تفجير الآلاف من حزب الله بأجهزة “البيجر”.. اختراق أمني كبير ولغز ينتظر فك رموزه
بعد إصابة أكثر من 3000 عنصر من حزب الله في عدة مناطق لبنانية من ضمنها الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وحتى في العاصمة السورية دمشق في تفجير أجهزة اتصال محمولة “بيجر” تراوحت التحليلات بين من شكك بتلك الأجهزة في أن الاحتلال الإسرائيلي وضع عبوات متفجرة فيها قبل وصولها إلى الحزب، وبين من قال إن الاحتلال الإسرائيلي استخدم تقنية لاسلكية متطورة لتفجيرها.
وتعد تلك العملية أكبر اختراق أمني منذ بداية المواجهات بين الكيان المحتل وحزب الله منذ تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وحتى اليوم.
وأشار خبراء إلى أنه يحتمل أن المتفجرات وضعت داخل الأجهزة أثناء عمليات تصنيعها، بحيث كانت شديدة الصغر ولا تكفي للقتل لكنها تكفي للإصابة وتفجير الجهاز، ويتم تفعيلها عبر استخدام ترددات معينة من طائرات مسيّرة، بحيث يتم التردد بشكل متناسق ولكافة الأجهزة على محيط جغرافي كبير.
ومن التحليلات الأخرى التي ساقها خبراء أن تكون العملية نفذت عبر الولوج لثغرة أمنية، لكن منتقدين لهذا الاحتمال يقولون إن بصمة المتتالية والمتزامنة لا ترجح هذا السيناريو.
وأعاد خبراء التذكير بعملية مشابهة حين تم اختراق أجهزة الطرد المركزية الإيرانية عبر استخدام فيروس “ستناكنس” الذي كانت وظيفته الدخول إلى أجهزة الطرد المركزي والمبيت لفترة معينة في كامل غرفة التحكم.
فقد انفجرت تلك الأجهزة بشكل متزامن في كل من يحملها من عناصر حزب الله أمس، ما أدى إلى وقوع أكثر من 3000 مصاب، فيما لم يعرف بعد عدد من قتل بسببهاـ إلا أن حزب الله أعلن لاحقا إصابة أكثر من 3000 ومقتل 9 بينهم طفلة.
كما قال الحزب في بيان إن تلك الانفجارات الغامضة الآن راهنا محل فحص من قبل “الأجهزة المختصة في الحزب والتي تجري تحقيقا واسع النطاق أمنيا وعلميا لمعرفة سبب الانفجارات المتزامنة”.
ودعا الحزب إلى “الانتباه من الإشاعات والمعلومات المضللة التي من شأنها خدمة الحرب النفسية لمصلحة العدو الصهيوني”.
ولاحقا حمّل حزب الله الاحتلال الصهيوني المسؤولية عن التفحيرات، متوعدا بالرد.
ووسط استنفار أمني وصحي غير مسبوق في البلاد عجت مستشفيات لبنان بجرحى لم يسبقهم في العدد إلا حين انفجر مرفأ بيروت قبل 4 سنوات، فيما ذكرت مصادر صحية لبنانية أن الكثير من الجرحى جرى تحويلهم لمستشفيات في سورية.
وأكدت مصادر في كيان الاحتلال أن الانفجارات استمرت حوالي نصف ساعة متتالية، وفق ما نقلت القناة 13. مضيفة أن إسرائيل اخترقت نظام الاتصالات اللاسلكي لحزب الله وفجرته.
وأفاد أشخاص مطلعون بأن أجهزة النداء المتضررة كانت من شحنة جديدة تلقاها الحزب مؤخرا.
وذكر مسؤول في حزب الله أن بعض الأشخاص شعروا بسخونة أجهزة “البيجر” الخاصة بهم وتخلصوا منها قبل انفجارها، بحسب ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال”.
بدورها كشفت مصادر أمنية مطلعة أن أجهزة الاتصال التي انفجرت هذه هي أحدث طراز جلبه حزب الله في الأشهر القليلة الماضية.
وكانت مصادر قالت إن العديدين أصيبوا بجروح بليغة بعضها في الوجوه، جراء تفجر تلك الأجهزة بشكل مباغت.
إلى ذلك، أكدت مصادر أنه بعد الحادثة أبلغ حزب الله جميع عناصره بالتخلي فورا عن تلك الأجهزة.
وشهدت الضاحية الجنوبية التي تعتبر معقل حزب الله حالة من الهلع، وسط تكاثر نداءات “المستشفيات طلباً للتبرع بالدم”. من جهتها، أعلنت وزارة الصحة في بيان أن أعدادا كبيرة من المصابين بجروح مختلفة تتوافد إلى المستشفيات. كما حثت جميع المواطنين الذين يمتلكون أجهزة اتصالات لاسلكية أو أي أجهزة نداء شبيهة الابتعاد عنها ريثما تتبين حقيقة ما يجري.
جاءت تلك الاستهدافات بالتزامن مع كشف الاحتلال إحباط محاولة اغتيال بوقت سابق أمس كانت تستهدف رئيس أركان سابق في تل أبيب.
وكانت مصادر لبنانية مطلعة أكدت قبل أشهر منذ تموز (يوليو) الماضي أن حزب الله بدأ باستخدام الرموز في الرسائل وخطوط الهواتف الأرضية وأجهزة البيجر لمحاولة التهرب من تكنولوجيا المراقبة المتطورة لإسرائيل، بهدف تفادي محاولات الاغتيال التي طالت عددا من قيادييه مؤخرا.
فيما يعد هذا الاختراق التطور الأبرز ضمن مجمل خطوات التصعيد التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ بدء الحرب الإٍسرائيلية على قطاع غزة المحاصر قبل عام تقريباً.
وعقب ما أعلنت وكالة مهر للأنباء الإيرانية إصابة السفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني جراء هجوم إسرائيلي السيبراني، عادت مصادر إيرانية وقالت إن السفير بخير وإصابته سطحية.
وقال مصدر أمني لبناني إن مئات الإصابات وقعت في انفجار أجهزة بيجر بحوزة حامليها في مختلف مناطق البلاد، موضحا إن الانفجارات سببها أجهزة الاتصال في لبنان والتي اخترقت عبر تقنية لاسلكية.
من جهتها، نقلت وسائل إعلام عن مصدر لم تسمه- قوله إنه من المعتقد أن استهداف أجهزة الاتصال هو نتيجة هجوم إسرائيلي.
وذكرت أنباء نقلا عن وزير الصحة اللبناني أن “مئات الجرحى” في مناطق مختلفة في لبنان جراء انفجار أجهزة اتصال.
كما نقلت الوكالة عن مصدر مقرب من حزب الله أن “المستشفيات تطلب دما” بسبب ارتفاع أعداد المصابين. وأكد مصدر آخر مقرب من الحزب أن الحادث “خرق إسرائيلي”.
وقالت وكالة أنباء لبنان إن “العدو الإسرائيلي خرق أجهزة بايجر المحمولة للاتصالات وفجرها عبر تقنية عالية”. وأوضحت الوكالة أن عشرات أصيبوا في حدث غير مسبوق نتيجة خرق أجهزة “بايجر” المحمولة للاتصالات وتفجيرها بأيدي حامليها في مناطق متفرقة بالبلاد.
وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن مستشارا بارزا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ألمح إلى أن إسرائيل تقف وراء تفجير أجهزة اتصال في لبنان.
ولاحقا قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن مستشار نتنياهو يحذف تغريدته التي أشار فيها لمسؤولية إسرائيل عن هجمات بيروت بعد دقائق من نشرها.
وقال مسؤول كبير سابق بجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) إن تفجير أجهزة اتصال خاصة بمئات العناصر من حزب الله اختراق أمني استخباراتي غير مسبوق.
وطلبت وزارة الصحة اللبنانية من المستشفيات الاستنفار ورفع مستوى استعداداتها لتلبية الحاجة السريعة لخدمات الطوارئ.
ودعت الوزارة العاملين في المجال الصحي إلى التوجه بشكل عاجل إلى المستشفيات. وناشدت المواطنين التوجه إلى المستشفيات للتبرع بالدم للمصابين.
وقال مصادر حكومية لبنانية إن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي طلب من وزير الصحة مغادرة جلسة حكومية واستنفار كل أجهزة الوزارة لمواكبة التطورات.
يذكر أن حزب الله سبق أن طلب من عناصره عدم استخدام الهواتف المحمولة لتفادي أي خرق إسرائيلي، ووضع بديلا عنها نظام اتصالات خاص به.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي ذكرت فيه الإذاعة الرسمية الإسرائيلية أن وزير الدفاع يوآف غالانت وقيادة المنظومة الأمنية يجرون مشاورات مكثفة منذ الصباح بشأن لبنان.- (وكالات)
التعليقات مغلقة.