“تلفريك القدس”.. مشروع تهويدي يقضم أراضي المقدسيين ويحاصر “الأقصى”
ما تزال القدس المحتلة تنوء صامدة تحت وطأة معركة التهويد؛ إزاء استمرار مساعي الاحتلال الإسرائيلي “الفاشلة” للتضييق على المقدسيين والنيل من سبل معيشتهم سبيلا لتهجيرهم وإحلال المستوطنين مكانهم، عبر هدم منازلهم وتشريدهم وتنفيذ مخططات استيطانية ضخمة تفصلهم عن بقية أنحاء الضفة الغربية، في إطار محاولات تهويد المدينة وتغيير معالمها.
في حين يعتزم الاحتلال تنفيذ ما يسمى مشروع “تلفريك القدس” الذي يسعى من خلاله إلى تهويد المدينة وطمس هويتها وقضم مئات الدونمات من أراضي المقدسيين، سبيلا لتهجيرهم، ومحاصرة وخنق المسجد الأقصى المبارك بما يسهل عملية اقتحام المستوطنين لباحته بأعداد كبيرة، تلبية لضغوط ما يسمى “جماعات الهيكل”، المزعوم، المتطرفة.
وقد شهدت مدينة القدس المحتلة، أمس، تكرار أساليب الاحتلال العدوانية ضد هويتها؛ وذلك بهدم 6 منازل مقدسية دفعة واحدة وتشريد سكانها بأفراد عائلاتها الأربع التي تضم 30 فلسطينيا، والمصادقة على مخطط استيطاني جديد من شأنه مصادرة مساحات شاسعة من أراضيها لصالح الاستيطان، وفصلها عن النسيج الفلسطيني المجتمعي في الأراضي المحتلة.
إلا أن حكومة الاحتلال اليمينية تقف عاجزة أمام تمسك المقدسيين بأرضهم ورفضهم مغادرتها رغم هدم منازلهم، وذلك إما عبر افتراشهم الخيام في البقع المجاورة لحطام بيوتهم المدمرة بجرافات الاحتلال العدوانية، أم باستضافتهم لدى آخرين من أهالي المدينة إلى حين إعمار منازلهم من جديد، في إطار مواجهة عدوان الاحتلال ومستوطنيه.
واتخذت سلطات الاحتلال ذريعة مصادرة الأرض لصالح “المنفعة العامة” حجة واهية لهدم المنازل المقدسية التي تضم أربع عائلات مقدسية في حي وادي قدوم في بلدة سلوان، بالقدس المحتلة، بعد أكثر من 25 عاما في محاكم الاحتلال لترخيص المنازل التي يزيد عمرها التاريخي عن عمر الكيان المحتل نفسه.
ويبدأ الاحتلال في العادة بملاحقة الأهالي المقدسيين تحت حجة البناء بدون ترخيص، إلا أنه سرعان ما يلجأ، عند بطلان مفعول حجته، إلى مسوغ “المنفعة العامة”، وذلك بعد قيام الأهالي بدفع المخالفات والأموال لمحاكم الاحتلال من أجل حماية الأرض والحفاظ عليها من عدوانه، غير أن ما يسمى المحكمة العليا الإسرائيلية تصدر قرارها النهائي بالهدم والإخلاء فورا.
وتكرر مشهد الهدم قبل حوالي العامين حينما أجبرت سلطات الاحتلال إحدى العائلات المستهدفة بهدم ثلاثة منازل في نفس الأرض تضم أولادها وأحفادها، من بينهم أطفال، بما يكشف وجه الاحتلال العنصري القبيح في محاولته البائسة لطمس تاريخ وهوية القدس المحتلة، دون فائدة.
بينما تعتزم حكومة الاحتلال اليمينية قريبا تنفيذ ما يسمى مشروع “القطار الهوائي- التلفريك” في محيط البلدة القديمة بالقدس المحتلة، بعدما استكملت الإجراءات والترتيبات اللازمة للشروع به، بما يعني تهويد أجواء المدينة ومعالمها التاريخية، وإضفاء طابع مغاير على وجهها الحضاري.
وفي ظل تسارع عمليات التهويد والاستيطان التي تشهدها القدس المحتلة في عهد حكومة الاحتلال اليمينية؛ فإنها تسعى اليوم إلى تهويد سماء القدس عبر إنشاء القطار الهوائي، بعد رفض ما يسمى محكمة الاحتلال العليا مؤخرا كل الاعتراضات المقدمة ضد المشروع التهويدي، الذي سيتيح لآلاف المستوطنين استباحة أجواء المدينة وصولا إلى البلدة القديمة وحائط البراق، غربي المسجد الأقصى المبارك.
ويعد مشروع “القطار الهوائي” من أخطر مشاريع تهويد القدس، حيث سيتم تنفيذه على مرحلتين، بهدف تغيير الوجه الحضاري للمدينة، وتحديدا بلدتها القديمة، وإغلاق الأفق أمام المسجد الأقصى، وتشويه المعالم العربية والإسلامية، وإضفاء الطابع اليهودي المزعوم، وفق مختصين في شؤون القدس المحتلة.
ومن شأن نفاذ المشروع التهويدي الالتفاف حول المسجد الأقصى من جهتيه الشرقية والجنوبية، حيث يبدأ تنفيذه من غربي القدس وصولا إلى جانبها الشرقي، إذ يبدأ القطار من أعلى نقطة في جبل الزيتون باتجاه مقبرة باب الرحمة شرقي الأقصى، وصولا إلى باب المغاربة، حتى مدخل وادي حلوة ببلدة سلوان.
وطبقا لما هو مخطط له؛ فإن “التلفريك” سينقل نحو 3 آلاف مستوطن بالساعة الواحدة، في رحلة تستغرق أربع دقائق في محيط أسواق البلدة القديمة وصولا إلى حائط البراق، بالمسجد الأقصى، وذلك بدعم من ما تسمى جمعية “إلعاد” الاستيطانية.
ويهدف المشروع التهويدي إلى إحكام السيطرة على البلدة القديمة ومحيطها، ومحاصرة وخنق المسجد الأقصى، وتغيير الطراز المعماري والحضاري في القدس، والسيطرة على مئات الدونمات من أراضي المقدسيين، كونه سيمر فوق منازلهم، ولا سيما في البلدة القديمة وسلوان، مما سيدفع بالكثير منهم لترك منازلهم.
وبحسب معطيات مراكز الدراسات المقدسية؛ يبلغ طول القطار 1.4كم، ويشمل مساره أربع محطات رئيسة، أقربها سيكون بجانب باب المغاربة الخارجي، في مدخل وادي حلوة على بعد 20 مترا من سور القدس التاريخي، ونحو مائة متر عن جنوبي المسجد الأقصى.
بينما ستكون المحطة الثانية عند الكنيسة الجثمانية شرق باب الأسباط، أحد أبواب القدس القديمة، وعلى بعد عشرات الأمتار عن شرقي المسجد الأقصى ومقبرة باب الرحمة، أما المحطة الثالثة، فستكون على جبل الزيتون، فيما ستكون المحطة الرابعة بجانب عين سلوان، وذلك لتسهيل وصول المستوطنين المتطرفين إلى البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
ومن ذلك؛ فإن القطار التهويدي سيمر فوق سماء المسجد الأقصى، وستحمل عرباته آلاف المستوطنين، وأعلام الاحتلال، وسيتم الترويج لروايات تلمودية مضللة، مما يؤدي لتشويه المشهد الحضاري والعمراني التاريخي للمدينة، وبما يعد الأشد خطورة على البلدة القديمة و”الأقصى”، لجهة تغيير المعالم وتهويدها.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.