تظاهرة حاشدة في إدلب لإحياء ذكرى اندلاع “الثورة السورية”
– تظاهر الآلاف في مدينة إدلب، آخر المدن الكبرى الواقعة تحت سيطرة الفصائل الجهادية والمقاتلة في شمال غربي سورية أمس، إحياء للذكرى العاشرة لاندلاع الاحتجاجات ضد النظام التي سرعان مع تحولت بعد قمعها بالقوة إلى نزاع مدمر.
ودخل النزاع السوري أمس عامه الحادي عشر، مثقلاً بحصيلة قتلى تجاوزت 388 ألفاً، وعشرات الآلاف من المفقودين والنازحين، عدا عن نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل سورية وخارجها ودمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد.
وقالت هناء دهنين، على هامش مشاركتها في التظاهرة “جئنا نجدد العهد كما فعلنا العام 2011 حين قررنا إسقاط نظام بشار الأسد”.
وردّد المتظاهرون شعارات هتفوا بها في أولى التظاهرات السلمية التي خرجت الى الشوارع في أنحاء عدة من سورية، بينها التي خرجت في آذار (مارس) 2011، على غرار “حرية حرية حرية.. سورية بدها حرية” و”واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد”، و”يلا ارحل يا بشار”.
كما رددوا شعار “الشعب يريد إسقاط النظام”، وهو الهتاف الذي اعتمد في كل دول الربيع العربي. وحمل بعضهم صوراً لضحايا النزاع.
وحمل بعض المتظاهرين العلم السوري الذي اعتمدته المعارضة منذ بداية النزاع. وعُلقت لافتة كبيرة كتب عليها “الثورة عهد يتجدد ونصر مؤكد” و”يا شام انت شامنا”.
وقالت هناء، التي شاركت في تظاهرات 2011، “مستمرون في ثورتنا المباركة حتى لو تواصلت 50 عاماً.. جئنا إلى هنا لنطالب بحقوقنا وبالإفراج عن المعتقلين ومحاكمة مجرمي الحرب”.
لم تتوقع هناء، كما كثر، أن تتحول تظاهرات 2011، المستوحاة من “ثورات الربيع العربي” في تونس ومصر وليبيا، إلى نزاع دام. وأوضحت “كنا نأمل أن نسقط النظام من اليوم الأول، لكنه استخدم كل أسلحته ضد الشعب البريء ليقمع الثورة”.
وشهدت مناطق أخرى في إدلب، بينها مدينة أطمة الحدودية التي تضيق بالنازحين، تظاهرات مشابهة. وتظاهر آخرون في مدن واقعة تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها في شمال حلب، مثل أعزاز والباب.
ورغم أن أصوات المدافع خفتت إلى حد بعيد، خصوصاً جراء وقف اطلاق النار الساري منذ عام في محافظة إدلب، التي تسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل مقاتلة أقل نفوذاً على نحو نصف مساحتها، إلا أن المعاناة في سورية لم تنته.
وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي في بيان “تسببت عشر سنوات من الأزمة السورية في حدوث معاناة إنسانية وألم لا يمكن تصورهما”، مضيفاً “لقد خذل العالم السوريين” وقد تحول نزاعهم إلى أحد “أكبر أزمات اللجوء في العصر الحديث”.
وأضاف “اضطر نصف عدد سكان سورية للفرار من ديارهم (…) خلال عشر سنوات، ولاتكاد أن تكون أي بلدة أو قرية في سورية قد نجت من العنف، فيما المعاناة الإنسانية والحرمان لمن هم داخل سورية باتا لا يطاقان”.
رغم الدمار والموت والتشرّد الذي ضرب البلاد، يستعد الأسد لخوض غمار انتخابات رئاسية بعد أشهر تبدو نتائجها محسومة لصالحه حكماً.
وأعلنت بريطانيا أمس عن عقوبات جديدة تستهدف ستة أعضاء في حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، بينهم وزير الخارجية فيصل المقداد، لدورهم في “قمع الشعب السوري أو الاستفادة من معاناته”.
وتأتي الإجراءات التي تشمل منعا للسفر وتجميد أصول في الذكرى العاشرة للاندلاع حركة الاحتجاجات في سورية، وتستهدف أيضا مستشارة للأسد وقياديين في الجيش ورجلي أعمال.
وأفاد وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب “عرّض نظام الأسد الشعب السوري لعقد من الوحشية لأنه تجرأ على المطالبة بإصلاحات بشكل سلمي”. وأضاف “اليوم، نحاسب ستة أفراد آخرين من النظام لاعتدائهم الشامل على المواطنين الذين يفترض بهم أن يحموهم”.
وهذه العقوبات هي الأولى التي تفرض على دمشق بموجب سياسة بريطانيا المستقلة للعقوبات بعد بريكست.
وكانت بريطانيا، التي غادرت الاتحاد الأوروبي رسميا في كانون الثاني (يناير) 2020 تفرض عقوبات عن طريق التكتل.
وأدرجت بروكسل، التي بدأت فرض عقوبات على النظام السوري منذ 2011 على خلفية قمعه الوحشي للاحتجاجات المناهضة للحكومة، مقداد على قائمة عقوباتها في كانون الثاني (يناير).
وأكدت لندن أمس أنها تعمل مع مجلس الأمن الدولي للضغط على سورية “للانخراط بشكل ذي معنى” في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة ومحادثات اللجنة الدستورية في جنيف.
كذلك حضّت لندن دمشق على إطلاق سراح الأشخاص الذين اعتقلوا بشكل تعسفي والسماح بوصول المساعدات من دون عراقيل إلى كل أنحاء البلاد، وفق وزارة الخارجية.
ومن بين الشخصيات الأخرى التي شملتها العقوبات البريطانية لونا الشبل، مستشارة الأسد والمقربة منه، وقائد الحرس الجمهوري مالك عليا وقائد الفيلق الخامس في الجيش السوري زيد صالح.
من جانبه دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجدداً أمس إلى “إيجاد حلّ سياسي” للنزاع في سوريا الذي لا يزال من دون مخرج بعد مرور عشر سنوات على اندلاعه.
وكتب ماكرون في تغريدة “إلى الشعب السوري أريد أن أقول: لن نتخلى يوماً عن هذه المعركة”.
وأضاف “سنبقى إلى جانبه للاستجابة إلى حاجاته الإنسانية والدفاع عن القانون الدولي ومكافحة الإفلات من العقاب وإيجاد حلّ سياسي، الوحيد الممكن”.-(أ ف ب)
التعليقات مغلقة.