تكرار الاخطاء الطبية، الأسباب والحلول// نايف المصاروه.
=
خطّأَ: (فعل)، مصدر خطِئَ، الجمع : أخطاء.
خطَّأَ يُخطِّئ ، تخطئةً وتخطيئًا ، فهو مخطِّئ ، والمفعول مخطَّأ.
خَطَأُ : ارتكاب ذنب بغير تعمُّد، عكس صواب، خطأ إملائيّ/ كتابيّ/ لغويّ/ مطبعيّ ، ” رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ [حديث].
الخطأ :في علوم النفس، نقص في جهاز أو طريق أو إجراء يؤثِّر على صدق النتائج.
خطأ فادح/ خطأ جسيم: خطأ كبير.
القتل الخطأ: ما ليس للإنسان فيه قصد، قتل عن غير تعمّد.
وفي التعريف القانوني والفقهي لمفهوم الخطأ، ثار خلاف بين الفقهاء حول تعريف الخطأ وتحديد مفهومه، أو وضع معيار معين له.
فمنهم من أخذ بالنظرية التقليدية للخطأ التي تشترط أن يتوافر فيه عنصران: أولهما، نفسي وهي الإضرار بالغير أو توقع الضرر والمضي في الفعل المحدث له مع ذلك، أو عدم الاحتياط لتلافيه.
وثانيهما، مادي وهو أن يكون الفعل غير مشروع أو إخلالاً بالقانون أو الواجب القانوني، ومنهم من يعّول على نظرية تحمل التبعة.
عرّف الفقيه الفرنسي بلانيول الخطأ بأنه إخلال بالتزام سابق ينشأ عن القانون أو العقد أو قواعد الأخلاق، كما عرفه سافاتييه بأنه «الإخلال بواجب كان في الإمكان معرفته ومراعاته».
ولأن هناك نوعين من المسؤولية: المسؤولية العقدية والمسؤولية التقصيرية فإن ذلك يستتبع وجود نوعين من الخطأ: الخطأ العقدي، وهو خطأ يتتبع في تكييفه وتعيّن مداه ظروف التعاقد وما اتفق عليه أطراف العقد.
كما ميز الفقه بين أنواع الخطأ، وذكر منها الخطأ العمد الذي يكون بقصد المرء إحداث الضرر فيما يقدم عليه من الإخلال بواجب قانوني.
والخطأ غير العمد وهو يكون عندما يقع الإخلال بواجب قانوني بغير أن يتجه فيه قصد المسؤول إلى إحداث الضرر.
منذ أيام اثير لغط كثير في الشارع الأردني، وضجت وسائل التواصل الإجتماعي، بجملة من الأخبار التي تناقلتها وسائل الاعلام، والتي تضمنت خبر وفاة سيدة اثناء اجراء عملية جراحية لها بسبب النزيف الحاد.
وخبر وفاة طفلتين أحداهما في عمان والاخرى في إربد، نتيجة انفجار الزائدة الدودية، وما رافق ذلك من تعقيبات وتعليقات، ولوم وغضب شديد على ما يجري في قطاعنا الطبي.
بعد ان أنهى فريق التحقيق الذي شكلته وزارة الصحة، للتحقيق بالملابسات والمجريات التي رافقت حادثة وفاة الطفلة لين أبو حطب في مستشفى البشير، والذي خلص إلى إدانة 5 أطباء بالتقصير في تشخيص حالة الطفلة ، وذلك عندما أخطأ الأطباء في تشخيص حالتها بعد مراجعتها لليوم الأول والثاني 2 / و 3 /9 /2021، وعندما عادت الطفلة لمنزلها دون تقدير حالة الخطورة،
والتوصية بإحالة الموضوع إلى النائب العام المختص لاتخاذ المقتضى القانوني وحسب الأصول.
من قرأ الحثيثيات والوقائع التي تم سردها، او استمع الى الحديث الذي تم بثه من قبل ذوي الضحايا، يجد انه من غير المقبول ولا المعقول، ان تتعرض حياة الإنسان ” اي انسان ”، لخطر العبث والتساهل، وان يتعرض المرء للوفاة في المستشفى، الذي يذهب إليه للإستشفاء والعلاج، بسبب التقصير وعدم الجدية.
والسؤال لكل صاحب قرار.. ما علاقة المريض بنقص الكوادر، او ضعف الخبرة والتدريب، وضغط العمل وكثرة المراجعين، إلى اين يذهب المريض؟
ومن المعني بالقضاء على هذه الظواهر المزعجة والمقلقة، التي تهدد امننا الصحي، وسمعتنا الطبية!
اي عقل او قلب لإنسان، ذلك الذي سمح، بان تتردد طفلة بعمر الورود، خمسة سنوات، وهي تتلوى وتئن ، من شدة الألم، ولم يكلف نفسه عناء، طلب صورة أشعة ، او إجراء تحليل مخبري ، ليكشف بعد ذلك ويكتشف اسباب المعاناة؟
ولأنني أعيش الواقع، وأذوق المرارة، وانا أراجع بشكل شهري او اسبوعي، لإحدى أهم مؤسساتنا الطبية، فقد لمست التراخي والتساهل والا مبالاة في التعامل مع أغلب المرضى .
كما أشير إلى أن نظام حكيم، الذي تم العمل به في أغلب مؤسساتنا الطبية، هو نظام غاية في الإبداع والرقي، لكن وبكل اسف، لا يستخدم إلا في جزئيات من قبل بعض الاطباء، كطلب الاشعة او صرف الأدوية، ويفتقر الى امر مهم، وهو تلخيص السيرة المرضية للمريض، ولا يقولن ذلك بغير ذلك لان عندي الكثير من الادلة على ذلك .
واسال، اليس من الواجب ان يكون لكل مريض، سيرة مرضية مختصرة على الاقل، تبين العلل والشكوى، ومسار الإجراءات والتداخلات الطبية التي أجريت للمريض، والادوية التي تم صرفها ؟
وذلك يدفعني للقول، لو تم تفعيل السيرة المرضية والاعراض والشكوى لبعض المرضى ، والإجراء الطبي، لما سمح لتلك الطفلة بالمراجعة لأكثر من مرة دون اي إجراء.
وهنا اشير الى ان الخطأ قد يقع من اي إنسان، مهما كان علمه وعمله ومسماه، لكن الذي يجب الإشارة إليه، ان تكرار الاخطاء، مرده إلى جملة من المسميات منها :-
ضعف في الرقابة على الذات، من قبل بعض الموظفين. او ضعف في العلم والمعرفة والتدريب، او ضعف وقصور في التشريعات التي تحمي الحقوق وتحاسب وتجرم المقصر.
بعد ان استمعت بالامس الى برنامج نبض البلد، الذي يقدمه الزميل محمد الخالدي، والذي استضاف فيه اولا زوج المتوفاه، ثم مجموعة من المعنيين في الشان التشريعي والقانوني والإداري والطبي ، علمت تماما أننا أمام معضلة كبرى في قطاعنا الطبي، تحتاج الى عملية طارئة لا تحتمل التأخير او التأجيل.
وعندي سؤال الى كل مسؤول في وزارة الصحة ولجنتي الصحة في مجلس النواب والأعيان ، لماذا تشكل المجالس واللجان بمختلف مسمياتها، ك لجنة المعايير الطبية والمجلس الطبي العالي وغيرها، ولماذا لم يتم تفعيلها؟
والسؤال الآخر هل لهذه اللجان والمجالس، مخصصات مالية لقاء عملها، وهل تم صرفها ام لا؟
والى متى سيبقى او سيستمر واقع تكرار الاخطاء الطبية وبشكل متزايد ؟
لقاء نبض البلد كشف للعامة أن هناك ” 212”قضية خطأ طبي، لدى اللجنة الطبية العليا، لم يبت إلا في عدد قليل منها لا يتجاوز ال” 20” قضية، إذا ما هو عمل تلك اللجنة، ومتى سيتم انهاء تلك الملفات؟
ختاما، أعي تماما أن هناك من يسعى للإساءة الى سمعتنا الطبية!
كما أعي تماما ان هناك ضغط كبير جدا على المستشفيات والمراكز الطبية، ولكن لا مبرر ابدا للتخاذل او التقاعس عن أداء الواجب مهما كانت الأسباب.
ومن غير المقبول تكرار الأخطاء الطبية القاتلة،وهذا يتطلب إعادة النظر وبشكل عاجل بقانون المساءلة الطبية، وقانون العقوبات لتغليظ العقوبة على كل متهاون او متخاذل.
وأخاطب كل صاحب قرار… متى سيولى الامر إلى أهله ، من اهل الامانة والوفاء؟
وأخاطب كل مواطن غيور، بان لا تسكت عن أي خطأ اداري او تنفيذي تراه في اي مؤسسة عامة، فالسكوت والصمت باب عريض لوقوع المزيد من المخالفات وتبعاتها، التي قد تطالك انت او اي من افراد اسرتك لاحقا لا قدر الله.
التعليقات مغلقة.