حراك بطيء لإعمار غزة ومساع إسرائيلية لمقايضته بملف الأسرى
من المنتظر تدشين إنشاء ثلاث مدن سكنية في قطاع غزة قريباً، ضمن عملية إعادة الإعمار التي يسير حراكها ببطء شديد، إزاء العراقيل الإسرائيلية التي تسعى لمقايضة ملفها “بصفقة” تبادل الأسرى مع حركة “حماس”، وسط وعود دولية بالتمويل لم تُنفذْ بعدْ.
ويبدو أن الحكومة الإسرائيلية تحاول توظيف ورقة الإعمار في تخفيف أجواء التوتر والغليان الشديدين بالضفة الغربية عبر تقديم التسهيلات الاقتصادية لتحسين معيشة الفلسطينيين، كما تستخدمها، أيضاً، لتحصيل أي إنجاز في “صفقة” تبادل الأسرى مع حركة “حماس”، وذلك بعد فشل زيارة مسؤولها إلى القاهرة بهذا الخصوص.
ومع ذلك؛ يلاحظ الخشيّة الإسرائيلية من تبعات منع المساعدات من الوصول إلى غزة والتي قد تدفع إلى جولة أخرى من القتال، ويهدد قدرة مصر على العمل كوسيط، بينما أيّ عطلة في هذا الملف قد يؤجج الأوضاع في الضفة الغربية، التي ثارت مسبقاً ضدّ خطط الاحتلال بتهجير الفلسطينيين من حيّ الشيخ جراح بالقدس المحتلة.
ومن هنا طرحت الحكومة الإسرائيلية مقترح “السلام الاقتصادي”، الذي يُجابه برفض فلسطيني، إذ يقوم على تقديم تسهيلات تسهم في تحسين الوضع المعيشي للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، شريطة وقف الفصائل الفلسطينية لما تزعمه بهجماتها ضد الكيان الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي يحاول فيه كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي،”نفتالي بينت”، ووزير دفاعه، “بيني غانتس”، لإقناع الدول المانحة بمساعدة السلطة الفلسطينية، التي هي على وشك الانهيار الاقتصادي، فإنهم يستهلكون عائداتها، عبر خصم أموال الجمارك التي تجمعها للفلسطينيين.
بينما تستمر حتى الآن مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار وتحويله إلى اتفاق يشمل قضايا متعددة، بالرغم من نجاح الوساطة المصرية في وقف إطلاق النار بين قوات الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، في الحرب الإسرائيلية الأخيرة ضد قطاع غزة.
فيما يترقب أهالي غزة دوران عجلة مشاريع إعادة الإعمار، بإنشاء المجمعات السكنية الثلاثة بإجمالي يزيد على 3 آلاف وحدة سكنية في القطاع، والتي سبق وأن أعلنت عنها القاهرة، من أجل ترميم منازلهم التي دمّرها عدوان الاحتلال في حربه الأخيرة ضد قطاع غزة.
وما يزال مسار ترميم العطب الشديد يطال 1500 وحدة سكنية مدمرة بشكل كامل، و880 وحدة مصنفة “جزئي- بليغ- غير صالح للسكن”، و56 ألف وحدة مصنفة ما بين “متوسط – طفيف”، فيما بلغت خسائر العدوان الإسرائيلي نحو 420 مليون دولار، بحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة.
وسُتبنى “مدينة في كل من الشمال وغزة، إذ ستقام كل منها على 40 دونم وعددها 500 وحدة سكنية، أما مدينة الزهرة جنوب قطاع غزة سيكون عددها ما يقارب 1500 وحدة سكنية على 140 دونم”، وفق وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة، ناجي سرحان.
وقد استلم الجانب الفلسطيني المخططات الأولية للمدن السكنية الثلاثة، وبصدد دراستها مع المسؤولين في مصر، بحسب سرحان، الذي أفاد بأن المنحة المصرية تشمل المدن الثلاثة وشارع الرشيد “الكورنيش”، حيث بدأوا بأعمال التنفيذ على الأرض، أما كوبري الشجاعية والسرايا فما يزالان في طور التصميم.
بينما ما تزال ثمة وعود بمنح قيّد التنفيذ من دول أخرى، مثل ألمانيا بمبلغ ما يقارب 15 مليون دولار سواء للإعمار الكلي أو الجزئي مع وكالة الغوث الدولية “الأونروا”، إضافة إلى تعهدات أخرى من مؤسسات أخرى تصل إلى 20 مليون دولار.
ودعا سرحان الأمم المتحدة، والدول المانحة، إلى تكثيف الجهود للشروع الفعلي في إعادة إعمار قطاع غزة، ورفع الحصار الإسرائيلي لإنهاء معاناة من دمرت أو تضررت منازلهم، موضحاً أن عملية الإعمار في غزة “تسير ببطء شديد”، ومطالباً السلطة الفلسطينية بتسهيل تحويل أموال الإعمار للمتضررين والدفع بتسريع وتيرة إعادة الإعمار.
وأوضح سرحان أن الأولويات التي تضعها مصر لإعمار غزة، تختلف عن أولويات اللجنة الحكومية لإعمار غزة (تديرها حركة حماس) والمتمثّلة في “إعادة إعمار المنازل، والأبراج السكنية، والمنشآت الصناعية والتجارية”، التي دمّرها العدوان الأخير.
وفي خلال ستة أشهر تقريباً؛ منذ وقف إطلاق النار وبدء المحادثات بين حركة “حماس” والاحتلال ومصر، فقد دخلت عشرات الجرَّافات المصرية برفقة حوالي 70 مهندساً وعامل بناء، لإعادة إعمار القطاع.
وقد تمت إزالة أنقاض المباني المُهدَّمة التي بقيت بعد الغارات الجوية الإسرائيلية، وفي وقتٍ لاحق، من المُفتَرَض أن تساعد مصر في رصف المزيد من الطرق كجزءٍ من تبرُّعٍ بقيمة 500 مليون دولار لإعادة بناء غزة.
وإلى جانب أعمال إعادة الإعمار، تُعد مصر مُورداً لمواد البناء والسلع الاستهلاكية التي تدخل غزة عبر معبر صلاح الدين، حيث تمرُّ 17 % من البضائع التي تدخل القطاع، وتبلغ قيمة التجارة عبر هذا المعبر 55 مليون دولار شهرياً، بحسب وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة.
نادية سعد الدين/ الغد
التعليقات مغلقة.