“حرفية معان” تضيق بالمخلفات.. والركام يطارد الطرق المحيطة
– لم يعد عمال المدينة الحرفية في مدينة معان قادرين على مواصلة الصمت بعد تفاقم مخلفات الورش الصناعية والإنشائية على جوانب الطرق الداخلية في مدينتهم محدودة المساحة، وهو ما بات يتسبب بإعاقة عملهم وإنتاجهم، بل وإغلاق أو عزل أجزائها، بعضها عن بعض.
ويشير بعضهم، ممن فضلوا عدم نشر أسمائهم، إلى أن “بعض أصحاب الاستثمارات في المدينة الحرفية، وبحجة أن المساحات المخصصة لهم باتت ضيقة ولا تتسع لعدد كبير من الورش الصناعية ومخلفاتها، لجأوا لإلقاء مخلفات ورشهم على جانبي طريق معان المدورة الدولي، بعد أن أصبحت هذه المخلفات تسهم بإغلاق الطرق الداخلیة داخل المدینة الحرفية وتسبب لتجارها التلوث البیئي وتعوق عملهم”.
ويبين أصحاب معامل طوب ومناشیر حجر ورخام المعوقات الرئيسية التي تحد من قدرتهم على زيادة العمل والإنتاج، ومن بينها ضيق المساحات المخصصة لهم، نتيجة تراكم مخلفات الورش الإنشائية بين محالهم، فيما يدعون إلى إيجاد طریقة آمنة للتخلص من تلك المخلفات، وتوسعة حدود المدينة الحرفية، كون المنطقة واسعة ومفتوحة من كل الاتجاهات، ولیس لها بوابة واحدة، بهدف إنعاش الأعمال الحرفية فيها، وإعادة تأهیل شوارعها الداخلیة.
ولتحقيق ذلك، يدعون لتحسين البنى التحتیة ومداخل وبوابات المنطقة، ووضع إشارات تدل على كونها مدينة حرفية، لتسهم في تحسین ظروف العمل والإنتاج وتقدم الخدمات للمواطنین وأصحاب الاستثمارات في الأعمال الإنشائية.
ويؤكد أحد أصحاب الاستثمارات في المدينة الحرفية زياد الشمري، أن تراكم مخلفات الورش الصناعية داخل المنطقة يقلل المساحات الفارغة المخصصة للمستثمرين ويتسبب بضيقها ويعرقل دخول واصطفاف القلابات والبكبات لتسويق منتجاتهم الحرفية، لا سيما وأنها أصبحت حاليا تتسبب أيضا بالتلوث البیئي والبصري وتعوق العمل والإنتاج داخل المدينة.
وفي المقابل، يشير المستثمر رامي السعودي لـ”الغد” إلى أن المدينة الحرفية ما تزال تئن تحت وطأة معوقات وصعوبات تواجهها، من حیث احتیاجها للعدید من خدمات البنیة التحتیة الضرورية التي تفتقر لها، والتي من شأنها أن تسهم في تحسين ظروف العمل والإنتاج، ومنها عدم وجود شبكة للمياه لخدمة المحال التي یشغلونها داخل المنطقة، رغم مرور سنوات طويلة على تشغیلها.
ويبين السعودي أن معظم الصناعات داخل المنطقة تعتمد على عنصر المیاه بشكل أساسي، وأن غالبیة المحال یقوم أصحابها بشراء صهاریج المیاه على حسابهم الخاص لتیسیر أعمالهم، وبأسعار باهظة الثمن، ما یثقل كاهلهم ویزید أعباءهم المالیة، مطالبا بوضع حد لضعف التیار الكهربائي، من خلال تركيب محول لتحسین الشبكة الحالیة وتعزیزها، واستبدال الخطوط لرفع الطاقة الكهربائية للشبكة، ويشكو من أن ضعف التیار المستمر یعطل الأعمال ویؤخر الإنجاز.
ومن جهتهم، يبدي سكان مدينة معان استياءهم من تراكم وطرح أكوام من مخلفات الورش الإنشائية والصناعية ومخلفات البناء بشكل متزاید، على امتداد جوانب طريق معان الدولي باتجاه المدورة الحدودية، ما يشكل تلوثا بيئيا وبصريا وخطرا على السلامة العامة.
ويشيرون إلى أن بعض أصحاب القلابات والاستثمارات في المدينة الحرفية، یعمدون إلى إلقاء أكوام من الأتربة والحجارة والطوب والأنقاض من مخلفات البناء على جوانب الطريق، الأمر الذي ینذر بكارثة بیئیة، ویتسبب بتشویه المنظر الحضاري والجمالي للمدینة.
ويطالبون بإيجاد حلول عملیة لهذه الظاهرة التي باتت تؤرقهم وتسبب لهم مشاكل صحیة وبیئیة وتوفیر مواقع في المدینة لاستعمالها لهذه الغايات، مؤكدین أن غیاب الرقابة الفاعلة واتخاذ الإجراءات الرادعة بحق المخالفین دفعا العدید من المخالفين إلى الاستمرار بمخالفة القوانين.
ويؤكد أحد سكان المدينة عبدالله البزايعة، أن جوانب الطريق الدولي باتجاه المدورة الحدودية أصبح من المناطق “الموبوءة”، جراء طرح الأنقاض والأتربة ومخلفات الورش الإنشائية والصناعية، إلى جانب إضراره بالبیئة.
ويطالب محمود المحاميد بتوفیر مواقع مخصصة في المحافظة لاستعمالها لأغراض طرح الأنقاض ومخلفات الإنشاءات، الناجمة عن المدينة الحرفية، لأن إلقاءها على جوانب الطرق یضر بالبیئة ویسبب الحوادث والتلوث، لافتا إلى أن الطريق يفتقر لوجود إشارات تحذیریة تمنع مثل هذه الممارسات السلبیة.
ومن جهته، يؤكد مصدر في بلدية معان الكبرى أن إحدى الشركات الوطنية الكبرى في محافظة معان وعدت البلدية منذ فترة طويلة بشراء “كسارة”، بغية الاستفادة من مخلفات الورش الصناعية والإنشائية لإنتاج وصناعة المواد التي تدخل في الأعمال الإنشائية والإعمار، بهدف إعادة بيعها للجهات المختصة والمقاولين، والقضاء على هذه المشكلة نهائيا.
ويشير المصدر إلى أن “بعض سائقي القلابات وأصحاب الاستثمارات في المدينة الحرفية يلقون الأنقاض ومخلفات البناء والورش الصناعية على جوانب الطرق الرئیسة، خارج أوقات ساعات الدوام، مستغلين ساعات اللیل أو الصباح الباكر لطرح الأنقاض بعیدا عن الرقابة، وهو ما یحد من قدرة الجهات المختصة على ضبط ومعرفة المخالفین”، لافتا إلى أن حل المشكلة لا یتم إلا بتكاتف الجهود من قبل جمیع الأطراف، وبالتعاون مع المواطن الذي یقع على عاتقه التبلیغ عن أي شخص یقوم بمخالفة القوانین، للحفاظ على جمال المدینة.
ويقول إن البلدية تعمل جاهدة لإزالة جميع المعوقات التي تواجه المستثمرين داخل المنطقة الحرفية، بما يحفز ولادة مزيد من المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات، باعتبار أن الاستثمار هو الحل الأمثل للتغلب على مشكلتي الفقر والبطالة من خلال التعاون مع أصحاب هذه الاستثمارات.
ويضيف أن ضعف الموارد المالیة والإمكانيات في الوقت الحالي، يجعل البلدیة غیر قادرة على تغطیة الخدمات التي ينبغي تقديمها للمنطقة الحرفیة، نظرا لتراجع أعداد الملتزمین بدفع المستحقات المالیة المترتبة علیهم من أصحاب هذه الاستثمارات، لا سيما الإیجارات منذ فترة طویلة، والتي تقدر بأكثر من 300 ألف دینار.
حسين كريشان/ الغد
التعليقات مغلقة.