تعويم العملات الوطنيةبين الواقع والمأمول// أحمد غزالة
أصدقائي القراء في الوطن العربي ، أتناول معكم في هذا المقال قضية هامة لما لها من آثاراقتصادية كبيرة على الدول ومجتمعاتها ، وتتباين هذه الآثار بين الدول النامية والمتقدمة حسب الظروف الاقتصادية لكل منها ، وبدون التطرق إلى تفاصيل اقتصادية عميقة حول سعر الصرف قد لا تتناسب مع القارىء غيرالمتخصص في الشأن الاقتصادي ، وكما تعودت مع قرائي دائماً في تناولي للقضايا الاقتصادية وهو تبسيطها لأقل مستوى ممكن حتى تصل الرسالة بوضوح لجمهور القراء ، فتعويم العملات يتمثل في تركها لقوى السوق بدون أي تدخلات من جانب حكومات الدول ، وهنا فإنها تخضغ لقانون العرض والطلب الذي يحكم الأسواق ، وبذلك تكون العملة شأنها شأن أي سلعة ترتفع قيمتها كلما زاد الطلب عليها وتنخفض إذا قل الطلب عليها ،
ويأتي التأثير الأكبر هنا على سوق التجارة الخارجية حيث يعتمد هذا السوق بشكل رئيسي على العملة الدولية ( الدولار ) ، ومن هنا فإنه داخل سوق التجارة الخارجية نجد أن العملات الوطنية في مواجهة الدولار بشكل رئيسي، وبالرغم من الأهداف الاقتصادية الإيجابية الكثيرة التي تستهدفها دائماً قرارات تعويم العملة والتي يأتي في مقدمتها استهداف جذب الاستثمارات الأجنبية بفتح السوق أمام المستثمر الأجنبي وإعادة التوازن في الميزان التجاري والحد من العجز فيه ، إلا أن كثير من الدول وخاصة الدول النامية قد تجد آثاراً سلبية يستشعرها أفراد المجتمع ، والتي تتمثل هنا في تكلفة الإجراءات الإصلاحية للاقتصادات النامية ،
حيث نجد أن الدول النامية تعتمد بشكل رئيسي على استيراد معظم منتجاتها الرئيسية وهنا يزداد الطلب على الدولار فترتفع قيمته أمام العملة المحلية وبالتالي تزداد تكلفة الاستيراد والتي تنعكس بعد ذلك على أسعار السلع التي يتحملها المستهلك ، ولا تسلم الصناعة المحلية أيضاً من هذا التأثر حيث نجد أنها تعتمد على مستلزمات إنتاج مستوردة ، وبالتالي ينعكس ذلك على أسعار المنتجات المحلية سواءً بسواء مع المنتجات الأجنبية ، وكما قد يحقق تعويم العملاء جذباً للمستثمر الأجنبي إلا أن المستثمر المحلي قد يجد نفسه في مأزق شأنه في ذلك شأن المستهلك حيث تزداد تكلفة الاستثمار وبالتالي قد يؤثر ذلك على قراراته الاستثمارية ، وأيضاً دائماً ما تستهدف قرارات تعويم العملة القضاء على السوق السوداء التي يرتفع فيها سعر الصرف عن أسعار البنوك ، ولكن أرى أن هذا الهدف قد يصعب تحقيقه أحياناً حيث نرى أن السبب الرئيسي لأسعار السوق السوداء ليس تـثبـيت سعر الصرف للعملات الوطنية ،
ولكن أحد أهم أسبابه هو عدم توافرالدولار بشكل كافي لدى القنوات الرسمية وعدم قدرة البنوك على توفير كافة احتياجات المستثمر من الدولار ومن هنا يلجأ للسوق السوداء لتوفير احتياجاته من الدولار وهنا يظهر سعر جديد للدولار أعلى من نظيرة بالبنوك ، وختاماً أتمنى ألا تتأثر مجتمعات الدول النامية سلباً بقرارات قد تستهدف إصلاحات اقتصادية منشودة ، وأن تستطيع تلك المجتمعات تحمل تكلفة الإصلاحات الاقتصادية المنشودة ، وإلى اللقاء مع القارىء الكريم في كتابات لاحقة إن شاء الله .
بقلم أحمد غزالة – مصر
كاتب وخبير اقتصادي
التعليقات مغلقة.