خيبة أمل دولية وغضب لبناني عقب اعتذار الحريري عن تشكيل حكومة
فيما اندلعت احتجاجات واسعة في معظم المناطق اللبنانية بعد رفض الرئيس ميشال عون التشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري واعتذار الأخير عن تشكيل الحكومة، عبرت دول في العالم عن خيبة أملها، أما الجامعة العربية فحذرت من تبعات خطيرة لذلك.
وامتدت احتجاجات اللبنانيين من طرابلس شمالي البلاد إلى شوارع بيروت، وشملت قطعا للطرق في شوارع بيروت، وبخاصة منطقة الطريق الجديدة منطقة نفوذ رئيس تيار المستقبل المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري.
وقال شهود عيان إن اشتباكات عدة اندلعت أمس وأول من أمس بين المتظاهرين ودوريات الجيش اللبناني، أحدها كان بمحيط جامعة بيروت العربية، بعدما حاولت قوة من الجيش تفريق حشد غاضب، ورد المتظاهرون برشق دورية الجيش بالحجارة، ورد أفراد الدورية بإطلاق النار في الهواء، وقامت آليات مساندة بالرد بإطلاق الرصاص المطاطي، ما أدى إلى إصابات طفيفة تم نقلها بسيارات الإسعاف الى مستشفى المقاصد القريب من منطقة التظاهرات.
وفي ضوء ذلك، ارتفع سعر الدولار الأميركي الى أكثر من 22 ألف ليرة لبنانية، ما خلق جواً من الوجوم والاستنكار بين اللبنانيين الذين كانوا قد استبشروا خيراً بالتصريحات المطمئنة الصادرة عن القصر الجمهوري في بعبدا، وصدموا برفض التشكيلة الحكومية المقترحة التي قدمها الحريري.
وقام شباب غاضبون بقطع طريق الكولا-المدينة الرياضية باتجاه مطار رفيق الحريري الدولي بمستوعبات النفايات وسط هتافات طالت رئيس الجمهورية ميشال عون الذي رفض تشكيلة حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري.
واستقدم الجيش اللبناني جرافة عملت على إعادة فتح طريق المطار قرب المدينة الرياضية، ونفذ الجيش اللبناني عملية انتشار على مداخل منطقة الطريق الجديدة-جسر الكولا، ونشر عناصره على سطوح الأبنية المحيطة بمنطقة التوتر.
وذكرت أنباء أن الحريري سيدعو، في مقابلة تلفزيونية مرتقبة، للهدوء والالتزام بالاحتجاجات السلمية لأن المرحلة الحالية خطيرة ودقيقة جداً ويجب تحمل المسؤولية الكاملة.
ويرى مراقبون أن الوضع الأمني بات أكثر حساسية في ظل اصطفافات يخشى أن تتحول الى طائفية.
الرئيس عون، في أول تصريح له عقب إعلان الحريري، لم يتطرق خلال استقباله وفدا أكاديميا في بيروت لأزمة تشكيل الحكومة، إلا أنه قال “إن لبنان سيتمكن من تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها حاليا على مختلف المستويات، لأن الأحداث أثبتت أن إرادة الحياة عند اللبنانيين مكنتهم دائما من التغلب على صعوبات كثيرة في الماضي”.
وشدد على رهانه “على الجيل الشاب بناء مستقبل لبنان الذي نريد”.
وقال “لا شيء يجب أن يحبط اللبنانيين رغم قساوة ما يتعرضون له”، واعدا بـ”بذل كل الجهود للخروج من الأزمات المتلاحقة التي يعانونها”.
وأعلنت فرنسا، أمس، عن عقد مؤتمر دولي جديد في الرابع من الشهر المقبل بهدف “تلبية احتياجات اللبنانيين”، وذلك بمبادرة من الرئيس إيمانويل ماكرون والأمم المتحدة.
ودعت فرنسا لبنان لإطلاق مشاورات نيابية لاختيار رئيس وزراء جديد، بعد قرار سعد الحريري الاعتذار عن تشكيل الحكومة الذي “أسفت له باريس واعتبرته فصلا مأساويا جديدا في عجز المسؤولين اللبنانين عن حل الأزمة التي تسببوا بها”.
واختارت باريس موعد 4 آب (أغسطس) موعدا لعقد المؤتمر، تزامنا مع الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت الذي سبب خسائر بشرية ومادية هائلة، وعمق الأزمة السياسية في لبنان.
وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قال أول من أمس إن الإخفاق في تشكيل الحكومة اللبنانية “حدث مروع”
وفي شرح الحريري لحيثيات قراره بعد لقائه بالرئيس ميشال عون، قال إن من الواضح أنهما لم يتمكنا من التوافق، ما يبرز الانقسامات السياسية التي أعاقت تشكيل الحكومة حتى مع غرق لبنان لمستويات أعمق من الأزمة.
ومن جانبه، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في تصريحات لصحفية من نيويورك حيث يشارك في جلسة مجلس الأمن عن ليبيا، إنه يعتقد أن تبعات اعتذار الحريري قد تكون خطيرة على مستقبل الوضع في لبنان.
وتعهد بمواصلة الجامعة العربية مواكبتها للوضع في لبنان ومد يد الدعم له في هذا الظرف الدقيق من تاريخه الحديث. وناشد المجتمع الدولي الاستمرار في مساعدة الشعب اللبناني في هذا الظرف الدقيق.
وقال أبو الغيط إن مسؤولية الفشل والتعطيل في التوصل إلى التوافق السياسي باتت معروفة للقاصي والداني، وإن كان الإنصاف يقتضي أيضاً تحميل جميع السياسيين اللبنانيين مسؤولية إيصال لبنان إلى هذا الوضع المتدهور الذي لا يستحقه شعب لبنان الصامد والمثابر.
وأكد ضرروة التزام جميع الأطراف باتفاق الطائف، نصاً وروحاً، كأساس للعملية السياسية في لبنان.
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اعتبر اعتذار الحريري عن تشكيل حكومة جديدة في لبنان “تطورا آخر مخيبا لآمال الشعب اللبناني”.
وأضاف بلينكن، في بيان، أن من المهم تشكيل حكومة ملتزمة وقادرة على تنفيذ الإصلاحات ذات الأولوية في الوقت الراهن، إذ يجب أن تبدأ الحكومة أيضًا في التحضير للانتخابات البرلمانية للعام 2022، التي يجب إجراؤها في موعدها بطريقة حرة ونزيهة.
واعتبر بلينكن أن الطبقة السياسية في لبنان أهدرت الأشهر التسعة الماضية، بينما انهار الاقتصاد اللبناني وعجزت الحكومة عن تقديم الخدمات الأساسية، داعيا القادة في بيروت إلى تنحية الخلافات الحزبية جانبا وتشكيل حكومة تخدم الشعب اللبناني.
وكان الحريري كلف بتشكيل حكومة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عقب استقالة حكومة رئيس الوزراء حسان دياب في أعقاب الانفجار الكارثي في مرفأ بيروت.-(وكالات)
التعليقات مغلقة.