بين الجمال والألم.. تشكيليون يرسمون “فلسطين صامدة وجذرها كالزيتون”

من ألوان نابضة بالحياة إلى ظلام دامس محمل بمختلف معاني الألم، هذا شعر ما به العديد من زوار معرض “فلسطين صامدة وجذرها كالزيتون” في غاليري رؤى 32 للفنون الذي افتتح مؤخرا، والذي يجسد واقعا يعيشه الشعب الفلسطيني بلوحات فنية نقلت صوت فلسطين باحترافية عالية.

صرخة أم لفقدان صغيرها، وجثث متراكمة فوق بعضها البعض، وأيضا شواطئ غزة الخلابة، وجمال عكا ومدن فلسطين جمعيها، واقعا جسدته لوحات فنية تأخذك من عالم الفن والجمال إلى مشهد حقيقي نعيشة اليوم لما يحدث مع أهلنا في قطاع غزة، إذ نرى مشاهد الإجرام والألم عبر لوحات المعرض.

تبتسم تارة ويغرق الدمع عينيك تارة أخرى، على الحبيبة فلسطين بينما تتجول بين أروقة المعرض، لتعيش قصة فلسطين بجمال مبانيها وتراثها وألم أيامها ومعاناة شعبها، ليكن بذلّك الفن مرآة للحياة بتحولاتها.
يشارك 16 فنانا عربيا بـ 52 لوحة فنية في”فلسطين صامدة وجذرها كالزيتون”، وجميعها تنقل رسالة فلسطين وصوتها وألمها بجمالية فنية وأساليب متفردة ومميزة.
وفي حديث خاص لـ”الغد” قالت الفنانة التشكيلية سعاد عيساوي: “إن جميع اللوحات مرتبطة بغزة وما يحدث اليوم على أرضها من مجازر”، موضحة أن كل شخص في هذا المجتمع يريد أن يفعل شيئا؛ ليشعر أنه يقدم أمرا ما على الاقل، وهذا المعرض جاء موجة غضب جراء ما يحدث من جرائم وحشية من جهة، ووقوف العالم صامتا من دون أن يفعل شيئا من جهة أخرى، فنظم المعرض ليعبر الفنانين عما يجول في داخلهم.
وأضافت عيساوي، “الفنان مرآة عصره” وهو الذي يرى الأمور ويرسمها على حقيقتها ويوثق التاريخ بفنه وريشته، وفي هذا المعرض ينظر الزائر للتاريخ والحقائق عبر لوحات فنية.
وأوضحت، أن المعرض جاء توقيته مع استمرار الحرب على قطاع غزة، لافتة إلى أنها أرادت إقامة معرض مرتبط بالأمل مع بداية الأحداث، ولكنها لم تتوقع أن يستمر هذا الحال لأكثر من ثمانين يوما وعليه قررت إقامة معرضا آخر لتساهم في نشر قضية فلسطين ودعمها فنيا.
وأشارت إلى أن هناك فنانين من مصر وسورية وفلسطين والأردن شاركوا في المعرض، مؤكدة بذلك أنه معرض عربي وكل فنان عبر عن نفسه ولوحاته بطريقة مختلفة، وغالبية الأعمال تندرج تحت المدرسة التعبيرية، فجميعها تعبير عن الواقع الذي يحدث في فلسطين، مبينة أن “التنوع حاضر في المعرض سواء في الأساليب أو الخامات”.
وأضافت عيساوي، أن هذا الامر يؤكد أن القضية الفلسطينية هي قضية قومية خاصة لدى الفنانين الذين التزامهم يكون حقيقيا تجاه القضايا التي يؤمنوا بها، وعن اختيارهم لشجرة الزيتون لترتبط في فلسطين، تقول: “الزيتون رمز مرتبط بفلسطين والجذر هو الحياة وفي علوم الطاقة طاقة الجذر هي الإصرار والعائلة وهذا يعني الكثير للبشرية ويعني الارتباط بالأرض للفلسطيني”.
هذا وقد افتتح المعرض تحت رعاية معالي السيدة هيفاء النجار وزيرة الثقافة الأردنية، وشاركت فيه أعمال فنية للفنانين والفنانات وهم: جهاد العامري، داليا علي، رائد قطناني، عثمان شهاب، عماد أبو اشتية، غازي انعيم، كوثر دمق، محمد العامري، ونصر عبد العزيز.
وأشارت إلى أن أبرز الأعمال المشاركة في المعرض لراحلين كبار وهم: نذير نبعة، أحمد نعواش، عبد الحي مسلم، وعدنان يحيى، موضحة، فالفنان عدنان يحيى وثق في لوحته المجازر التي حدثت تجاه الشعب الفلسطيني، والفنان التشكيلي نذير نبعة هو فنان سوري لكن ارتباطه بالقضية قوي فهو يعتبر من أهم قامات الفن التشكيلي في العالم العربي، وقد صمم شعار حركة فتح الفلسطينية، وكان أول فنان يرسم ملصقا للقضية الفلسطينية، كما تعرض أعمال الفنان الراحل مصطفى الحلاج، والذي يعد من أهم الفنانين الفلسطينين ولوحاته نادرة وجميعها تعكس القضية الفلسطينية.
وأشارت عيساوي إلى أن الفنان أحمد نعواش من الفنانين الرواد ولوحاته مميزة، ودائما في رسوماته يده مرفوعة دلالة على المقاومة، وأن اليد تعني البندقة والسلاح، أما الفنانة داليا علي، فرسمت المدن الفلسطينية، وقدم الفنان عثمان شهاب أعمالا  جميلة جدا في أول مرة يخوض فيها تجربة العرض، في حين تعبر لوحات الفنان محمد سماره عن القرى الفلسطينية، ويعد الفنان نصر عبد العزيز من أهم الفنانين الفلسطينين الذين دائما ما يرسمون تفاصيل القضية، وتقول: “كل فنان قام بدوره وبالذي يستطيعه وبطريقته”، مؤكدة بذلك أن كل فنان له خصوصيته ورمزيته التي تميزه.
هذا ويستمر المعرض حتى يوم الخميس 25 من كانون الثاني 2024، والقاعة مفتوحة على مدار الأسبوع، ما بين العاشرة صباحاً وحتى السابعة مساءً، ما عدا أيام الجمعة، كما وسيذهب 20 % من ريع المعرض لدعم أهلنا في غزة، وسترسل التبرعات عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية.
هذا وقد أقيمت معارض عدة، منذ بداية الحرب على قطاع غزة تعبيرا عن تضامن الفن بجميع أشكاله مع القضية الفلسطينية وليعبر فيها الفنانون عن نصرتهم ووقوفهم مع أهلنا في قطاع غزة، فمنذ الأزل والفن يعبر عن فلسطين وألمها بطريقة فنية معبرة وينقل تاريخها بريشة وروح الفنان.

 رشا كناكرية// الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة