تدهور “الزراعة” وغياب “المشاريع” يفاقمان الفقر والبطالة بوادي الأردن

وادي الأردن – اعتبر مهتمون بالشأن الاجتماعي في وادي الأردن أن ما تشهده المنطقة من تراجع في القطاع الزراعي خلال السنوات الأخيرة يرافقه غياب شبه تام للمشاريع التنموية، فاقم من مشكلتي الفقر والبطالة وبات العديد من الشبان متعطلين عن العمل لانعدام الفرص.
وأكدوا ضرورة إيجاد مشاريع تنموية ودعم المشاريع الأسرية والصغيرة للنهوض بالواقع الاقتصادي في المنطقة، التي تشهد ارتفاعا متزايدا بمعدلات الفقر والبطالة.
ويرجع المزارع نواش اليازجين ارتفاع نسب الفقر والبطالة الى الخسائر المتتالية التي مني بها القطاع الزراعي والتي ألقت بظلالها على قدرة القطاع على التشغيل وتأمين الأجور، لافتا إلى أن غالبية الأسر التي كانت تعتمد على القطاع الزراعي في تأمين متطلبات العيش باتت تعاني أوضاعا معيشية قاسية.
ويضيف أن القطاع الزراعي يعتبر أحد أكبر القطاعات المولدة لفرص العمل لكثرة العمليات والنشاطات المرتبطة به، إلا أن تراجع أوضاع القطاع سواء بانخفاض المساحات المزروعة أو عجز المزارعين عن توفير نفقات الزراعة الفضلى أدى إلى فقدان عدد كبير من الشباب والفتيات لمصادر دخلهم.
ويرى اليازجين أن الحل هو إعادة الحياة للقطاع الزراعي من خلال إعادة تأمين أسواق خارجية للمنتجات لكي يحصل المزارع على فائدة تمكنه من الإنفاق على مزرعته ودفع أجور العمال، أو العمل على إنشاء مشاريع تنموية مولدة لفرص العمل لاستيعاب الأعداد الكبيرة من المتعطلين عن العمل سواء الفتيات أو الشباب”.
وبين رئيس غرفة تجارة الشونة الجنوبية عبدالله محمد العدوان أن مناطق الأغوار تفتقد إلى المشاريع التنموية التي بإمكانها تأمين فرص عمل لمن فقدوا مصادر دخلهم من العمل بالقطاع الزراعي، موضحا أن القطاع السياحي أمن فرص عمل كثيرة لأبناء المنطقة إلا أنها تقتصر على فئة معينة شابة ومؤهلة ومدربة وتمتلك من المقومات ما لا يتوفر لدى الغالبية من المتعطلين عن العمل بالمنطقة.
ويؤكد أن على الحكومة العمل على توجيه المستثمرين للاستثمار في قطاعات صناعة المنتجات الزراعية والتي سيكون لها أثر إيجابي على القطاع الزراعي من جهة وعلى أبناء المنطقة من جهة أخرى، موضحا أن العديد من المنتوجات الزراعية يمكن تصنيعها كالبندورة والفلفل والبطاطا والخيار وغيرها من المنتجات التي نستوردها من الخارج رغم وجود إنتاج يفوق الحاجة.
ويشير العدوان إلى أن غياب المشاريع التنموية التي يمكن أن تستقطب الأعداد المتنامية من الشباب والفتيات الباحثين عن عمل زاد من حجم الفقر والبطالة الى مستويات غير مسبوقة، لافتا الى ان منطقة وادي الأردن تزخر بالفرص الاستثمارية غير المستغلة والتي يمكن من خلال الاستثمار فيها توفير عدد كبير من فرص العمل للمتعطلين.
وتؤكد رئيسة جمعية التعاون الخيرية كوثر العدوان أن أعداد المحتاجين والفقراء ازداد بشكل كبير خلال العامين الماضيين، عازية ذلك الى فقدان عدد كبير من أرباب الأسر لأعمالهم خلال جائحة كورونا وتراجع القطاع الزراعي وانعكاساته على المجتمعات المحلية، إضافة الى ارتفاع كلف المعيشة بشكل عام.
وتبين أن الجمعيات الخيرية تحمل على عاتقها عبئا كبيرا في تأمين الحماية الاجتماعية للأسر المعوزة من خلال تأمينهم بأدنى متطلبات العيش حسب الإمكانات المتوفرة، موضحة أن ذلك لا يمكن أن يستمر أكثر لأن معظم الجمعيات باتت عاجزة عن تقديم المساعدة في ظل تراجع مصادر الدعم ما يتطلب التوجه لدعم هذه الاسر وتمكينها للاعتماد على نفسها من خلال تأمينها بمشاريع صغيرة وتوفير التدريب والتأهيل اللازمين لتمكينهم من دخول سوق العمل.
ويبين رئيس بلدية سويمة عيسى الجعارت أن طبيعة المنطقة السياحية تشكل حافزا للمستثمرين لإنشاء متنزه سياحي بيئي يسهم في معالجة المشاكل البيئية الناجمة عن التنزه العشوائي وتوفير فرص عمل لأبناء المنطقة، مشددا على ضرورة لعمل على إنشاء شاطئ لذوي الدخل المحدود يمكن استغلاله من قبل البلدية لخدمة السياحة المحلية وإنشاء مشروعات صغيرة لعدد من الأسر في المنطقة.
ويؤكد أن إقامة المشاريع التنموية المولدة لفرص العمل تعتبر السبيل الوحيد للنهوض بالمجتمع المحلي ومحاربة الآفات الاجتماعية التي أوجدتها ظروف الفقر والبطالة، مشددا على ضرورة توجيه الاهتمام لقطاع الشباب ودعمه وتمكينه ليصبح عنصرا فاعلا في المجتمع بدلا من أن يكون عالة على أسرته.
وبحسب بيانات لدائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل البطالة في المملكة العام قبل الماض نحو 24,8 % (ذكور 22,7 %، وإناث 33,1 %)، في حين وصل بين الشباب (15 و24 سنة) الى 48,5 %، بينهم 43,6 % ذكور و71,6 % إناث.
وبينت الإحصائيات انه قبل الجائحة، وقعت المملكة تحت وطأة آثار اقتصادية واجتماعية قاسية بزيادتها لمعدلات البطالة، ورفعت نسبة الفقر وفق تقرير نتائج مسح نفقات ودخل الأسرة (2017-2018) أي قبل الجائحة إلى 15,7 %.
وأشارت إلى أن تفاقم الفقر والبطالة في الجائحة، مرده ضعف القدرة على توفير وظائف جديدة، وفقدان وظائف سابقة، وإغلاق مشاريع صغيرة ومتوسطة، ريادية وزراعية وموارد طاقة وندرة إمدادات مياه.
ووفق رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان الخدام، فإن غالبية سكان الوادي، يعتمدون على الزراعة، إذا ما أخذ بالاعتبار أن 70 % منهم مزارعون، وأن عدد الأعضاء المسجلين في الاتحاد يزيد على 20 الفا، ومثلهم غير مسجلين، وهذا عدد كبير إذا احتسب عدد أفراد أسرهم المعتمدين مباشرة على العمل الزراعي.
ويضيف أن الأوضاع الكارثية للقطاع منذ نحو 8 سنوات، ضاعفت مشكلتي الفقر والبطالة بين صفوف المزارعين لتصل إلى أرقام مفزعة، تزيد على 60 %، لغياب فرص العمل التي كان يوفرها سابقا، في وقت كان هو الأقدر على التقليل من هذه النسب.
وبين أن القطاع الزراعي يوفر فرص عمل لآلاف الأسر، إلا أن الأوضاع الكارثية التي يعيشها القطاع حاليا تسببت بفقدان عدد كبير منهم لأعمالهم، موضحا أن عدم قدرة المزارع على توفير الأجور نتيجة تراجع أسعار البيع دفعه إلى التخلي عن المحصول وإيقاف العمل بالمزرعة وهو الأمر الذي يعاني منه العاملون بالقطاع كل عام.
ويلفت إلى أن العمل بالقطاع الزراعي موسمي وغير دائم، إذ يتوقف العمل لستة أشهر تقريبا قبل أن يعود مع بدء الموسم الجديد، مؤكدا ضرورة وضع إستراتيجية وطنية تأخذ على عاتقها إقامة مشاريع تنموية لتوفير فرص عمل وتوجيه المؤسسات الاقراضية لدعم المشاريع الصغيرة للأسر الريفية بالتزامن مع معالجة مشاكل القطاع كخفض كلف الإنتاج وتسهيل انسياب المنتجات إلى الأسواق التصديرية، والتوجه للصناعات التحويلية الغذائية كجزء رئيس لحل مشكلة الاختناقات التسويقية.

حابس العدوان/ الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة