“خيرات كفرسوم”.. إرث في صناعة الرمان ومنتجاته الطبيعية

حب الأرض وخيراتها كان الدافع للجدة أم يوسف لتبدع في إنتاج مختلف المنتجات من حبات الرمان. من قلب قرية كفرسوم، الواقعة في عروس الشمال إربد والمشهورة بزراعة أشجار الزيتون والرمان، بدأت الحكاية. قبل سنوات، أطلقت الجدة أم يوسف وبناتها مشروع صناعة منتجات الرمان، ومع مرور الوقت تعلّم أبناؤها هذه الصنعة وانتقلت المهارة بين الأجيال، ليصبحوا معروفين بإنتاج أطيب منتجات الرمان بطعم مميز.

 

وفي حديث خاص مع “الغد”، أوضحت الحفيدة آية عبيدات (23 عاما) أن والدها، الابن الأصغر في العائلة، اختار ’ن يستمر في المشروع برفقة زوجته وشقيقته، وأطلقوا عليه اسم “خيرات كفرسوم الطبيعية”. وأشارت إلى أن شقيقها يعمل أيضا معهم، بينما اختارت هي أن تركز على تسويق المنتجات في محيطها وعلى صفحاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي. إلى ذلك، تشارك في المهرجانات المتخصصة بالمنتجات الطبيعية، مثل مهرجان الرمان في إربد ومهرجان الزيتون في عمّان، لتعريف الناس بالمنتجات. تشير عبيدات إلى أنها نشأت وكبرت وهي ترى عائلتها بأكملها تعمل في صناعة منتجات الرمان. هذا المشروع كان حاضرا في حياتها منذ الصغر، حيث واصل والداها وجميع أفراد العائلة العمل فيه، مما جعل الجميع يمتلكون خبرة واسعة في صناعة منتجات الرمان.

المشروع يقوم على إنتاج منتجات الرمان الطبيعية الخالية من الإضافات والمواد الحافظة، ومنها عصير الرمان، دبس الرمان، والخل الطبيعي. أما مربى الرمان فيتم صنعه بإضافة كمية قليلة من السكر وعصير الليمون. بالإضافة إلى ذلك، يتم طحن قشور الرمان لتحويلها إلى بودرة وبيعها.
ووفق عبيدات بدأوا حاليا بمشروع ريادي جديد يقوم على إعادة تدوير بذور الرمان بعد عصرها لاستخلاص زيت بذور الرمان. وأوضحت أنه بعد عصر الرمان واستخدام العصير في إنتاج الدبس، تبقى البذور التي يتم تجفيفها ثم طحنها باستخدام آلة خاصة لاستخلاص الزيت. ويتميز هذا الزيت بفوائده الغذائية واستخداماته الصحية للبشرة.
تملك عائلتها قطعة أرض مزروعة بأشجار الرمان بمساحة 6 دونمات، ومع بداية موسم الرمان يتجمع جميع أفراد العائلة لقطف الثمار والبدء في صناعة المنتجات.
وتوضح أنه بعد عملية القطف، يتم غسل الرمان أولا، ثم تقطيعه واستخراج البذور يدويا في عملية تعرف بـ”كبت الرمان””. وتؤكد أن كافة مراحل العمل تتم يدويا دون استخدام آلات، باستثناء عملية عصر الرمان. وبعد ذلك، يغلى عصير الرمان على الحطب، وهو ما يميز دبس الرمان الخاص بهم عن غيره.
توضح عبيدات أن صناعة خل الرمان تبدأ من الآن، حيث يتم وضع العصير في براميل وحفظه حتى العام المقبل. والخل يحتاج إلى فترة طويلة للتخمر، إذ يبقى لمدة سنة كاملة ليتحول إلى خل طبيعي 100 %. أما المربى، فيتم صنعه بإضافة نسبة قليلة من السكر وعصير الليمون الطبيعي.
أما بودرة قشور الرمان فهي آخر المنتجات التي يتم إنتاجها، حيث تجفف القشور ثم تطحن وتباع، خاصة في المهرجانات، نظراً لفوائدها لقرحة المعدة، كما يستخدمها البعض كحناء للشعر أو في صناعة الصابون. وأضافت أن عائلتها تنتج أيضا الصابون باستخدام زيت الزيتون، مع إضافة خل الرمان وبودرة قشور الرمان.
أوضحت عبيدات أن صناعة هذه المنتجات تتطلب منهم جهدا ووقتا كبيرين، خاصة خلال أول شهرين من الموسم. لكن في المقابل، تدر عليهم دخلا مستمرا طوال العام، حيث يوفر لهم دخلًا إضافيا شهريا من بيع هذه المنتجات.
وصناعة منتجات الرمان بدأت مع جدتها، وانتقلت منها إلى أبنائها وأحفادها، حيث أحب جميع أفراد العائلة العمل في هذا المجال. تقول: “نحب عملنا كثيرا، ولهذا ما زلنا مستمرين فيه حتى الآن. وأخي لديه بسطة يبيع من خلالها المنتجات بكل رغبة وحب”. وينتظرون موسم الرمان من سنة لأخرى، ورغم التعب والضغط الذي يرافقه، إلا أنهم ينتظرونه بشغف وفرح كبيرين لبدء العمل.
تذهب عبيدات إلى أن المشروع يعمل تحت مظلة جمعية سيدات البيت الريفي التعاونية التي ترأسها والدتها، أريج عبيدات. الجمعية متعددة الأغراض وتخدم المجتمع المحلي من خلال تقديم دورات تدريبية للسيدات، كما تضم مشاريع ريادية متنوعة مثل المطابخ الإنتاجية والحرف اليدوية. ومنطقة كفرسوم تشتهر بالزيتون والرمان، وقد اختارت عائلتها التركيز على الرمان، ما يساهم في توفير دخل جيد للعائلة.
وهناك إقبال كبير على المنتجات، خاصة خلال موسم الرمان الذي يبدأ في أيلول (سبتمبر) وينتهي في كانون الأول (ديسمبر). يأتي الزبائن من جميع مناطق الأردن وحتى من خارجه خصيصا لشرائها، مشيرة إلى أن المنتجات التي تصنع تبقى متوفرة على مدار السنة بفضل إنتاج كميات كبيرة.
ودبس الرمان هو أكثر المنتجات شهرة لديهم، ويتم إنتاجه وفق معايير دقيقة وعلى درجة حرارة معينة، مما يضمن تميز الطعم الأصلي له.
تذكر عبيدات أنهم قد افتتحوا متجرا خاصا بهم في السابق، لكن بسبب ارتفاع تكاليف الإيجار وجائحة كورونا، اضطروا لإغلاقه والاكتفاء ببيع المنتجات من المنزل.
وتنوه عبيدات إلى أن جميع العائلات في كفرسوم تعمل في صناعة منتجات الرمان، وليس عائلتها فقط، حيث يقوم معظم سكان كفرسوم بإنتاج دبس الرمان. وتقول: “خلال هذا الموسم، عندما تدخل كفرسوم، تنتشر فيها رائحة دبس الرمان التي تخرج من كل بيت”. والأغلبية تركز فقط على صناعة الدبس، بينما عائلتها توفر عصير الرمان والخل والمربى للآخرين، حيث يغذون العصارات الموجودة في كفرسوم، ويصل تقريبا 70 % من عصير الرمان إلى هذه العصارات من منزلهم.
أكبر التحديات التي تواجههم هي التحديات المالية، على الرغم من أن جميع المنتجات تباع، حيث إن هناك متاجر في عمان تأخذ منهم كميات كبيرة. ومع ذلك، تكمن المشكلة في غياب الآلات التي من شأنها أن تختصر عليهم الوقت والجهد، ولهذا ما يزالون ينتظرون الدعم الذي سيساعدهم على التطور وزيادة إنتاجهم. وتختم عبيدات حديثها بالتأكيد على أنه رغم التحديات، لديهم خطط مستقبلية جديدة، ومنها إنتاج مغلفات صغيرة تحتوي على دبس الرمان. كما يعملون على زيادة التسويق من خلال افتتاح صفحات خاصة لمنتجات الرمان الطبيعية على منصات التواصل الاجتماعي لجذب عدد أكبر من الزبائن.

رشا كناكرية/الغد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة