حرفية “المخابرات” تظهر مجددا.. أناة ومتابعة وكفاءة داخل الوطن وخارجه

– أظهرت قضية تنظيم (الصواريخ والطائرات المسيرة) المرتبطة بالإخوان المسلمين، حرفية المخابرات العامة وكفاءتها في تتبع عناصر التنظيم داخل الأردن وخارجه، على صعيد رصد تحركات المشتبه بهم واتصالاتهم، وتلقيهم دورات تدريبية في الخارج، فضلا عن تجهيز أماكن التصنيع ومستودعات التخزين، وتحديد الوقت المناسب في القبض عليهم وضبط الأسلحة والمتفجرات.
ورغم السرية والغموض والتمويه التي حاول عناصر التنظيم اتباعها لتصنيع الصواريخ، حيث كان المصنع في الزرقاء، والمستودع في عمان، وحيازة 30 كيلوغراما من المتفجرات تنوعت بـ(TNT، C4، SEMTEX-H) شديدة الانفجار، إلا أن دائرة المخابرات العامة استطاعت تفكيكها وضبطها في الوقت المناسب المرتبط بالوصول الى المرحلة النهاية من مخطط التنظيم.
مؤشرات الحرفية
وفي هذا الصدد، أكد العميد المتقاعد من دائرة المخابرات العامة ومدير مركز شرفات لدراسات بحوث العولمة والإرهاب، الدكتور سعود الشرفات، أن ما أعلن عنه وزير الاتصال الحكومي محمد المومني من كشف أربع خلايا وضبط عناصر التنظيم، يدل على حرفية عالية للمخابرات العامة، وذلك من خلال عدد من المؤشرات.
وأضاف إن أول هذه المؤشرات، المعلومات التي استمرت المخابرات العامة بمتابعتها على مدار أربع سنوات منذ بداية تشكيل هذه الخلايا عام 2021 ما يدل على حرفية المخابرات وصبرها وتأنيها في متابعة العملية الاستخبارية، وثانيها جمع أدق التفاصيل حول هذه الخلايا، دون أن يلمس المتهمون أنهم قيد التتبع، وأيضا قدرة المخابرات على المتابعة الواسعة للجماعات الإرهابية والخلايا المختلفة في آن واحد.
وتابع: “ثالث هذه المؤشرات اعترافات أفراد الخلية بأنهم تدربوا في لبنان، وذلك يدل على المتابعة ومكافحة الإرهاب خارج حدود الأردن، وقدرة جهاز المخابرات على المتابعة الاستخباراتية داخليا وخارجيا، ودلالة نجاح جهود المخابرات قدرتهم على اختراق الخلايا وتحديد تحركاتهم وجمع المعلومات أول بأول.”
وزاد: “ورابعها أن جهاز المخابرات طبق مبادىء العمل الاستخباري بحرفية عالية، وأهمها العمل على مبدأ (الحاجة إلى المعرفة)، ويعني المتابعة بجهود كبيرة للتنظيم دون أن يشعر بهم أحد إو إثارة البلبلة أو الذعر بين المواطنين، والحيلولة دون الكشف عن المعلومات الخطرة التي كانت تحصل عليها المخابرات وتستثمرها في العملية إلى أن حققت نجاحا مذهلا في ضبط هذه الخلايا قبل تنفيذ مخططاتها الإرهابية.”
ووصف الشرفات حرفية المخابرات في ملاحقة التنظيمات الإرهابية بأنها خبرات طويلة مبنية على أسس ميدانية وعلمية في العمل الاستخباراتي، والتي مكنتهم من إحباط العمليات الإرهابية قبل وقوعها، وأهمها ضبط خلية “كتائب التوحيد” المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي سعت لتفجير مبنى المخابرات العامة بقنابل كيميائية صنعت محليا عام 2004، حيث تم ضبط التنظيم وإحباط مخططاته قبل بدء تنفيذ العملية.
خبرة طويلة
من جهته قال العميد المتقاعد من المخابرات العامة حسن نباص إن الحرفية التي يتمتع بها ضباط وأفراد المخابرات عميقة وواسعة في مجال مكافحة الإرهاب، فهم منذ عقود يقارعون التنظيمات الإرهابية، موضحا أن هذه العملية تعطي دلالات واسعة على المتابعة الحثيثة والطويلة التي بذلتها المخابرات في متابعة عناصر التنظيم خلال أربع سنوات.
وأشار نباص إلى أن من الواضح أن المتابعة كانت محاطة بسرية تامة لدرجة أن عناصر التنظيم سقطوا في النهاية في قبضة المخابرات العامة، ولو تسربت لهم معلومة بأنهم ملاحقون ومخترقون لأفلتوا من العقاب.
وقال إن مدى الصواريخ (3-5) كيلو مترات، يظهر أن أهداف الخلية كانت على الساحة الأردنية، موضحا أن اعترافات المتهمين حول صناعتهم لـ300 صاروخ وإحضار ماكنات تصنيع من الخارج، تؤكد أن لديهم مخططا إرهابيا في غاية الخطورة، وتمويلا ماليا يغطي نفقات العملية الإرهابية، وبالتالي فإن القبض على هذا التنظيم ومتابعته على مدار أربع سنوات بأدق التفاصيل، يحتاج إلى قدرات وجهود استخباراتية كبيرة.
نباهة ويقظة
بدوره، رأى العميد المتقاعد الدكتور عمر الرداد أن عملية ضبط الشبكة الإرهابية بما في ذلك المتابعة الاستخباراتية منذ أربع سنوات، تدلل على نباهة ويقظة المخابرات العامة، كما أن إعلان التوقيت جاء مرتبطا بأمن العملية الاستخباراتية، خاصة أن للعملية امتدادات في لبنان.
وأشار الرداد إلى أن من الواضح أن العلمية انتهت بعد أن جهز التنظيم صاروخا للإطلاق، وبالتالي تم ضبط عناصر التنظيم والتحقيق معهم وإحالتهم إلى القضاء، موضحا أن مدى الصواريخ المصنعة يثبت أن أهداف التنظيم كانت داخل الوطن.