جرش: المشاريع الإنتاجية.. نكسات متتالية وصمود مدفوع بالحاجة
ما أن التقطت العديد من الأسر التي تمتلك مشاريع انتاجية منزلية في محافظة جرش، أنفاسها من تبعات “كورونا” واجراءات الحظر الذي اثر على عملية التسويق، حتى بدأت تواجه تحدي ارتفاع أسعار مدخلات الانتاج، في انتكاسة جديدة، قد تطيح بالعديد من هذه المشاريع، بعد ان بات اصحابها مطالبين بحلول قد تبدو صعبة لإنقاذ دخولهم.
ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، يأتي بالتزامن مع ذروة موسم العمل، وزيادة الطلب على منتجات تلك الأسر، في وقت تدرك فيه العديد من هذه الاسر ان اي زيادة على اسعار منتجاتها قد يتسبب بعزوف المستهلكين عن الشراء.
أمام هذا التحدي، تصبح المشاريع التي تدار بطرق تقليدية شبه عاجزة عن الخروج من المأزق، وفق عدد من اصحاب هذه المشاريع قالوا إن “أسعار العديد من مدخلات الانتاج وخاصة الفواكه تشهد ارتفاعا غير مسبوق ما يعني عدم القدرة على عمل منتج شعبي بأسعار مشجعة”.
وتشهد أسعار العديد من أصناف الفواكه أحد أهم مدخلات الانتاج في صناعة المربيات والمخللات والفواكه المجففة والعصائر الطبيعية ارتفاعا، أرجعه مزارعون الى قلة الانتاج الذي تأثر بالتقلبات المناخية خلال هذا الموسم.
في المقابل، يتجنب مزارعون بيع إنتاجهم بالكامل لأصحاب المشاريع المنزلية، وتفضيل البيع الى المستهلك مباشرة لتحصيل اسعار اعلى، خاصة وان اصحاب المشاريع دائما ما يبحثون عن كميات انتاج كبيرة بأسعار رخيصة كونها تستخدم للتصنيع وليس للاستهلاك المباشر.
يقول المزارع عيسى الحسون، إن كميات الإنتاج للفواكه الموسمية هذا الموسم قليلة بسبب الظروف الجوية والتغيرات المناخية التي تمر بها المنطقة، وتسببت في تساقط الإزهار قبل الإثمار وتعرض الفواكة للحشرات والأمراض، ما قلل من كميات الإنتاج ورفع الاسعار وهذه الأسعار المرتفعة لن تنخفض طوال الموسم لعدم توفر كميات مناسبة تغطي حاجة الأسواق.
فيما اشار المزارع الخمسيني حسن محمد، أن آلاف المواطنين يقصدون محافظة جرش لشراء هذه المنتوجات الموسمية والتي تتميز بنوعية وجودة مناسبة ويفضل المزارع بيع المواطنين كمياتهم المحدودة بأسعار جيدة، وتجنب بيع إنتاجهم إلى المشاريع الإنتاجية بكميات كبيرة وبأسعار أقل من الأسواق، خاصة وأن المزارعين بحاجة كذلك لتعويض خسائرهم وتغطية تكاليف العمل الزراعي في ظل إنتاج ثمري متدن وغير مجد هذا العام.
في عودة لأصحاب المشاريع المنزلية، يقول الكثير منهم أنهم يعتمدون على الفواكه الموسمية التي تتميز بها محافظة جرش في هذه الأشهر تحديدا مثل الخوخ والدراق والمشمش والإجاص والتفاح والعنب والتين، ويصنع من هذه الفواكه المربيات والخل بأنواعه وما يعرف بـ”الدبس”، والفواكه المجففة والحلوى الشعبية والعصائر الطبيعة ويتم تسويقها في الجمعيات الخيرية والمهرجانات الجرشية واحيانا للسياح.
واضافوا، “من الصعب أن يتقبل المواطنون رفع أسعار المنتوجات الغذائية والمونة المنزلية وقد اعتادوا شراءها بأسعار ثابتة منذ سنوات مما يشكل فجوة بين المواطن والمنتج”.
وقالت المنتجة نبيلة عبيدالله وهي صاحبة أحد أكبر المشاريع الإنتاجية في جرش، إن هذه الشهور هي ذروة العمل في المطابخ الإنتاجية وهي نوعان: مطابخ تابعة لجمعيات تعاونية وخيرية، ومطابخ إنتاجية للأسر العفيفة وهي مشاريع فردية تعتبر مصادر دخل أساسية لمئات الأسر الجرشية، إلا أن ارتفاع أسعار المواد الأولية قد يسبب خسائر لأصحاب المطابخ الإنتاجية.
وأوضحت أن نسبة الارتفاع في أسعار الثمار -الفواكه- لا تقل عن 40 %، وهذا يعود لقلة الإنتاج بسبب الظروف المناخية، مشيرة الى أن الارتفاع يجبر المطابخ الإنتاجية على رفع أسعار منتجاتها الغذائية، ما يشكل صعوبة في تسويق هذه المنتجات نظرا لظروف المواطنين الاقتصادية.
وبينت أن المطابخ الإنتاجية تستعد حاليا لموسم مهرجان جرش، ويشارك فيه المئات من المنتجين من خلال معروضاتهم في المهرجان وتسويق المنتوجات وأهمها المنتوجات الغذائية وقد بدأت عملية إنتاجها وتجهيز الكميات المطلوبة كون المهرجان من المواسم النشطة في محافظة جرش، والثمار التي تستخدم في الإنتاج هي من محاصيل محافظة جرش ويجب أن يحصل عليها العاملون في المطابخ بأسعار أقل من بيعها في الاسواق المركزية، سيما وانهم يشترون كميات ثابتة سنويا ويلتزمون بأسعار مناسبة مقارنة مع تكاليف الإنتاج.
وأضافت المنتجة جميلة أبو ملحم أنها تقوم يوميا بجولات على مزارع محافظة جرش التي تنتج مختلف الأنواع من الثمار الموسمية التي تدخل في انتاج المربيات والمخللات والفواكه المجففة والحلوى الشعبية والأكلات الشعبية “كالخبيصة” والزبيب والقطين وإنتاج الزعتر البلدي والميرمية والأعشاب الطبية وهذه الفترة هي ذروة الإنتاج بالنسبة للمزارعين وأصحاب المطابخ الإنتاجية.
وقالت إنها مضطرة لشراء الثمار حتى وإن ارتفعت أسعارها لاسيما وأنها تسوق طلبياتها قبل البدء بالتحضير وقد قامت بالتشبيك مع مواطنين من مختلف المحافظات ومنهم مغتربون لشراء إنتاجها، مضيفة أن الحل الوحيد في مواجهة رفع أسعار مدخلات الإنتاج هو زيادة أسعار المنتوجات التي تحتاج الى جهد ووقت ومواد أولية وثانوية وعبوات وأيد عاملة.
إلى ذلك، قال رئيس قسم الإنتاج النباتي في زراعة جرش المهندس هاني البكار إن محافظة جرش من المحافظات المميزة بالإنتاج الزراعي والفواكه الموسمية، إلى أن الموسم تعرض لتغيرات مناخية هذا العام منها هبوب رياح قوية وانخفاضات كبيرة في درجات الحرارة في أوقات الإزهار وعقد الثمر مما تسبب في تساقط الأزهار وتساقط الثمر في مراحل مبكرة من الموسم.
وأوضح أن هذه العوامل خفضت كميات الإنتاج ورفعت اسعار المنتجات المتوفرة على الرغم من حاجة الأسواق لها ويتم تعويض النقص منها من المحافظات القريبة والتي تتشابه ظروفها المناخية والإنتاجية مع محافظة جرش.
صابرين الطعيمات / الغد
التعليقات مغلقة.