حساسية الربيع: توصيات طبية وغذائية للحد من المعاناة

– مع قدوم فصل الربيع، تتفتح الأزهار، وتكتسي الأشجار بحلتها الخضراء وسط الطبيعة الخلابة ليصبح الهواء أكثر نقاء وانتعاشا.
لكن هذا الجمال لا يسعد الجميع، فبالنسبة للبعض، يتحول الربيع إلى موسم من العطاس المتواصل، والعيون الدامعة، والسعال الذي لا يتوقف، وصعوبة بالنوم وتعب عام بالجسد.
ريم، طفلة تبلغ من العمر عشرة أعوام، تعاني سنويا مع بداية هذا الفصل من احتقان في الأنف وسعال جاف يمنعها من النوم ليلا.
تقول والدتها: “كلما اقترب الربيع، تبدأ ريم في العطاس المستمر، وكأنها مصابة بالإنفلونزا، لكنها ليست كذلك. إنها الحساسية، التي تعكر صفو البيت كله، خوفا عليها من انقطاع النفس، واللجوء المتكرر للتبخيرات في المستشفى”.
أما سامي خليل، الطالب الجامعي البالغ من العمر 22 عاما، فيضطر إلى التغيب عن بعض محاضراته بسبب تهيج عينيه واحمرارهما، إلى جانب شعوره الدائم بالتعب والنعاس نتيجة استخدامه مضادات الحساسية.
يقول سامي: “في هذا الفصل أشعر وكأن جسمي يعلن حالة طوارئ؛ أنفي لا يتوقف عن السيلان، وعيناي تظلان ملتهبتين طوال الوقت، مما يؤثر على تركيزي وقدرتي على الدراسة، ويصاحب ذلك صداع دائم وشعور بالتوتر”.
أما سيرة العلي، الموظفة في القطاع الحكومي، فتواجه كل ربيع معاناة مضاعفة بسبب الحساسية الموسمية التي تفاقم حالة الربو المزمن لديها. تقول: “في كل ربيع، أضطر لمراجعة الطبيب للحصول على جرعات إضافية من بخاخ توسيع القصبات، وأحيانا أحتاج إلى تناول الكورتيزون. الهواء المحمل بحبوب الطلع لا يرحمني، وأشعر بالاختناق، ولهذا فإن معظم إجازاتي السنوية تكون في هذا الفصل”.
ويفسر استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية، الدكتور عبد الرحمن العناني، السبب الرئيسي لتفاقم الأعراض لدى كثيرين في هذا الفصل، بأنه ارتفاع نسبة غبار الطلع، وهي حبيبات دقيقة تطلقها النباتات والأشجار خلال عملية التلقيح. ويلفت إلى أن الجهاز المناعي لدى بعض الأشخاص يتعامل مع هذه الجزيئات وكأنها أجسام غريبة، فيفرز مادة الهيستامين، التي تسبب سيلان الأنف، الحكة، احمرار العينين والاحتقان، وفي بعض الحالات قد تؤدي إلى نوبات ربو حادة.
ويضيف أن المشكلة أن الكثير من المصابين لا يدركون أن ما يعانونه هو حساسية موسمية، ويعتقدون أنها نزلة برد متكررة، ما يؤدي إلى تأخرهم في الحصول على العلاج المناسب.
ولتفادي حدة أعراض الحساسية الموسمية، ينصح بتجنب الخروج في أوقات الذروة (الصباح الباكر والمساء)، وارتداء الكمامات عند التواجد في الهواء الطلق، إلى جانب إغلاق النوافذ واستخدام أجهزة تنقية الهواء داخل المنزل. كما يفضل غسل الوجه واليدين وتغيير الملابس فور العودة إلى المنزل.
وبما أن الحساسية مرض مزمن، من الضروري متابعة الحالة مع الطبيب في حال تكرار الأعراض، والالتزام بالعلاج المناسب، مثل مضادات الهيستامين أو بخاخات الأنف، وذلك تحت إشراف طبي.
أما اختصاصية التغذية ربا العباسي، فترى أن التغذية تلعب دورا مهما في التخفيف من أعراض الحساسية الموسمية، وتقول: “الجهاز المناعي بحاجة إلى دعم مستمر، وهناك مشروبات طبيعية تسهم في تقليل التهيج”.
وتنصح بتناول بعض المشروبات الساخنة، مثل شاي الزنجبيل بالعسل، كونه يعمل كمضاد التهاب طبيعي، يهدئ الحلق ويخفف الاحتقان. كذلك تناول الكركم مع الحليب الدافئ، لاحتوائه على مادة الكركمين التي تقلل من الالتهابات في الجسم.
وتشير عباسي إلى فوائد شاي النعناع في فتح الممرات الهوائية وتسهيل التنفس، إلى جانب عصائر الحمضيات، مثل البرتقال والليمون، الغنية بفيتامين سي والتي تعزز مناعة الجسم.
وتؤكد أهمية تجنب الأطعمة التي تحفز إفراز الهيستامين، مثل بعض الأجبان المعتقة والمأكولات المصنعة.
ورغم أن الحساسية الموسمية قد تكون مزعجة، إلا أن إدارتها بشكل جيد، من خلال الدمج بين العلاج الدوائي والوقاية اليومية والدعم الغذائي، تسهم في التخفيف من آثارها بشكل كبير، وتساعد على الاستمتاع بالربيع من دون أن يتحول إلى عبء على الصحة أو جودة الحياة.
ووفق موقع Medlineplus؛ يرتبط التهاب الأنف التحسسي بمجموعة من الأعراض التي تؤثر على الأنف وحساسيته، حيث تحدث هذه الأعراض عند استنشاق أي مسبب للحساسية، مثل الغبار، أو وبر الحيوانات، أو حبوب اللقاح. يمكن أن تحدث الأعراض أيضًا عند تناول نوع من الطعام يسبب الحساسية.
أما النباتات التي تسبب حمى القش، فهي الأشجار وأعشاب الرجيد، حيث تحمل الرياح حبوب اللقاح، بينما تحمل الحشرات حبوب اللقاح الزهرية التي لا تسبب حمى القش. وتختلف أنواع النباتات المسببة لحمى القش من شخص لآخر، ومن منطقة لأخرى.
يمكن أن تؤثر كمية حبوب اللقاح الموجودة في الهواء على ظهور أعراض حمى القش، إذ من المرجح أن تسبب درجة الحرارة المرتفعة والجافة والرياح على انتشار حبوب اللقاح في الهواء، بعكس الأيام الباردة والرطبة والممطرة.