تزايد مخاطر نضوب المياه الجوفية.. ودعوات لتحديث الدراسات المتعلقة بها
عمان – وسط تزايد مخاطر نضوب مصادر المياه المتاحة واستنزاف الجوفية منها بشكل خاص، وتضاؤل حصة الفرد السنوية من المياه المتجددة والعذبة لنحو61 م3، بات ضروريا القيام بتحديث الدراسات الفنية وتقييم المشاريع القائمة مضيّا نحو تعزيز المعرفة واستغلال طبقة المياه الجوفية العميقة على نحو علمي دقيق.
وفي هذا الإطار، أكد خبراء في القطاع المائي، في تصريحات لـ”الغد”، ضرورة تحديث الدراسات المائية المرتبطة بمصادر المياه المتاحة والأخرى غير المكتشف جدواها بعد، في حال ظهرت بوادر توفرها.
ولم تغفل خطة التحديث الاقتصادي عن هذا الهدف بتأثيراته الكبرى، بحيث شملته الخطة ذاتها في محورها المرتبط بقطاع المياه، وذلك في سياق إشارتها لأهمية على تأسيس المركز الوطني للابتكار، والرامي أساسا لتجاوز التحديات المرتبطة بـ”ضعف إدارة قاعدة البيانات وبنك المعلومات المتصل بالمياه”.
من جانبه، أكد الأمين العام الأسبق لسلطة المياه إياد الدحيات ضرورة تحديث الدراسات الفنية، وتقييم المشاريع السابقة التي نفذتها وزارة المياه والري، مشيرا لأهمية اتخاذ هذا الإجراء العام الحالي.
وقال، إن ذلك يتم ببناء نموذج ثلاثي الأبعاد، لبيان واقعها وما رافقها من تحديات عند تنفيذها، وتشغيلها، وبيان أعماقها وماهية نوعيتها ومواصفاتها وكلف معالجتها.
وأضاف الدحيات، إن هذه الخطة، تعزز المعرفة واستغلال الطبقة الجوفية العميقة في المملكة بشكل عام وحوض الديسي بشكل خاص، والتي تتجاوز أعماقه 1000م2.
ودعا لأهمية إشراك الخبراء المختصين في نقابة الجيولوجيين بمراحل مختلفة من هذه الدراسات، لتحديث المعلومات وتوحيد البيانات المتوفرة عن آبار المياه العميقة.
من ناحيته، شدد الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري علي صبح، على أهمية القيام بتحديث الدراسات المرتبطة بالمياه الجوفية، وذلك جنبا إلى جنب لتحديث النموذج الرياضي ثلاثي الأبعاد للمياه الجوفية السطحية، والوسطى، والعميقة.
وقال إنه “لا بد من إعادة تطوير النموذج الرياضي الثلاثي الأبعاد، والمبني على نتائج الآبار في الطبقات الجوفية، وذلك بما يتناسب مع المعطيات الجديدة وصولا لنتائج جديدة”.
وأضاف “منذ العام 2015 قامت الوزارة بتطوير النموذج ، والذي عادة ما يتم تحديثه في فترة تتراوح بي 10 إلى 15 عاما”، منوها بأن “اكتشاف معلومات ومعطيات جديدة اثناءعمليات الحفر لا تتواءم مع المعطيات السابقة التي دخلت بالنموذج الرياضي، أو مدخلات سابقة، لا بد من إعادة بناء هذا النموذج وإدخال المعلومات الجديدة”.
وأكد، ضرورة إعادة بناء الدراسات المتعلقة بمعلومات آبار المراقبة على حدّ سواء، بخاصة وأن تلك المعلومات عادة ما يتم رصدها وتسجيلها، كل عام أو عامين، حيث تتضح الإجابة فيما إن كانت تتواءم مع المعلومات أو المعطيات، أم أنه يجب إعادة بناء الدراسات وبناء على نتائج آبار المراقبة، وذلك وصولا لتصور مستقبلي للمياه الجوفية.
وفي الإطار ذاته، دعت خبيرة دبلوماسية المياه ميسون الزعبي لضرورة القيام بـ”تقييم ثروة المياه وتشخيص حالتها وتحديد المخاطر التي تتعرض له، في ظل هذا الاستنزاف المفرط من الإنسان”.
ولفتت الزعبي إلى البدائل المطروحة حاليا، والتي جربت سابقا على مستوى ضيق في الاردن؛ ومنها استغلال المياه العميقة، مبينة أنه يجري المضي باستغلال طبقة المياه الجوفية العميقة بطرق علمية صحيحة، توازيا وتحديث الدراسات الفنية وتقييم المشاريع القديمة والاطلاع على تجارب الآخرين، وحفر آبار استكشافية للأحواض، بأعماق كبيرة للوقوف على جدواها، وملاءمتها للشرب، وغيرها من الاستعمالات.
وأوضحت أن الآبار الاستكشافية ستوفر معطيات حول المياه العميقة وجدواها الاقتصادية، للوقوف على إمكانية الاستثمار فيها، وإعداد الدراسات لاستغلالها مستقبلا كمصدر إضافي للمياه، مشيرة لإمكانية التثبت من ذلك “عبر إعداد دراسات جدوى اقتصادية لحفر الآبار العميقة، سواء من حيث الكميات الممكن استخراجها والنوعية والتكلفة، لنكون جاهزين مستقبلا لتامين جزء منها من حاجاتنا من المياه”.
وأكدت الحاجة الماسة لدراسات علمية صحيحة وإعادة النظر في تنفيذ واستثمار المياه الجوفية العميقة، فضلا عن الحاجة لمركز بحث علمي متخصص يستفيد من كافة الخبرات المتوفرة لمعرفة الحقيقة، وعدم الاعتماد على الخبرات المستوردة.
ونصّت عوامل التمكين في خطة التحديث الاقتصادي حول محورها المرتبط بالمياه، تحت عنوان “عوامل التمكين الرئيسة لتحقيق طموحات التنمية الاستراتيجية المتوقعة”، على إنشاء وتأسيس المركز الوطني للابتكار الهادف لتجاوز التحديات المرتبطة ضعف إدارة قاعدة البيانات وبنك المعلومات المتصل بالمياه، بخاصة المرتبطة أيضا بمعيقات تحديد الفجوات التشغيلية الرئيسية وإيجاد الحلول لها، والافتقار لمشاريع دراسات وأبحاث مشتركة.
وبينت “التحديث الاقتصادي” أن الجهات المسؤولة التي سيقع على عاتقها هذا الهدف، ستمثل كلا من وزارات المياه والري، والطاقة والثروة المعدنية، والبيئة، والزراعة، ومراكز الأبحاث الرائدة.
ويضع الواقع المائي الضاغط، المملكة أمام خيارات محدودة، لا تملك الحكومة فيها ترف الوقت لاتخاذ إجراءات واقعية ومتسارعة، سيما في ظل تنامي الفجوة بين تزايد الطلب وشح المياه.
وفي ظل تنامي الفجوة بين الموجود والمطلوب من حيث المصادر المائية، تشكل استضافة الأردن منذ أكثر من 10 أعوام للاجئين السوريين، ضغطا مباشرا على بنية الدولة التحتية ومرافقها الخدمية ومواردها الطبيعية، وعلى رأسها المياه التي يتزايد الطلب عليها مع نمو استخدامات المرافق البلدية والمنزلية المختلفة، واستخدامات الصناعة والزراعة والسياحة الأخرى، الناتجة عن نمو عدد السكان.
التعليقات مغلقة.