“تجار الخردة” يحكمون قبضتهم على مشروع فرز النفايات في جرش.. فهل يفشلونه؟
جرش- يطالب سكان في محافظة جرش، بتوسيع نطاق مشروع فرز النفايات الذي كان أطلق قبل نحو 4 سنوات، ليشمل المناطق السكنية، دون الاكتفاء فقط بالوسط التجاري، وسط تحديات يواجهها المشروع، وتتعلق بفرض تجار الخردة ونابشي الحاويات سطوتهم عليه.
ويتسابق تجار الخردة على جمع النفايات من الوسط التجاري، بما فيها النفايات التي تدخل ضمن مشروع الفرز، وهو ما خفض كميات النفايات التي تجمعها بلدية جرش الكبرى للمشروع من 2.5 طن إلى طن واحد يوميا، وهي أقل كمية تشغيلية للمشروع.
لذلك، بات مشروع الفرز، الذي يوفر 12 فرصة عمل، يعمل بطاقة تشغيلية لا تتجاوز 10 % نظرا لانخفاض كميات النفايات المفروزة وقيام التجار ببيع النفايات لتجار الخردة ونابشي الحاويات، عوضا عن تجميعها في الحاويات التي وزعتها البلدية خصيصا في الوسط التجاري لغاية فرز النفايات وجمعها في نهاية اليوم ليتم فرزها ومعالجتها في مشروع فرز النفايات في بلدية جرش.
وبعيدا عن نفايات المشروع، ارتفعت كمية النفايات التي تجمعها البلدية من المناطق التابعة لها في السنوات الأخيرة من 75 طنا يوميا إلى 115 طنا، بسبب اللجوء السوري والتوسع السكاني في القرى والبلدات والوسط التجاري داخل مدينة جرش، وسط مطالب للسكان بشمولهم بمشروع فرز النفايات كونه يتم بموجبه تخفيض قيم فواتير الكهرباء عليهم كما حدث مع التجار، لاسيما أن فواتير الكهرباء ترتفع على المشتركين لأرقام كبيرة، ومن المتوقع أن ترتفع هذه القيم بداية فصل الشتاء وبدء استخدام وسائل التدفئة التي تعتمد معظمها على الكهرباء.
وفيما يطالب العديد من السكان بتوسيع نطاقه المحصور بالوسط التجاري، تقول البلدية إن ذلك يتعذر حدوثه لعدم وجود جهة مانحة تتبنى مرحلة التوسعة وعجزها عن مشاركة القطاع الخاص في إدارة المشروع، فضلا عن منافسة تجار الخردة ونابشي الحاويات في جمع نفايات المشروع.
ويهدف المشروع إلى تنظيم عملية فرز وجمع النفايات والحفاظ على البيئة، باعتباره أحد أهم المشاريع البيئية غير الربحية على مستوى محافظة جرش، لكنه يصطدم بإشكالية تسابق تجار الخردة على جمع النفايات مع تفضيل غالبية أصحاب المحال التجارية (منطقة المشروع) بيع النفايات لهم للاستفادة من أسعارها، رغم أن أحد أهداف إشراك المحال بالمشروع هو تخفيض فواتير الكهرباء عليهم.
بدوره، أكد مصدر مطلع في بلدية جرش الكبرى، أن مشروع فرز النفايات يعمل بطاقة تشغيلية مناسبة، لكن كميات النفايات التي يتم جمعها من المشتركين بالمشروع داخل الوسط التجاري تنخفض تدريجيا بسبب تجار الخردة ونابشي الحاويات، حتى وصلت الكمية التي تجمع يوميا إلى طن واحد، فيما يأخذ تجار الخردة أكثر من 2 طن يوميا من المناطق المشمولة بالوسط التجاري، وأغلبها المحال التجارية والمولات.
ووفق المصدر، تُقدر تكلفة جمع النفايات في بلدية جرش مع مشروع الفرز بـ3 ملايين دينار سنويا، وهي تشكل 28 % من إيرادات بلدية جرش الكبرى، وهذه النسب مرتفعة جدا، في حين سبب الارتفاع هو زيادة السكان بسبب اللجوء السوري منذ 4 سنوات وزيادة كميات النفايات، حتى وصل عدد رحلات جمع النفايات اليومي من جرش إلى مكب النفايات في الرمثا إلى 15 رحلة يوميا، وهذا يحتاج إلى تكاليف مالية مرتفعة.
وأوضح، أن البلدية خاطبت المحافظ بخصوص تجار الخردة ونابشي النفايات لمنعهم من جمع النفايات داخل منطقة مشروع الفرز، وقد تم اتخاذ إجراءات حازمة، إلا أنهم يعاودون العمل يوميا بسبب ظروفهم المعيشية واعتمادهم على هذا العمل في تغطية تكاليفهم.
وبالعودة إلى مطالب السكان، فإنهم يقولون إن قيمة فواتير الكهرباء ارتفعت بنسبة كبيرة منذ بداية العام، وستكون نسبة الارتفاع أكبر مع دخول فصل الشتاء وتشغيل وسائل التدفئة الكهربائية، فيما اشتراكهم بمشروع فرز النفايات يساهم في تخفيض نسبة من قيمة فواتير الكهرباء الشهرية ويحد من تراكم النفايات والمكاره الصحية في الأحياء السكنية، خصوصا القريبة من المواقع الأثرية.
ولفتوا، إلى “أن طاقة المحطة التشغيلية مرتفعة، وهي تعمل حاليا بنسبة 10 % من طاقتها نظرا لعدم التزام التجار بفرز النفايات وبيع المخلفات التي يتم تدويرها إلى تجار الخردة، رغم قيام البلدية بتخفيض رسوم النفايات التي تتقاضاها شهريا على فواتير الكهرباء للمشتركين لتكون بالحد الأدنى كتشجيع لهم للاشتراك بالمشروع”، مشددين في الوقت ذاته على “أنه في حال إشراك المنازل، فيجب أن يكون لأحياء متعددة، ويتطلب حاويات خاصة وكادر عمل ومركبات خاصة وخصومات وتشجيعات، وقد تضطر البلدية إلى شراء المخلفات منهم كتشجيع على الفرز”.
لكن المصدر ذاته في البلدية، يؤكد في المقابل، “أنه لا يوجد أي توجه للبلدية لإدخال الأحياء السكنية بالمشروع حاليا، لا سيما أن إدخال المنازل يحمل البلدية تكاليف مالية مرتفعة جدا، وتحتاج في هذه المرحلة إلى ممول لتنفيذ المرحلة الثانية، التي تشمل إشراك كل تجار المدينة بالمشروع وعددهم 1200 تاجر، والمرحلة الثالثة تشمل إشراك الأحياء السكنية”.
وأضاف، “أن مرحلة إشراك المنازل والأحياء السكنية بالمشروع، تحتاج إلى مبالغ مالية وجهات ممولة لتنفيذ المرحلة الثانية، التي تشمل إشراك ما يقارب 400 تاجر بالمشروع، ومن ثم مرحلة الأحياء السكنية، وفي حال توفر التمويل اللازم، سيتم شمول أوسع شريحة ممكنة بالمشروع ضمن الدراسات المعمول بها.
كما أكد المصدر، “أن مشروع فرز النفايات، يعد من أنجح وأنشط المشاريع البيئية، وساهم في تدوير النفايات والاستفادة منها وتنظيف الوسط التجاري، إلا أن كمية النفايات التي تدخل إلى المحطة التحويلية لا تتجاوز 10 % من الطاقة التشغيلية، بسبب منافسة تجار الخردة للبلدية في جمع النفايات القابلة للتدوير وشرائها من أصحاب المحال التجارية، عدا عن المركبات التي تجمع النفايات، وعددها بالعشرات، التي تسابق البلدية في جمع النفايات الخاصة بمشروع الفرز، مما يعني عدم التزام التجار بالفرز في حاويات البلدية وبيعها مباشرة لتجار الخردة”.
وكانت البلدية أدخلت 800 تاجر من الوسط التجاري بالمشروع، وقامت بتحفيز التجار بالاشتراك من خلال تخفيض رسوم النفايات الشهرية عليهم بواقع 50 % لضمان دخول عدد أكبر منهم بالمشروع والحفاظ على الوسط التجاري ضمن بيئة صحية وسليمة، فضلا عن السيطرة بشكل كامل على وضع النظافة وتقليل تكاليف إرسال النفايات يوميا إلى مكب الأكيدر في لواء الرمثا.
ورغم أن مشروع الفرز، يعمل يوميا على فرز طن واحد من النفايات، وحجم المنتج من المحطة لا يتجاوز 25 طنا شهريا، إلا أن المشروع نجح في السيطرة على وضع النظافة داخل الوسط التجاري، كونه غير ربحي ولا يهدف لتحقيق أي دخل مادي للبلدية.
أما معيقات المشروع، فهي عدم التزام التجار بفرز المخلفات في الحاويات الخاصة، والاتفاق مع تجار الخردة وبيعها لهم، كون قيمة التخفيض على رسوم النفايات من فواتير الكهرباء قليلة وغير مجدية مقارنة مع ثمن المخلفات التي يتم بيعها لتجار الخردة، إضافة إلى أن البلدية لم تلتزم بشكل كامل بتخفيض رسوم النفايات على فواتير الكهرباء بنسبة مناسبة، خاصة في المنشآت الكبيرة التي تنتج يوميا أطنانا من المخلفات.
التعليقات مغلقة.