تلفريك عجلون.. كيف يسهم بتطوير المحافظة؟
منذ انطلاقته رسميا في منتصف حزيران (يونيو) الماضي، والأنظار سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، تتجه إلى تلفريك عجلون، بوصفه وجهة سياحية بارزة، وفرصة للتشجيع على استقطاب استثمارات جديدة للمحافظة، لا سيما مع تزايد أعداد زواره، والإشادة بالتجربة الفريدة والممتعة التي يوفرها لمرتاديه.
فوفقا لأرقام مديرية السياحة، والمناطق التنموية، تقترب أعداد زوار المناطق السياحية السنوية من مليوني زائر سنويا، بحيث يتوجه لزيارة المواقع الأثرية كقلعة عجلون ومار إلياس نحو نصف عددهم، فيما بلغ عدد زوار التلفريك منذ افتتاحه أكثر من 150 ألف زائر.
وفي قراءة لمختلف البيانات والتصريحات الصادرة عن إدارة مجموعة المناطق التنموية المشغلة لمشروع التلفريك، تظهر حالة من الرضا عما حققه المشروع من حيث أعداد الزوار وردود الفعل حوله، إلا أن التحدي الأبرز الذي يتحدث عنه معنيون هو مدى قدرة المشروع على التطور والاستمرار في تحقيق النجاح، بالإضافة لمدى تأثيره في الواقع التنموي لمحافظة عجلون على وجه الخصوص.
في أجواء كتلك، برزت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني للتلفريك يوم الثلاثاء الماضي، إذ كان مهما ولافتا تأكيد جلالته على ضرورة الاهتمام بالفرص الاستثمارية المرتبطة بالتلفريك، ودعوته الجهات المعنية لأن يكون التلفريك مركزا لتطوير المنطقة سياحيا عن طريق ربطه بالمواقع السياحية الأخرى في المحافظة.
الطرح الملكي يأتي في سياق تعزيز النهضة والتنمية السياحية التي بدأت تشهدها المحافظة وتضاعف أعداد زوارها، ويركز على ضرورة توسيع قاعدة المناطق المستفيدة، وأن تنعكس تلك الأعداد على توزيع الفائدة لتشمل جميع المناطق السياحية والمواقع الأثرية، وبالتالي توزيع المكاسب واستفادة المشاريع السياحية فيها، والتشجيع نحو مزيد من الاستثمارات.
نشطاء وخبراء ومستثمرون في القطاع السياحي بعجلون يرون من جانبهم، أن توجيهات جلالة الملك للمعنيين بالشأن السياحي والتنموي، تأتي في وقتها، حيث بدأت المحافظة تشهد قدوم أعداد غير مسبوقة للزوار، ما يفرض ضرورة توظيف هذه الفرصة لصالح المشاريع المقامة، والتي من المفترض أن ينعكس عليها الحضور العددي، لا أن تبقى الزيارات قصيرة ومحصورة بحدود ضيقة لا تتجاوز زيارة سريعة لموقع أو أكثر من المواقع الأثرية، بل أن تتجاوزها ليشتمل برنامج الزيارة على المبيت، وزيارة قلعة عجلون ومار إلياس والمحمية وعشرات المواقع والمشاريع السياحية.
ويقول رئيس لجنة السياحة والآثار بمجلس المحافظة منذر الزغول، “من الأمور والقضايا التي اقترحها حتى نضمن نجاح مشروع التلفريك لسنوات مقبلة، ولتعم منفعته جميع مناطق المحافظة، هو أن نعمل وبأقصى سرعة ممكنة على تحديث شبكة الطرق في عموم مناطق المحافظة، وعلى رأسها تنفيذ الطريق التنموي الدائري، والطرق المؤدية للمواقع والمشاريع السياحية، وتجويد الطريق من وسط مدينة عجلون ولغاية مبنى مديرية سياحة عجلون، باعتباره الطريق الوحيد المؤدي لمحطات الوصول لمشروع التلفريك ولقلعة عجلون”.
وأضاف الزغول، أن “ربط مشروع التلفريك بالمشاريع والمواقع السياحية الأخرى في المحافظة أصبح ضرورة، وهذا الأمر من الممكن أن يتحقق من خلال استحداث مسار سياحي يربط مشروع التلفريك بعدد من المواقع السياحية الأخرى”، مؤكدا أن “مشروع التلفريك يعد مشروعا سياحيا بات يشكل نقطة جذب سياحي في المنطقة، وسيساهم في جذب الاستثمارات للمحافظة التي لديها الكثير من الميزات الفريدة من نوعها”.
ومن وجهة نظر عمر فندي وهو مشرف على مشروع سياحي في راجب، فإن “المحافظة باتت واحدة من الوجهات السياحية الشهيرة التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، لما تتميز به من جمال طبيعتها وتضاريسها المتنوعة، ووجود التلفريك، ما يجعلها واحدة من أبرز الوجهات المفضلة لمحبي المغامرة والاستكشاف”.
وأكد فندي، أنه “يمكن استثمار تلفريك عجلون لتعميم الفائدة في جميع مناطق المحافظة السياحية، فهو وسيلة رائعة للاستمتاع بجمال الطبيعة الخلابة في عموم المنطقة، ويمنح الزوار فرصة فريدة للاستمتاع برحلة ممتعة ومشاهدة المناظر الخلابة للمحافظة وجبالها، ولتشكل هذه الرحلة فرصة للاسترخاء والاستمتاع بالهدوء وممارسة الأنشطة الخارجية والمغامرة، بحيث يتم إيجاد مسارات متعددة مخصصة للمشي والدراجات الجبلية، ما يجعلها وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والمغامرة واكتشاف الحياة البرية المتنوعة والنباتات النادرة أثناء تلك الأنشطة، التي تتطلب المبيت لبضعة أيام، أو لليلة واحدة على أقل تقدير”.
الناشط في المجال السياحي سليمان القضاة، يقول، “نعتز ونفتخر بحديث الملك حول عجلون وإعجابه بمشروع التلفريك الذي اعتبره جلالته بداية جيدة لتطوير المنتج السياحي، مبينا أهمية ربطه مع المواقع السياحية الأخرى، وكذلك حديث الملك حول أهمية المخطط الشمولي الذي وضعته الحكومة للمحافظة، وأهمية تنفيذه وتنفيذ كافة الخطط التي من شأنها تطوير وتحسين الخدمات في عجلون، وبما يحقق النهضة المأمولة لمحافظتنا وأردننا الحبيب”، مؤكدا أهمية التكاتف والتعاون جميعا لتجسيد رؤى جلالة الملك.
وأضاف القضاة، “سنتابع مع المعنيين مُخرجات هذه الزيارة وتنفيذ التوصيات التي من شأنها دعم مسيرة التنمية في المحافظة، خصوصا السياحية، ومتابعتها شعبيا وعبر مبادرات مؤسسة عجلون بعيون شبابها للتنمية المستدامة والتي أطلقت عند البدء بتنفيذ مشروع تلفريك عجلون إلى أن رأى هذا المشروع النور، كما سنستمر في كل خطوة من شأنها متابعة تنفيذ الخطط الحكومية واقتراح المشاريع الاستثمارية”.
و”ستكون لمشروع تلفريك عجلون آثار إيجابية تنموية على المحافظة بعامة ومنطقة الجنيد بصورة خاصة” وفق رئيس بلدية الجنيد الدكتور مهدي المومني الذي دعا القطاع الخاص إلى “الاستثمار بعمل مشاريع صغيرة مدرة للدخل، والاستفادة من الميزات التي سيحققها التلفريك الذي هو رؤية ملكية نعتز بها”.
وأكد المومني، أن “البلدية تعمل على تحسين الطرق ضمن مناطقها، كما تعتزم توسيع حدود التنظيم، لتكون المنطقة مؤهلة لتعزيز فرص التنمية وجذب الاستثمارات”.
أما رئيس مجلس المحافظة عمر المومني، فقال إن “زيارة جلالة الملك لمشروع التلفريك وتوجيهاته للقائمين عليه بضرورة أن تنعكس آثاره على عموم المحافظة، سيؤدي إلى إحداث نقلة نوعية ويكون مركزا لتحسين الوضع الاقتصادي، وأنموذجا في تنمية المحافظة”.
وأكد المومني، أن “التلفريك سيحدث نهضة في السياحــة العجلونية، ما يستدعي المزيد من تطوير البنية التحتية”، مشددا في الوقت ذاته على أهمية جذب الاستثمارات وخلق الفرص لتشغيل الأيدي العاملة والتخفيف من مشكلة البطالة.
وأوضح الدكتور محمد الصمادي، أن “توجيهات جلالة الملك للمسؤولين في المناطق التنموية بالعمل على جعل تلفريك عجلون مركزا للانطلاق لجميع المواقع السياحية، سيكون له بالغ الأثر في توزيع التنمية بين مختلف المناطق، بحيث لا تقتصر على محيط التلفريك، وإنما استفادة مناطق ومواقع ومشاريع أخرى من قدوم الزوار، وتشجيعهم على المبيت، وإيجاد برامج تكفل زيارتهم لقلعة عجلون ومار إلياس والمحمية وعشرات المشاريع السياحية في مناطق كفرنجة والمسارات السياحية في المحافظة”.
من جهتها، أكدت مدير عام المناطق التنموية المهندسة أروى الحياري، أن العمل حاليا يجري في مسارين؛ الأول المتابعة الحثيثة والتنسيق وبذل كافة الجهود لإتمام الفرص الاستثمارية المحيطة بمشروع التلفريك، مبينة أن هنالك فرصا استثمارية لإقامة فنادق ومطاعم وأسواق تجارية ومخيمات بيئية وأكواخ خشبية ومسارات رحلات بيئية ومركز مؤتمرات.
وقالت الحياري، إن المسار الثاني من العمل، يتضمن تشكيل لجنة من القطاعين العام والخاص للتشاور وإعداد التوصيات التي من شأنها تعظيم الاستفادة من هذا المنتج بربطه بمختلف المواقع الأثرية والسياحية، والتشاركية مع مختلف الجهات المعنية من وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة لوضع الخطط والبرامج والتصورات التي من شأنها إفادة المجتمع المحلي من مشروع التلفريك، وبما يضمن توجيه الزوار للمرور بمختلف المواقع الأثرية، والإقامة والاستفادة من المشاريع السياحية المتواجدة في مختلف مناطق المحافظة.
وكان جلالة الملك استمع خلال زيارته للتلفريك الثلاثاء الماضي، إلى شرح قدمه رئيس مجلس إدارة المناطق الحرة والمناطق التنموية خلف الهميسات حول المشروع الذي يعد النواة الأولى لتطوير منطقة الصوان التنموية بشكل خاص، وتنمية الواقع الاستثماري والاقتصادي والسياحي لمحافظة عجلون بشكل عام.
الهميسات لفت إلى أن التلفريك يهدف إلى تنمية المحافظة والاستفادة من ميزاتها لجذب مزيد من الاستثمارات السياحية، مبينا أن التلفريك وفر 100 فرصة عمل دائمة حتى الآن بينما وفر نحو 800 فرصة عمل أثناء إقامة المشروع.
وأشار الهميسات إلى الفرص الاستثمارية التي يتم العمل عليها لإقامة مطاعم ومقاه وسوق موسمي لتسويق المنتجات المحلية الموسمية من الإنتاج الزراعي والحرفي كمشروع محفز للاستثمار بالمنطقة.
عامر الخطاطبه/ الغد
التعليقات مغلقة.