جرش.. تكدس زيت الزيتون يجبر مزارعين على بيعه بالأقساط لتغطية كلف الإنتاج
جرش- دفع تكدس صفائح زيت الزيتون في محافظة جرش، العديد من المزارعين إلى الاضطرار للإعلان عن البيع بالأقساط، وسط استياء من ارتفاع ثمن الصفيحة الواحدة إلى أكثر من 110 دنانير، في حين تصل إلى 200 دينار من خلال الأقساط، وبقسط شهري لا يقل عن 20 دينارا.
ورغم أن المزارعين يفضلون بيع زيتهم نقدا لتغطية الالتزامات المالية المترتبة عليهم، وحاجتهم لأثمان الزيت للعناية بالشجر وحراثة الأرض وتسميدها مباشرة بعد الانتهاء من قطاف ثمار الزيتون، إلا أنهم يعتبرون في الوقت ذاته أن بيع الزيت بالأقساط يعد وسيلة للتخلص من ظاهرة تكدس صفائح الزيت، لتغطية جزء من تكاليف الإنتاج، خصوصا أن كمية إنتاج الزيت هذا الموسم لا تقل عن 1400 طن.
إلا أن العديد من المزارعين في المقابل، يحتفظون بصفائح الزيت في مستودعاتهم لعرضه قبل حلول شهر رمضان المبارك الذي يرتفع فيه الطلب على شراء الزيت إلى جانب المواد الغذائية الأخرى.
وأكد مواطنون، “أن عدد المزارعين أو التجار الذين يبيعون الزيت بالأقساط باتوا ينتقون الزبائن بسبب زيادة الطلب على الشراء بالأقساط، لا سيما أن سعر الصفيحة مرتفع والإقبال على الشراء كبير جدا”.
وقال المواطن أحمد القيام، “إن ثمن الزيت يرتفع بنسبة كبيرة في كل عام بنسبة لا تقل عن 15 %، فقد كان ثمن الصفيحة لا يزيد على 85 دينارا قبل نحو 3 سنوات، واليوم سعر الصفيحة 110 دنانير، مما يحرم العديد من الأسر من توفير مونة المنزل من مادة الزيت ولجوئهم لشرائه بالأقساط والفوائد المتراكمة”.
وأكد القيام، “أن مادة الزيت من أهم المواد الغذائية التي يحرص على توفرها في المنزل ويقوم بشرائها من داخل المعصرة، وفي كل عام ترتفع أسعار الزيت مع أن أجرة العمال ثابتة ولا تتجاوز 12 دينارا في اليوم الواحد، والمعاصر متوفرة بكثرة في جرش وقريبة من كافة مزارع الزيتون ولا يحتاجون إلى أجور نقل باهظة ومكلفة، غير أن أثمان الزيت ترتفع بشكل كبير، مما حرم الأسر ذات الدخل المحدود من القدرة على شراء الزيت”.
بدوره قال الناشط أكرم الرواشدة، “إن هناك من فقد الثقة في شراء الزيت من جرش دون معرفة وثيقة بالمنتج، وذلك لكثرة الأخبار التي تؤكد ضبط زيت مغشوش في المحافظة، حيث يتوجه الآلاف من مستهلكي مادة الزيت لشرائها من داخل المعاصر مباشرة، لا سيما أن حوادث التلاعب بالزيت وجودته ونوعيته تكتشف داخل معامل صغيرة في المنزل، والمستهلك قد لا يستطيع تمييز نوع الزيت وجودته”.
وأضاف الرواشدة، “أن أثمان الزيت هذا العام مرتفعة ولا يستطيع المواطن ذو الدخل المحدود شراء الزيت، وهو في هذه الفترة بحاجة إلى تكاليف باهظة لتوفير وسيلة تدفئة مناسبة لا تقل تكلفتها عن 500 دينار خلال فصل الشتاء، فضلاً عن الاحتياجات الأسرية الأخرى”.
ويقول الموظف مأمون الدلابيح إنه يبحث من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن تجار يبيعون الزيت بالأقساط شهرياً، لا سيما أن عائلته لا تستغني عن الزيت ولا تستطيع شراءه إلا بالأقساط بغض النظر عن جودة الزيت الذي يباع بالأقساط أو سعره الذي سيتجاوز 180 ديناراً للصفيحة وأقساط لمدة عام كامل أو أكثر، وبعضهم يضعون فوائد متراكمة على الأسعار الحقيقية”.
وأكد الدلابيح الذي لا يتجاوز دخله 320 دينارا ويذهب نصفه قروضا بنكية، وما تبقى مخصص لأجرة منزل ومصروف لأسرته التي يبلغ تعدادها 3 أفراد، أن ذوي الدخل المحدود منشغلون في الوقت الحالي بتأمين وسائل تدفئة لأسرهم والتي تتجاوز 150 دينار شهرياً، والمستلزمات الأخرى يتم شراؤها عن طريق الأقساط أو بقروض صغيرة.
بدوره، يعتقد مزارع الزيتون محمد بني علي، “أن السبب في ارتفاع أثمان الزيت هو ارتفاع مدخلات الإنتاج الزراعي وكلف القطاف من أجور سيارات وأجور عمال، وارتفاع أجور عصر الزيت من نصف دينار للكيلو إلى دينار للكيلو الواحد، منها ثمن عصر الزيتون، والباقي تكلفة مادة الجفت التي تأخذها المعصرة وتقوم باستغلالها وبيعها للتجار وتحقيق أرباح جيدة منها بعد نهاية كل موسم، والالتزامات المالية يتحملها المزارعون أنفسهم وتلحق بهم خسائر فادحة، وموسم الزيتون هو موسم العمل والعطاء ويعتمدون عليه في تغطية مستلزماتهم الشهرية والتزاماتهم اليومية”.
وأضاف، “أن دخول فصل الشتاء وحاجة المواطنين لتأمين وسائل التدفئة كان سببا رئيسا في تراجع القدرة الشرائية لزيت الزيتون، جراء تغير احتياجات وأولويات المواطنين”، مرجحاً أن “يزيد الطلب على الزيت قبيل حلول شهر رمضان”.
وقال بني علي، “إن حقل الزيتون يوفر للأسرة ما يقارب الألف دينار سنوياً، ويختلف الأمر من حقل لآخر، ويعتمد ذلك على عدد الأشجار وكمية الإنتاج المتوقعة منه”، مشيرا إلى “أنه يستغلها في شراء مادة الكاز لفصل الشتاء، وما يتبقى يقوم بحراثة الأرض وتسميدها ليحافظ على الإنتاج، وهذا الدخل الذي لا يعد ثروة بالنسبة أسرة تعدادها 9 أفراد ودخلها 350 ديناراً”.
أما المزارع نجيب عياصرة، فيرى، “أن المزارعين الصغار وأصحاب المساحات الصغيرة من الأراضي، هم من يعانون من رفع أثمان العصر أو ارتفاع أجور العمل، خصوصا أن الإنتاج لا يغطي تكاليف العمل، أما المزارعون الذين يملكون الآلاف من الدونمات فكمية الإنتاج ضخمة وتغطي تكاليف العمل والعصر”.
وأوضح، أن “تكلفة عصر الزيتون تضاعفت، وثمن كيلو الزيت لا يقل عن 7 دنانير ونصف الدينار إذا كان ثمن صفيحة الزيت بين 80-85 ديناراً، وهذه تكلفة باهظة على المزارعين، لا سيما أنهم يتحملون أجور النقل وأجور القطف وأجور العصر وتكاليف العناية بالأرض وارتفاع أثمان الأسمدة بمختلف أنواعها، ما عدا الجفت الذي تحصل عليه المعاصر دون أي مقابل وتقوم باستثماره وبيعه لتجار الجفت بأسعار مرتفعة”.
وأضاف عياصرة، “أن هذه الارتفاعات تؤدي إلى رفع أثمان صفيحة الزيت وبالتالي صعوبة في تسويقها نظراً للظروف الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون حالياً”.
ووفق أحد أصحاب المعاصر في جرش، “فإن أجرة العصر لا تقل عن 75 قرشا لكيلو الزيت وهو محدد بقرار من نقابة أصحاب المعاصر”، لافتا إلى ” أن أصحاب المعاصر يتعرضون لخسائر جراء الرفع المتكرر لأسعار المحروقات والكهرباء وأجور العمال، فضلا عن أن ارتفاع أجور العمال، كما أن عمل المعاصر موسمي لأشهر قليلة وبالكاد يغطي تكاليف العمل”.
يذكر أن “المساحة الكلية لأشجار الزيتون في محافظة جرش تبلغ 130 ألف دونم، تبلغ نسبة المثمر منها 110 آلاف دونم، تتوزع بين مختلف المناطق في المحافظة”.
وتبلغ المساحة المزروعة بالزيتون في الأردن حوالي 1.280 مليون دونم، تعادل 72 % من المساحة المزروعة بالأشجار المثمرة وحوالي 34 % من كامل المساحة المزروعة في الأردن.
ويقدر عدد أشجار الزيتون المزروعة بحوالي 17 مليون شجرة تنتشر في معظم مناطق محافظات المملكة بدءا من المناطق المرتفعة وحتى مناطق وادي الأردن والمناطق.