تغيير قانون الإدارة المحلية هل يسهم بحكم محلي حقيقي؟

 – مع اقتراب موعد إجراء انتخابات المجالس البلدية والمحافظات، ومجلس أمانة عمان برزت دعوات خبراء بـ”ضرورة قيام حكومة د. جعفر حسان بإجراء تقييم يتسم بالإنصاف والمهنية لواقع حال تجربة الإدارة المحلية وهذه المجالس، كخطوة استباقية للتحضير لهذه الانتخابات”. 

وفي ظل دعوة جلالة الملك عبدالله الثاني في كتاب التكليف السامي لحكومة حسان “بالعمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة”، التي من المفترض أن تعقد عام 2026، أكد الخبراء  على “أن ثمة حاجة ملحة لإعداد قانون جديد للإدارة المحلية، لا أن يتم اجراء تعديل على القانون الحالي فقط”.

كما لا بد من “تشكيل لجنة من خبراء يمثلون كافة الجهات المختلفة لوضع خريطة طريق واضحة تحدد التعديلات والأنظمة، وغيرها من التفاصيل ذات العلاقة، التي تكون بمثابة أرضية عمل تنطلق منها الحكومة الجديدة لإيجاد حكم محلي حقيقي”، بحد قولهم. 
من جهته أكد أمين عام الشؤون الإدارية والمالية في وزارة الإدارة المحلية د. نضال أبو عرابي  على “أن الوزارة ملتزمة بما ورد في رد الحكومة على كتاب التكليف السامي حول انتخابات المجالس البلدية والمحافظات القادمة”.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني أكد في كتاب التكليف السامي لحكومة د.جعفر حسان على “أنه لا بد من العمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة، وهذا يتطلب مراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها لتمكين هياكل الإدارة المحلية من القيام بدورها التنموي والخدمي على أفضل وجه، وتطوير أدوات الرقابة والمساءلة، وبناء قدرات أعضاء وموظفي هياكل الإدارة المحلية، ومواكبة مشروع التحول الرقمي”. 
وشدد جلالته، على “أنه لا بد من تمكين المواطنين من المشاركة في تحديد الأولويات التنموية على المستوى المحلي ومواءمتها مع أولويات رؤية التحديث الاقتصادي تحقيقا للتناغم بينها، وبما يضمن التوزيع الأمثل والأكثر عدالة لمكتسبات التنمية”.
في الوقت الذي أكد فيه رئيس الوزراء د. جعفر حسان في رده على كتاب التكليف السامي على “أن حكومته ستبدأ بدراسة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية للتحضير لانتخابات المجالس البلدية ومجالس المحافظات القادمة، وذلك بالاستناد إلى مخرجات لجنة التحديث السياسي والتوصيات ذات العلاقة؛ فللبلديات ومجالس المحافظات دور أساسي في التنمية والنهوض بواقع الخدمات وتلبية احتياجات المواطنين وتحديد أولوياتهم التنموية”.
وكان نائب رئيس الوزراء وزير الإدارة المحلية السابق توفيق كريشان، أعلن في شهر أيار (مايو) عام 2023، عن “توجه حكومي لتعديل قانون الإدارة المحلية الحالي، لإدراج بعض التوصيات الواردة من اللجنة الملكية لتحديث المنظومة الاقتصادية”.
ومن بين الإجراءات التي يجب اتخاذها كأحد الخطوات الحكومية للتحضير للانتخابات “إجراء تقييم مهني ومحايد ومنصف لواقع مجالس البلديات والمحافظات بشكل خاص، ولتجربة الإدارة المحلية بصورة عامة”، وفق تأكيدات مدير عام مركز الحياة “راصد” د.عامر بني عامر.
ويجب أن يرافق ذلك الأمر، من وجهة نظره “قيام الحكومة بإجراء مشاورات مع المجتمع المدني، ورؤساء البلديات والمحافظات، والمستفيدين من خدمات تلك المجالس، للحصول على تغذية راجعة بشأن واقع العمل البلدي، والإدارة المحلية”.
وهذه الخطوة برأيه تأتي بهدف “اتخاذ قرارات تستند إلى حقائق علمية تساهم عبرها الحكومة لإحداث تغيير فعلي وحقيقي على واقع الإدارة المحلية، التي تواجه العديد من التحديات أدت الى عمل إدارات المجالس البلدية والمحافظات”.
ولا يجب، بحد قوله “التركيز فقط على تعديل قانون الإدارة المحلية، بل إيجاد قانون جديد مختلف تماما في بنوده عن المعمول به حاليا، والاستفادة من التوصيات التي خرجت بها اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإدارة المحلية في وقت سابق”.  وكانت توصيات اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإدارة المحلية شددت على ضرورة إعادة استحداث المجالس المحلية مجددا، بعد أن تم إلغاؤها بموجب قانون الإدارة المحلية الجديد، الذي نشر في الجريدة الرسمية نهاية أيلول (سبتمبر) عام 2021.
كما ركزت التوصيات، التي صدرت في شهر تشرين الأول (أكتوبر) عام 2021، على أهمية توسيع الصلاحيات الإدارية للمجالس البلدية وباطراد، والذي كانت تدعو إليه البلديات والخبراء في الشأن البلدي ومنذ سنوات عديدة، والذي يترافق مع تزايد خبرة أعضاء هذه المجالس (الهياكل المنتخبة)، واكتسابها ثقة مجالس المحافظات.
وفي رأي وزير الشؤون البلدية الأسبق د. حازم قشوع “فإن الانتقال من الإدارة المحلية للحكم المحلي بات أمرا ضروريا، والذي يستدعي معه دمج وزارتي الإدارة المحلية والداخلية ضمن وزارة واحدة، لتسمى بالحكم المحلي”.  ومن ثم، وبحسبه “إنشاء مجلس محافظة محلي، مع حكومة لكل من محافظات المملكة على حدا، تحويل الموازنة العامة للدولة من التركيز على القطاعات للمحافظات”.
ومن بين الخطوات الواجب اتخاذها كذلك “إنجاز المخططات الشمولية، لتحويل كل ما يتعلق بالطبوغرافية، والديمغرافية، والجغرافية للمحافظة وليس للبلدية، ومن ثم العمل على إيجاد ما يسمى بالسمة الدالة للعلامة الإنتاجية للمحافظة”، تبعا له. كما لا بد من “تشكيل لجنة من خبراء يمثلون كافة الجهات المختلفة لوضع خريطة طريق واضحة تحدد التعديلات والأنظمة، وغيرها من التفاصيل ذات العلاقة، التي تكون بمثابة أرضية عمل تنطلق منها الحكومة الجديدة لإيجاد حكم محلي حقيقي”، وفق قشوع. 
وفي شأن مجالس المحافظات، جاءت اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإدارة المحلية بفكرة جديدة تدعو لاستحداث هيكل جامع لعدد من المحافظات على نطاق إقليمي، بما يسهل عملية الإشراف على عملها، ويتيح للسلطة المركزية نقل المزيد من سلطاتها الإدارية، ومهامها الخدمية، والتنموية إلى هذه الهياكل المستحدثة.
فاللجنة اعتبرت مجالس المحافظات هي الهيئات العليا للإدارة المحلية في الوضع القائم حاليا، ومن الطبيعي أن تتولى مهام عدة تتمثل في البرامج التنموية أساسا، والخدمية والإدارية بشكل عام.
كما وجاءت اللجنة بفكرة إنشاء ما يسمى بمجالس الأقاليم وهي الهيئات العليا المنتخبة للإدارة المحلية في مراحلها الأخيرة، ويقصد بها مرحلة الحكم المحلي على مستوى السلطة التنفيذية (تنمويا وخدميا).

 فرح عطيات/الغد

التعليقات مغلقة.

مقالات ذات علاقة