“ترميم المباني الأثرية- قلعة معان أنموذجا”.. تسلسل لتاريخ وحضارة المكان
– صدر بدعم من وزارة الثقافة، عن دار الخليج للنشر والتوزيع، كتاب بعنوان “صيانة وترميم المباني الأثرية- قلعة معان أنموذجا”، للدكتور عبدالله الخلايفة، ويتحدث فيه عن الفترة العثمانية في منطقة معان العثمانية، إضافة الى نبذة سريعة عن مدينة معان وتاريخها الحضاري والتاريخي خلال الفترات الماضية.
الخلايفة أهدى كتابه “إلى الإنسان الباحث عن تراث وحضارة وطنه قديما وحاضرا، فالوطن جزء من الروح والجسد وهو الهوية والتاريخ، فالأمة التي تحفظ وتقرأ تاريخها هي التي تحفظ ذاتها”.
يقول المؤلف إنه تطرق في كتابه الى عمليات الصيانة والترميم بشكل عام، والخاصة بالمباني الأثرية لدراسة قلعة معان الأثرية، وعن عمليات الصيانة والترميم التي أجريت لها خلال العامين 1918-1919، وما جرى بها من إجراءات صحيحة ومتقنة في مجال صيانتها وترميمها بعد تعرضها لكثير من عمليات الترميم الخاطئة وبعض المخاطر، والاعتداءات البشرية كإزالة بعض حجارتها وهدم بعض الجدران والعبث ببعض الغرف الداخلية، نظرا لاستخدامها أكثر من مرة ومع أكثر من جهة، كذلك خصص فصلا لإجراء عملية التقييم والمقارنة لمبنى القلعة قبل وبعد عمليات الصيانة والترميم، كما خصص فصلا للحديث عن مبنى القلعة بعد تحويله لمتحف تراثي خاص بمدينة معان.
ويشير الخلايفة الى أنه قام بإعداد هذا الكتاب بناء على الزيارات المتكررة لموقع قلعة معان الأثرية ودراسته بهدف إعطاء صورة واضحة وواقعية عن هذا المبنى ووظيفته سواء كانت المدنية أو العسكرية خلال الفترات السابقة، وقد اعتمد في هذه الدراسة على جمع المعلومات المتوفرة المبنية على منهجية علمية في سبيل الوصول الى صورة واضحة وشاملة توضح طبيعة هذا المبنى، وذلك من خلال ما يتوفر من مراجع ومقالات وتقارير، وكذلك قام بتزويد هذا الدراسة بجميع المعلومات والوصف العام والصور الفوتوغرافية للموقع.
ويتحدث المؤلف عن الأسباب التي جعلته يقوم بهذه الدراسة، قائلا “ما دفعني لدراسة هذا الموقع جاء للتعرف على العناصر المعمارية الأصلية لعمارة هذه القلعة، التعرف على العوامل التي أدت الى بناء هذا المبنى والتوصل الى ما أعطته مثل هذه المنشآت للمنطقة من القيمة التاريخية والأثرية التي تستحقها، قلة الدراسات والأبحاث التي تناولت بشكل تفصيلي هذا الموضوع من قبل الباحثين العرب واقتصارها على الباحثين الأجانب والزوار والرحالة، الذين قاموا بالوصف المتواضع لهذا المبنى، ملاحظة ضياع بعض المعالم وأجزاء من هذا المبنى وتغير بعض معالمه، فقد وجد من الأجدر ضرورة الإسراع بالعمل والتوثيق والدراسة وإجراء عمليات الصيانة والترميم للحفاظ على ديمومة هذا المبنى”.
يواصل الخلايفة حديثه “ومما دفعني لدراسة هذا المكان كون قلعة معان التاريخية موقعا مهما مر بمراحل مفصلية من تاريخ الأردن والمعاصر وما جرى في هذا المبنى تحديدا، فقد رأيت أن القيام بهذه الدراسة بأسلوب علمي منهجي سينتج مادة علمية منظمة تبقى مرجعا يستفيد منه الكثيرون في إجراء الدراسات المستقبلية عند إجراء المزيد من عمليات الصيانة والترميم”.
ويشير المؤلف الى الصعوبات التي واجهته أثناء قيامه بهذه الدراسة، قائلا “عند القيام بهذا العمل بشكل عام، الصعوبات التي واجهتها كانت، نقص الدراسات العربية في هذا الموضوع وافتقار المكتبة العربية لذلك، كذلك حالة المبنى حيث تعرض لعمليات الهدم الجزئية سواء بسبب الإهمال أو غياب الرقابة، أو بفعل العوامل الطبيعية أو سوء ونوعية الاستخدامات خلال الفترات السابقة”.
وعن الهدف من هذه الدراسة، يوضح الخلايفة “من أجل إكساب فهم معنى الصيانة والترميم للمباني الأثرية والتاريخية، التعرف على كيفية ترميم المنشآت التاريخية وتقييمها، دراسة وتقييم المباني التي تم ترميمها للوصول إلى منهجية واضحة للترميم من أجل تحقيق التميز في مجالات الترميم والحفاظ المعماري للمباني الأثرية والتاريخية، معرفة المشاكل التي تعانيها المباني الأثرية من الناحية الترميمية ليكون دافعا لوضع الحلول المناسبة لمواجهة هذه المشاكل وتجاوزها، التعرف على النظم الإنشائية للمباني الأثرية وخصائصها ومحاولة الوصول إلى مواد مشابهة أو مماثلة للمادة التي بها بناء الأثر، توفير قاعدة معلوماتية حول تقييم أساليب وتقنيات الترميم الصحيحة المتعبة”.
الكتاب جاء في خمسة فصول؛ الأول يتحدث عن معان وقلعتها خلال الفترة العثمانية، والثاني عمليات الصيانة والترميم، والثالث مشروع ترميم قلعة معان 2018-2019، الرابع تقييم ومقارنة عملية ترميم وصيانة قلعة معان، والخامس قلعة معان بعد عملية الصيانة والترميم.
ومن أهم النتائج التي توصل إليها الخلايفة في هذه الدراسة، أنه تمت عملية الصيانة والترميم لمبنى قلعة معان الأثرية بصورة شملت جميع عناصر المبنى سواء أكانت أرضيات أو أسقفا أو جدرانا وإجراء المعالجات اللازمة لذلك، وأيضا عملية الصيانة والترميم التي تمت بموادة مماثلة للمواد الأصلية للمبنى، ما أسهم في صيانتها بشكل سليم مثل إعادة بناء بعض الجدران المهدمة وإعادة ترميمها من حجارة المبنى الأصلية نفسها، واستخدام تقنيات حديثة وإدخال أفكار جديدة في صيانة وترميم مبنى قلعة معان مثل طرق معالجة الأرضيات والسقوف وعمليات العزل ومعالجة التشققات والشروخ.
ويرى أن عملية الصيانة والترميم لمبنى القلعة أسهمت في الحفاظ على جميع العناصر الزخرفية والنقوش الموجودة سليمة دون حدوث تشويش أو تحريف، وقد تم تلافي جميع السلبيات والمشاكل التي حدثت أثناء عمليات الصيانة والترميم السابقة لمبنى القلعة وتوثيقها للاستفادة منها في الأعمال الترميمية لمبان أخرى مشابهة. وقد أسهم المشروع والحديث عنه في رفع مستوى الوعي الأثري والثقافي للمواطن العادي ليدرك أن الآثار هي جزء من تاريخه، مبينا أن الدراسة أظهرت أن أغلب الحجارة التي تعرضت للتآكل هي قريبة من سطح الأرض، ويفسر هذا الأمر على أنه ناتج عن عمل بشري أثناء حفر المناطق الملاصقة للجدران عند تأهيل مبنى القلعة خلال الفترات السابقة، ما جعلها عرضة لتسرب المياه تحتها وعدم قدرة هذه المياه على التبخر.
ويقول الخلايفة “إن عملية الصيانة والترميم التي أجريت لموقع القلعة أسهمت في تحقيق الغرض الأساسي منها، وهي إعادة استخدام مبنى القلعة وحسب الخطة الموضوعة “تحويله لمتحف تراثي”، حيث تعد عوامل الرطوبة وتبلور الأملاح من أكثر العوامل المؤثرة على حجارة البناء، حيث يعد العنصر البشري وتدخلاته المختلفة من أهم العناصر المؤثرة في تلف المباني الأثرية والتراثية”.
ويذكر أن د.عبدالله الخلايفة حاصل على درجة الدكتوراه في الآثار، من جامعة مصر العربية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، صدر له العديد من المؤلفات منها “الآثار الرومانية والبيزنطية في موقع الحميمة”، “كنيسة البتراء الرئيسية”، “مدينة البتراء خلال العصر البيزنطي”، “كنائس البتراء خلال العصر البيزنطي”، “الحركة الأيقونية”، وهو عضو في اللجنة الاستشارية حول إنتاج محتويات معرض متحف البتراء، ومشرف رئيسي على أعمال التأهيل والترميم لقلعة معان.
عزيزة علي/ الغد
التعليقات مغلقة.