد ومنقص بما لا يقدر على إحصاء احتمالاته إلا العقل الآلي الجبار بالاستعانة بقواعد البيانات المدهشة والمرعبة والمنذرة بتغيير العالم المستقبلي بما لا نستطيع حتّى تخيله.
وبين أن هناك العديد من الكتب النقديّة الغربية والعربية التي حاولت مقاربة أثر التكنولوجيا في التلقي ما بين القصيدة واللوحة مثل: كتاب (أقنعة جنسية: الفن والانحطاط من نفرتيتي إلى إملي ديكنسون، وكتاب (قصيدة وصورة: الشعر والتصوير عبر العصور، تأليف عبد الغفار مكاوي، وكتاب نبيل علي عن العرب في عصر المعلوماتية وغيره من الكتب التي تناقش العرب والعولمة والتكنولوجيا.
اما الجزائرية ناظور فقالت ان العلاقة بين اللوحة والنص علاقة بديهية وكان في كل مرة تخضع لعدة تراكمات، وان البراعة الالكترونية تأتي لتعزيز براعة الصورة، وان هذه التحول التكنولوجي يعتبر عاملا ايجابيا، ولكن هل سيكون الشعر هو المنتصر؟
وبينت ان الذائقة التصورية اللغوية للمتلقي على اعتبار ان اللغة كرقيب جمالي يذكر العوالم المتعلقة بالادراك وادخال بيانات والمتلقي هو الذي له الدور الكبير في هذا لتجاور الأدب القيمة الرقمية لسيتفيد الشعر والنقد من هذه التكنولوجيا من خلال استغلال المهارات وتطويع التكنولوجيا امام هذه الفنون في ظل تطور البرمجيات.
أما الدكتور ربيع من الاردن فقال ان الحديث عن مستقبل الشعر في القرن الجديد يتجه نحو اتجاهات تتوافق مع التطور الهائل الذي رافقه خاصة في الجانب التواصلي والتفاعلي فيدور الحديث حول القصيدة الالكترونية او التفاعلية او الرقمية، والحكم التقيمي عليها الذي اصبح بيد المتلقي فالشاعر ينشر قصيدته عبر مواقع التواصل الاجتماعي ويتواصل مع المتلقي مباشرة في سعي منه للارضاء ذوقه دون الحاجة الى سلطة الناقد كي تحظى قصيدته بالشرعية، بل اصبح الناقد على قدم المساواة مع اي متلق اخر وعليه ان يكون مقنعا كي يفرض رأيه.
وأوضح ان الذائقة بعد الربيع العربي تعرض عن التملق والمديع السياسي وكثيرا ما تتعرض القصائد المديح الى السخرية والاستهزاء وتوصف بأوصاف قبيحة مثل التطبيل وهز الذنب، وان المديح بوصفه موضوعا شعريا تراجع الى الخلف مقارنة بموضوعات اخرى لا تزال تحتفظ بالصدارة.
تلا ذلك قدم الدكتور إبراهيم السعافين شهادات تقديرية قدم، للمشاركين في هذا المؤتمر.
هذا وكان قد عقدت الجلسة الأولى من المؤتمر في كلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية، حيث ناقشت كيف ساعدت مواقع التواصل الاجتماعي المتلقي في فهم العمل الفني وفي فهم تأويله، وكيفية توظيف القصائد الشعرية مع اللوحات التشكيلية، وساهمت إمكانات الوسائط الرقمية بشتى اصنافها في رفع قدرات الإنسان الى حد المهارة العالية التي تصل به الى الابداع، كما يسرت التكنلوجيا الرقمية طرق البحث لاكتشاف صور وأشكال جديدة من الجمال في النص الشعري والاعمال الفنية، حتى توسع مفهوم الفن والادب الى حد التكنو ارت – او التكنو- أدب)، وبمشاركة الدكتور معتصم كرابلية، والدكتور حسني ابو كريم، كما تحدث في الجلسة الثانية الدكتور عبدالله التميمي، والدكتور محمد نصار، ورئيس رابطة الفنانين التشكيلين ابراهيم الخطيب
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.