جرش.. الينابيع ملاذ الأسر في ظل نقص المياه
يطالب مزارعو محافظة جرش بتبطين قنوات الري ومياه العيون والينابيع، للحفاظ على ديمومتها في فصل الصيف، وليتمكنوا من ري مزارعهم منها واستخدامها منزليا، في ضوء النقص الكبير في مياه الشرب في مختلف قرى وبلدات المحافظة، لاسيما وان القرى والينابيع تتوزع في مناطق واسعة ومتعددة فيها.
ويؤكد سكان أن آلاف العوائل تعتمد على مياه العيون والينابيع في الاستخدامات المنزلية المختلفة وري مزروعاتهم، خاصة وأن مياه الشرب بالكاد تغطي حاجاتهم من الشرب والطبخ فيما يعمدون إلى مياه العيون والينابيع للاستخدامات الأخرى، إما عن طريق تعبئة جالونات من المياه أو شراء المياه غير الصالحة للشرب من الصهاريج الخاصة، والاحتفاظ بها لري المزروعات وللاستخدامات المنزلية الأخرى.
ويعتقد مزارعون أنهم يحتاجون إلى كميات كبيرة من مياه العيون والينابيع حاليا، للقيام بالري التكميلي لمواجهة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وحماية المزروعات من الجفاف وتضرر الثمر وتدني جودته وانخفاض سعره.
وقال المواطن مازن أبو ستة إن مسكنه يقع في أعلى قمم بلدة ساكب، ما يجعل ضخ مياه الشرب ضعيفا إلى منطقتهم ولا يغطي حاجاتهم إلا لعدة أيام، وبعدها تنقطع المياه مدة لا تقل عن 4 أو 5 أسابيع، ما يضطرهم للجوء إلى عيون المياه والينابيع القريبة والمنتشرة في بلدة ساكب لغايات الاستخدامات المنزلية المتعددة من ري المزروعات والغسيل وأعمال التنظيف المختلفة، باستثناء الشرب لكون هذه العيون والينابيع مصادر مائية مكشوفة على الأغلب وتتعرض للتلوث بين الحين والآخر.
ويبين أبو ستة ان هذه المصادر المائية تنخفض إنتاجيتها في فصل الصيف، والعشرات منها تتوقف عن الضخ نظرا لارتفاع درجات الحرارة وكثرة الطلب عليها من قبل صهاريج المياه والمزارعين والمتنزهين والمواطنين وسكان المناطق المرتفعة الذين يعانون من انقطاع دائم في مياه الشرب.
بدوره، يقول المزارع عيسى القادري إن عيون المياه والينابيع بحاجة إلى مشاريع تبطين لقنوات الري وصيانتها وتنظيفها، بسبب أهميتها للقطاع الزراعي في جرش، وللتخفيف من مشكلة نقص مياه الشرب التي تعاني منها مختلف القرى والبلدات وسكان المناطق المرتفعة.
ويضيف أن نسبة المياه من العيون والينابيع تنخفض بشكل كبير في فصل الصيف، نظرا لارتفاع درجات الحرارة وزيادة الطلب على مياه الشرب وحاجة المزارعين للمياه، مشيرا إلى أن بعض العيون غير مؤهلة للاستخدام كونها ملوثة وتتعرض للعبث بين الحين والآخر.
ويرى أن تبطين قنوات مياه الري وتنظيفها وتجهيزها عبر قنوات خاصة توصل المياه للمزارع، من شانه أن يوفر على المزارعين تكاليف النقل وجمع المياه وضخها.
وتعد الزراعات الصيفية مصدر دخل لآلاف الأسر الجرشية ذات الدخل المحدود، والتي تمتلك مساحات زراعية خاصة وقريبة من العيون والينابيع، وتعتمد عليها في الري، ولا يقل عددها عن 64 موزعة على مختلف قرى وبلدات محافظة جرش.
من جهته، يؤكد المزارع عبد المحسن العياصرة أن محافظة جرش تتميز بالزراعات الورقية الصيفية التي تعتمد على مياه الينابيع في ريها، غير ان كمية المياه تراجعت هذا العام وتنخفض تدريجيا، نظرا لارتفاع درجات الحرارة باكرا هذا العام.
ويضيف ان أسعار الخضار المنتجة انخفضت بشكل كبير جدا، وأرباحها لا تغطي تكاليف الإنتاج من الأساس، فضلا عن ارتفاع اثمان البذور والأسمدة والمبيدات التي تستخدم في هذه الزراعات، لافتا إلى أن هذه الظروف ساهمت في تراجع مساحات الزراعات الصيفية، سواء في ملكياتهم الخاصة أو في حدائق المنازل.
ويبين العياصرة أن آلاف الأسر كانت تعتمد على الزراعات الصيفية كمصدر دخل إضافي وأساسي في فصل الصيف، لما تتميز به محافظة جرش من وفرة المياه الزراعية وسهولة تسويق منتوجاتهم لزوار المدينة الذين كانوا يزورونها بالآلاف يوميا قبل الجائحة.
إلى ذلك، يؤكد مصدر مطلع في مديرية مياه جرش أن ارتفاع درجات الحرارة في هذا الوقت من السنة يؤدي إلى انخفاض نسب المياه التي تنتجها الآبار والينابيع التي تعتبر مزودا رئيسا لمياه الشرب في جرش، مثل عين الديك وعين التيس ونبع القيروان، موضحا أنه يتم تعويض النقص من خلال زيادة كميات المياه من المحافظات الأخرى التي تزود جرش بالمياه، ومنها محطة صمد في إربد، ومن محافظة الزرقاء ومحافظة المفرق، فضلا عن تشغيل آبار أخرى في مشاتل فيصل.
ويقول المصدر ذاته إن هذا الارتفاع في درجات الحرارة يتسبب في زيادة الطلب على مياه الشرب، وزيادة الاستهلاك، ما يتطلب كمية أكبر من المياه لضبط برامج التزويد، والتأكد من وصول مياه الشرب إلى منازل المواطنين، ومن لا تصله المياه لوجود مشاكل فردية يتم تعويض النقص عنده من خلال الصهاريج.
ويرى أن من شأن هذه الزيادة في كمية ضخ أن تسهم في توفير مياه الشرب لجميع المشتركين، وفي المواعيد المحددة، لاسيما وأن الطلب يزيد على مياه الشرب خلال فصل الصيف.
ويضيف ان ينابيع المياه، والمياه الجوفية، تعتبر مصدر تغذية اساسي للمحافظة، ما يتطلب الحرص على عدم تلوثها واستنزافها، مبينا ان مصادر المياه الداخلية في المحافظة تتوزع على آبار مشتل فيصل، وآبار الشواهد وعين الديك والقيروان، والتي توفر كميات تقدر بـ700 متر مكعب في الساعة الواحدة تقريبا، أما المصادر الخارجية فتأتي من محافظة إربد بواقع 300 متر مكعب في الساعة، ومن آبار الزعتري بواقع 120 مترا مكعبا في الساعة، ومن محافظة الزرقاء بواقع 120 مترا مكعبا في الساعة.
ويشدد على ضرورة ترشيد استخدام المياه وتجنب الهدر في الطرقات، محذرا من أن “كل من يهدر المياه ويستخدمها بشكل عشوائي سيتم إغلاق عداده”، بخاصة وأن الأردن يعتبر “من أفقر عشر دول مائيا في العالم، ومن أفقر الدول العربية في المياه، فيما تعد محافظة جرش من أفقر المحافظات المائية على مستوى المملكة”.
من جهته، يقول رئيس قسم المشاريع في مديرية زراعة جرش المهندس فراس الهويدي، إن المديرية خصصت ضمن موازنتها لهذا العام مبلغا لا يقل عن 120 الف دينار، لمشاريع تبطين قنوات الري، وتشمل 10 ينابيع يختلف امتدادها نظرا لطبيعة المنطقة التي توجد فيها، ومنها ما يزيد طوله على 7 كيلومترات، ويتم من خلال هذه المشاريع تبطين قنوات الري بقنوات إسمنتية وفق المواصفات المطلوبة، كما سيتم في المراحل الأخرى تنظيف الينابيع وعيون المياه بشكل كامل.
ويوضح أن الينابيع التي يشملها المشروع هي التي تستخدم زراعيا وتعمل على مدار الساعة، وأن كمية المياه فيها مناسبة وتغطي حاجة المزارعين المجاورين لها على مختلف الامتدادات.
صابرين الطعيمات/ الغد
التعليقات مغلقة.