جرش : تحويل العنب إلى “الخبيصة”.. خروج من مأزق تدني أسعاره
جرش – دفع تدني أسعار ثمار العنب في محافظة جرش، خلال الموسم الحالي، بالعديد من المزارعين، الى تفضيل استغلال فائض الإنتاج في تصنيع منتجات غذائية شعبية بدلا من بيعه بأسعار متدنية، في محاولة لرفع هامش الربح العائد من عملية التصنيع.
وتعد “الخبيصة” على قائمة المنتجات التي وجد فيها مزارعون مخرجا من مأزق تدني الأسعار هذا الموسم، فيما يتبعها منتجات أخرى تأتي بمرتبة ثانية كخل العنب والزبيب.
واشتهرت محافظة جرش، مؤخرا، بـ”الخبيصة”، وهي حلوى شعبية قديمة، تصنع من عصير العنب وتخزن طوال العام وتعد من الحلوى الشتوية التي تجهز في الصيف ويحتاج تجهيزها إلى أيام عدة.
وانخفضت أسعار ثمار العنب هذا الموسم الى نحو 50 %، إذ لم يتجاوز سعر بيع الكيلو الواحد 50 قرشا، وفق مزارعين، أرجعوا الانخفاض الى التوسع بزراعة العنب خلال السنوات القليلة الماضية، ما أدى الى وفرة في الإنتاج هذا الموسم.
ويؤكد مزارعو العنب أن استخدام المنتجات الزراعية الموسمية وتصنيعها يعد موسم دخل جيدا للأسر ذات الدخل المحدود، خاصة عبر تصنيع ثمار العنب، إذ تتميز محافظة جرش بإنتاج كميات كبيرة منه هذه الفترة، ومن المتوقع زيادة كميات الإنتاج بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وبدأ العديد من المزارعين بتحويل ثمار العنب الى منتجات مختلفة لتعويض تكاليف الزراعة كون بيع الثمار مباشرة بات غير مجد، لا سيما وأن أشجار العنب تحتاج إلى رعاية خاصة واهتمام وتكاليف ري وتسميد ورش وحراثة وتقليم وأجور عمال لقطاف الأوراق والثمار.
ويؤكد مزارعون أن أسعار العنب في الأسواق غير مجدية ولا تغطي تكاليف الإنتاج من أجور عمال وأثمان العبوات وتكاليف النقل إلى الأسواق المركزية ولا يزيد سعر الكيلو على نصف دينار في أحسن الظروف، ومن المتوقع أن ترتفع كميات الإنتاج هذا الأسبوع نظرا للارتفاع الكبير في درجات الحرارة التي تسارع بنضوج الثمر.
وقال مزارع العنب في بلدة ساكب أبو سراج العياصرة، إن مزرعته المقدرة مساحتها بعشرة دونمات تنتج سنويا كميات كبيرة من ثمار العنب، مضيفا أن أسعار العنب منخفضة هذا الموسم، وهو ما دفعه إلى تصنيع العنب إلى منتجات أكثر تسويقا وبأسعار أفضل، وأهمها مربى العنب والزبيب والخبيصة.
وأوضح أنه يوظف سيدات من المجتمع المحلي لغاية تصنيع المنتج في منزله ويقوم بتسويقه من خلال المجتمع المحلي ووسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما وأن المعارض والمهرجانات والبازارات، باعتبارها قنوات لتصريف المنتجات الشعبية، شبه متوقفة وما يقام منها يكون لفترات قصيرة وبعدد مشاركين متواضع.
وأضاف أنه يلجأ إلى إنشاء بسطات صغيرة مؤقتة على الشوارع والطرقات التي يستخدمها الزوار والسياح خلال عطلة نهاية الأسبوع لتسويق كمية أكبر من المنتج، خاصة وأن الزوار يرغبون بالمنتوجات الغذائية التي تصنع في محافظة جرش وتشتهر بها.
وشجع انخفاض أسعار العنب ووجود فائض في الإنتاج على إقبال العديد من السيدات على مجال التصنيع الشعبي للمواد الغذائية من العنب.
ويصل سعر “الخبيصة” للكيلو الواحد إلى ما بين 5 و7 دنانير، وهو سعر مناسب مقارنة بالجهد المبذول رغم أن إعداده يحتاج الى أيام عدة، إذ يقوم المنتجون بداية بعصر العنب وتنقيته من الشوائب ومن ثم طبخه على النار من 6-7 ساعات، وبعد ذلك يجفف تحت أشعة الشمس لأيام عدة، وفق المنتجة بسمة الحسون.
وقالت الحسون، إن حلوى الخبيصة تشهد إقبالا كبيرا من المواطنين وتسوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال المجتمع المحلي، وهي تنتج من 90-100 كيلوغرام سنويا، وتحتاج هذه الكمية إلى ما يزيد على 200 كيلوغرام من ثمار العنب جيد النضوج.
وأضافت، أن منتج الخبيصة يشهد طلبا كبيرا، واشتهرت هذه الحلوى مؤخرا، وهي من الحلويات الشعبية القديمة والتراثية، ويفضل تناولها في فصل الشتاء وتمد الجسم بالطاقة والمعادن والفيتامينات الرئيسية ولا يستخدم فيها سوى عصير العنب ولا تحتوي على أي مادة مصنعة أو مواد حافظة.
وبينت أنها تستخدم ما نسبته 70 % من العنب من إنتاج أرضها الزراعية، وباقي الكميات تشتريها من المزارع القريبة منها.
وأشارت الى أن موسم إنتاج الخبيصة فرصة لبعض ربات المنازل الباحثات عن عمل موسمي، لافتة إلى أنها وأثناء موسم تصنيع المواد الغذائية من العنب توظف 4 سيدات لمساعدتها بالعمل.
وقالت المنتجة جميلة بني ملحم، إنها بدأت بتصنيع ثمار العنب وتحويله إلى الحلوى الشعبية القديمة الأكثر طلبا وتسويقا وهي “الخبيصة”، وتقوم بتسويقها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتصنعها منزليا، مضيفة أن ثمار العنب من أكثر الثمار التي تدخل في عمليات التصنيع الغذائي، وهي ذات قيمة غذائية عالية، ومنها المربيات والخل والحلوى.
وأكدت أن ما ينقص السيدات المنتجات في تصنيع المواد الغذائية وإنتاج أنواع متعددة من المواد الغذائية التي تخزن لفترات طويلة هو التأهيل والتدريب والتمكين المادي، لا سيما وأن محافظة جرش تشتهر بالمواد الغذائية المصنعة ومختلف المنتوجات التي تسوق في الداخل والخارج.
إلى ذلك، قال مدير زراعة جرش الدكتور فايز الخوالدة، إن محافظة جرش تتميز بمنتوجها من ثمار العنب وتصنيع العنب لمنتوجات عدة تلقى رواجا وتسويقا من المجتمع المحلي وزوار المحافظة.
وأوضح أن ثمار العنب بدأت بالنضوج تدريجيا في مختلف القرى والبلدات التي تشتهر بزراعة العنب، وأهمها بلدتا سوف وساكب، وأسعارها يتحكم فيها العرض والطلب، وهي مناسبة، ووزارة الزراعة لا تحدد أسعارها كباقي المنتوجات الغذائية التي تعرض بالأسواق ويتحكم فيها العرض والطلب.
وأكد الخوالدة أن مساحة مزارع العنب في محافظة جرش لا تقل عن 3 آلاف دونم، ومن المحتمل أن تتأثر بالارتفاع الكبير لدرجات الحرارة في هذه الأيام، رغم أن ثمار العنب تتحمل درجات حرارة مرتفعة وتقاوم مختلف الأمراض وهذا العام لم تتعرض لأي أمراض.
صابرين الطعيمات/ الغد
التعليقات مغلقة.