“ذبيحة الشباب في قريتنا عرجان بمحافظة عجلون”/مهند ياسر سالم حداد
حدثني والدي عن عادة من العادات القديمة والجميلة والتي وإن دلت فإنها تدل على مدى الأخلاق التي يتحلى بها الأردنيين عامة وأهلنا بقرية عرجان خاصةً والتحضر والوئام والأخوة والمحبة وكل شئ جميل ذو معاني رائعة وسامية في هذه الحياة وهي عادة قديمة اندثرت قبل عدة سنوات وكانت تسمى بذبيحة الشباب، وهي من إحدى العادات الجميلة التي كانت موجودة في مجتمعنا والتي برأيي كان من المفروض الحفاظ عليها وتوثيقها لتكون شاهد للأجيال وللعالم وخاصة الغربي المُعتل، عن مدى الوئام الموجود في هذا البلد الأمين، عادات يجب أن توثق وتدرس في مدارسنا وأن لا نقبل أبداً بأن يقوم كائن من كان في هذا العالم بالتنظير علينا نحن أبناء هذه المنطقة ، عن تقبل الحضارات والأديان والتسامح او احترام الاخر ، ببساطه لأننا المنبع لكل هذا.
كانت هذه العادة تتلخص في أنه في حال زواج اي فتاة من قريتنا عرجان من أي شخص من خارجها يقوم شباب عرجان بإعتراض موكب العروس او “الفارده” ولا يسمحوا بخروج الفارده من عرجان الا بعد أن يقوم أهل العريس بدفع مبلغ مالي لشباب عرجان اتفق على تسميته ب “ذبيحة الشباب” وهم بدورهم يزيدوا عليه ما تيسر من الدنانير ويقدم للعروس بيدها. وكانت تفاصيلها تتلخص بأنه اذا كانت العروس مسلمة فإن الذين يطالبون بذبيحة الشباب هم شباب آل حداد وإذا كانت العروس مسيحية فيطالب بها الشباب المسلمين من ابناء عشائر عرجان الحبيبة.
حدثني والدي ياسر سالم السعد حداد، والذي كان أيامها دائماً في طليعة من يعترضون مواكب الأعراس والتي تكون فيها بنتنا قد اقترنت بزوج من خارج عرجان، حدثني بأنه أحدى عماتنا الغاليات وهي عدلا التوفيق عطالله طيلوني رحمها الله قد اقترنت برجل من قرية إرحابا وهو السيد محمد علي الحمدان بني عامر المحترم وكما هي العادة تم اعتراض موكب العروس من قِبل الشباب وطالب والدي من أهل العريس “بذبيحة الشباب” فاستغربوا الأمر ورفضوا دفع المبلغ، وبعد أخذ ورد بينه وبين أهل العريس الذين أصروا على عدم الدفع، وذلك الإصرار يعود لعدم علمهم بهذه العادة العرجانية الأصيله، فقام والدي بسحب مفتاح السيارة التي تُقل العروس وقال لهم ما في طلعه من عرجان بدون ماتدفعوا “ذبيحة الشباب” ولما تغيروا رأيكم وتقرروا تدفعوا بتلاقوني بدار ابو ياسر فوق برأس الدير. أخذ والدي ابو مهند مفتاح سيارة “الفارده” التي بها العروس ورجع الى داره، دار سالم السعد حداد – ابو ياسر رحمة الله عليه. بعد مباحثات وشرح وكذلك اصرار من العروس وأهلها الكرام بأن يتم الموضوع حسب العادة، ذهب أهل العريس الى رأس الدير الى دار جدي ابو ياسر رحمه الله فاستقبلهم بكل محبة ومودة وترحاب فلما سألهم عن حاجتهم قالوا له ابنك ياسر أخذ مفتاح سيارة العروس وانه مُصر أن يدفعوا له ذبيحة الشباب، فأكد لهم جدي رحمة الله عليه على وجوب القيام بذلك وأنها عادة من عاداتنا ولابد لهم من التقيد بها، في نهاية المطاف قام أهل العريس بدفع المبلغ لوالدي والذي قام بإضافة مبلغ آخر عليه ونزل الى البلد حيث كانت عمتنا المرحومة عدلا التوفيق قد رجعت الى بيت والدها ورفضت أن تقوم من مكانها وأصرت على أن يقيمها والدي ابو مهند. يقول والدي ما أن وصلت حتى ثارت الزغاريد من أهل العروس ومن العروس نفسها وقام والدي بوضع مبلغ ذبيحة الشباب بيدها وعندها وقفت وذهبت الى سيارة أهل العريس، فكانت هذه المناسبة الجميلة من الذكريات الرائعة التي علقت بذاكرته الى الآن والتي لا يمكن ان ينساها أبداً. وأخبرني أيضاً عن قصة شبيهه بها ، فقد تزوجت احدى بنات بلدتنا من شخص محترم من قرية راسون المجاورة لعرجان وقام عمي كامل سالم السعد حداد – ابو عدي رحمة الله عليه بإيقاف الفرس ورفض إطلاق عنانها الا بعد إستلام “ذبيحة الشباب” من أهل العريس وبعد أخذ ورد ونقاش تم دفع مبلغ الذبيحة، فزاد عليها ما تيسر من المال ووضعه بيد العروس والتي كما يذكر الوالد أطال الله بعمره كانت من أقارب المرحوم العم حسين أسد رحمة الله عليه. كذلك وردني من الاخ العزيز عليان ابو علي العلي الظاهر الظواهره – ابو محمد انه عندما كان تقريباً بعمر ما بين ١٥-١٧ سنه عندما تزوجت بنت العم العزيزة نوال بنت العم هلال عبدالله أبراهيم خليل حداد – ابو أنور الله يرحمه من الأستاذ يعقوب الربضي من عجلون، قام هو ومجموعه من شباب جيله باعتراض موكب الفارده واغلقوا الشارع بالحجاره وطالبوا من أهل العريس دفع ذبيحة الشباب، في البداية رفض اهل العريس دفع المبلغ فتدخل أقارب العروس وشرحوا لهم الأمر وأن هذه العاده موجوده عندنا بعرجان ولا مفر منها ولابد من دفع ذبيحة الشباب فقام أحد أقارب العريس بدفع المبلغ للاخ ابو محمد الذي بدوره ونيابه عن شباب عرجان الدين كانوا معه قام بالسلام على العروس وبارك لها وسلمها مبلغ الذبيحة وكما روى انه وبعد ما شاهد الحضور من أهل العريس ومن حضر معهم من خارج عرجان هذا التصرف انبهروا وانبسطوا كثيراً وبعدها قام هو والشباب بفتح الطريق وأكمل موكب الفارده طريقه الى خارج عرجان.كما روت لي خالتي الغالية مجدولين (إبتسام) زايد سليم عيد حداد – ام نمير تجربتها الشخصية حيث قالت عندما تزوجت الله ستر وما صارت مذبحة، لأن اهل العريس وهم من مدينة الفحيص فكروها دفع خاوه وأهل الفحيص دقرين ما عندهم يمه ارحميني خصوصاً ان العريس وهو المرحوم الأستاذ هاشم مضاعين – ابو نمير كان محبوب جداً من عشيرته ومن أهل الفحيص، لكن بعد ما فهموا انها عادة متبعة في عرجان دفعوا كما تذكر حوالي ٥٠ دينار وشباب عرجان أضافوا مبلغ وقدموه لها بالسيارة وباركوا لها وللعريس وتمنوا لهم حياة سعيدة وقاومت بعدها بفتح الشارع للفارده ، وتقول كانت ايام حلوه فيها تآخي ومحبة بين اهل عرجان.
كما روى لي الاخ العزيز ابو احمد السوالمة عن عاده كانت سابقا وهي جمع الحطب للعريس حيث تذهب جميع نساء البلد للتحطيب للعريس ، فاذا كان العريس مسلما تكرم اطول النساء المسيحيات بوضع اشار ابيض وتقود الجميع اثناء العوده وتسمى بالدليل ، واذا كان العريس مسيحيا يختاروا اطول وحده مسلمه وتكون هي الدليل وتحمل الاشاره البيضاء وتكون في مقدمة الحطابات والتي يزيد عددهم عن خمسين امراه ويوكد بأنه قد رافق والدته في احدى تلك المناسبات عندما كان طفلا عادات انيقه وجميله بنقاء وجمال اصحابها .
وما زالت قريتنا عرجان الحبيبة تحتفظ بحبال المودة بين سكانها مسيحين ومسلمين رغم البُعد وتغير أسلوب الحياة بشكل عام وخاصة ممن عاشوا تلك الأيام ويتذكرون تفاصيلها وما زالوا على قيد الحياة ممن عاشروا أجدادنا وآباءنا. الله يحفظ جميع أهلنا في عرجان جنة الشمال التي تتربع فوق جبال شامخة بالعز والعروبة والشهامة بجمالها وارثها وسيرة أهلها الطيبين.
عادات جميلة ابتكرها اجدادنا وتقبلها الجميع ودافعوا عنها لأنها كانت تعبر عن مدى المحبة والوئام والأخوة التي كانت تربطهم وايضاً كانت ترمز الى مدى سمو الأخلاق التي كانوا يحملونها.
ندعوا الله عز وجل أن يرحم ويغفر لكل الذين رحلوا عنا منهم جميعًا وندعوا الله بطول العمر والصحة للأحياء منهم.. كانت هذه العادة تتلخص في أنه في حال زواج اي فتاة من قريتنا عرجان من أي شخص من خارجها يقوم شباب عرجان بإعتراض موكب العروس او “الفارده” ولا يسمحوا بخروج الفارده من عرجان الا بعد أن يقوم أهل العريس بدفع مبلغ مالي لشباب عرجان اتفق على تسميته ب “ذبيحة الشباب” وهم بدورهم يزيدوا عليه ما تيسر من الدنانير ويقدم للعروس بيدها. وكانت تفاصيلها تتلخص بأنه اذا كانت العروس مسلمة فإن الذين يطالبون بذبيحة الشباب هم شباب آل حداد وإذا كانت العروس مسيحية فيطالب بها الشباب المسلمين من ابناء عشائر عرجان الحبيبة. حدثني والدي ياسر سالم السعد حداد، والذي كان أيامها دائماً في طليعة من يعترضون مواكب الأعراس والتي تكون فيها بنتنا قد اقترنت بزوج من خارج عرجان، حدثني بأنه أحدى عماتنا الغاليات وهي عدلا التوفيق عطالله طيلوني رحمها الله قد اقترنت برجل من قرية إرحابا وهو السيد محمد علي الحمدان بني عامر المحترم وكما هي العادة تم اعتراض موكب العروس من قِبل الشباب وطالب والدي من أهل العريس “بذبيحة الشباب” فاستغربوا الأمر ورفضوا دفع المبلغ، وبعد أخذ ورد بينه وبين أهل العريس الذين أصروا على عدم الدفع، وذلك الإصرار يعود لعدم علمهم بهذه العادة العرجانية الأصيله، فقام والدي بسحب مفتاح السيارة التي تُقل العروس وقال لهم ما في طلعه من عرجان بدون ماتدفعوا “ذبيحة الشباب” ولما تغيروا رأيكم وتقرروا تدفعوا بتلاقوني بدار ابو ياسر فوق برأس الدير. أخذ والدي ابو مهند مفتاح سيارة “الفارده” التي بها العروس ورجع الى داره، دار سالم السعد حداد – ابو ياسر رحمة الله عليه. بعد مباحثات وشرح وكذلك اصرار من العروس وأهلها الكرام بأن يتم الموضوع حسب العادة، ذهب أهل العريس الى رأس الدير الى دار جدي ابو ياسر رحمه الله فاستقبلهم بكل محبة ومودة وترحاب فلما سألهم عن حاجتهم قالوا له ابنك ياسر أخذ مفتاح سيارة العروس وانه مُصر أن يدفعوا له ذبيحة الشباب، فأكد لهم جدي رحمة الله عليه على وجوب القيام بذلك وأنها عادة من عاداتنا ولابد لهم من التقيد بها، في نهاية المطاف قام أهل العريس بدفع المبلغ لوالدي والذي قام بإضافة مبلغ آخر عليه ونزل الى البلد حيث كانت عمتنا المرحومة عدلا التوفيق قد رجعت الى بيت والدها ورفضت أن تقوم من مكانها وأصرت على أن يقيمها والدي ابو مهند. يقول والدي ما أن وصلت حتى ثارت الزغاريد من أهل العروس ومن العروس نفسها وقام والدي بوضع مبلغ ذبيحة الشباب بيدها وعندها وقفت وذهبت الى سيارة أهل العريس، فكانت هذه المناسبة الجميلة من الذكريات الرائعة التي علقت بالذاكرة. وأخبرني أيضاً عن قصة شبيهه بها ، فقد تزوجت احدى بنات بلدتنا من شخص محترم من قرية راسون المجاورة لعرجان وقام عمي كامل سالم السعد حداد – ابو عدي رحمة الله عليه بإيقاف الفرس ورفض إطلاق عنانها الا بعد إستلام “ذبيحة الشباب” من أهل العريس وبعد أخذ ورد ونقاش تم دفع مبلغ الذبيحة، فزاد عليها ما تيسر من المال ووضعه بيد العروس والتي كما يذكر الوالد أطال الله بعمره كانت من أقارب المرحوم العم حسين أسد رحمة الله عليه. كذلك وردني من الاخ العزيز عليان ابو علي العلي الظاهر الظواهره – ابو محمد انه عندما كان تقريباً بعمر ما بين ١٥-١٧ سنه عندما تزوجت بنت العم العزيزة نوال بنت العم هلال عبدالله أبراهيم خليل حداد – ابو أنور الله يرحمه من الأستاذ يعقوب الربضي من عجلون، قام هو ومجموعه من شباب جيله باعتراض موكب الفارده واغلقوا الشارع بالحجاره وطالبوا من أهل العريس دفع ذبيحة الشباب، في البداية رفض اهل العريس دفع المبلغ فتدخل أقارب العروس وشرحوا لهم الأمر وأن هذه العاده موجوده عندنا بعرجان ولا مفر منها ولابد من دفع ذبيحة الشباب فقام أحد أقارب العريس بدفع المبلغ للاخ ابو محمد الذي بدوره ونيابه عن شباب عرجان الدين كانوا معه قام بالسلام على العروس وبارك لها وسلمها مبلغ الذبيحة وكما روى انه وبعد ما شاهد الحضور من أهل العريس ومن حضر معهم من خارج عرجان هذا التصرف انبهروا وانبسطوا كثيراً وبعدها قام هو والشباب بفتح الطريق وأكمل موكب الفارده طريقه الى خارج عرجان.كما روت لي خالتي الغالية مجدولين (إبتسام) زايد سليم عيد حداد – ام نمير تجربتها الشخصية حيث قالت عندما تزوجت الله ستر وما صارت مذبحة، لأن اهل العريس وهم من مدينة الفحيص فكروها دفع خاوه وأهل الفحيص دقرين ما عندهم يمه ارحميني خصوصاً ان العريس وهو المرحوم الأستاذ هاشم مضاعين – ابو نمير كان محبوب جداً من عشيرته ومن أهل الفحيص، لكن بعد ما فهموا انها عادة متبعة في عرجان دفعوا كما تذكر حوالي ٥٠ دينار وشباب عرجان أضافوا مبلغ وقدموه لها بالسيارة وباركوا لها وللعريس وتمنوا لهم حياة سعيدة وقاومت بعدها بفتح الشارع للفارده ، وتقول كانت ايام حلوه فيها تآخي ومحبة بين اهل عرجان.
كما روى لي الاخ العزيز ابو احمد السوالمة عن عاده كانت سابقا وهي جمع الحطب للعريس حيث تذهب جميع نساء البلد للتحطيب للعريس ، فاذا كان العريس مسلما تكرم اطول النساء المسيحيات بوضع اشار ابيض وتقود الجميع اثناء العوده وتسمى بالدليل ، واذا كان العريس مسيحيا يختاروا اطول وحده مسلمه وتكون هي الدليل وتحمل الاشاره البيضاء وتكون في مقدمة الحطابات والتي يزيد عددهم عن خمسين امراه ويوكد بأنه قد رافق والدته في احدى تلك المناسبات عندما كان طفلا عادات انيقه وجميله بنقاء وجمال اصحابها .
وما زالت قريتنا عرجان الحبيبة تحتفظ بحبال المودة بين سكانها مسيحين ومسلمين رغم البُعد وتغير أسلوب الحياة بشكل عام وخاصة ممن عاشوا تلك الأيام ويتذكرون تفاصيلها وما زالوا على قيد الحياة ممن عاشروا أجدادنا وآباءنا. الله يحفظ جميع أهلنا في عرجان جنة الشمال التي تتربع فوق جبال شامخة بالعز والعروبة والشهامة بجمالها وارثها وسيرة أهلها الطيبين.
عادات جميلة ابتكرها اجدادنا وتقبلها الجميع ودافعوا عنها لأنها كانت تعبر عن مدى المحبة والوئام والأخوة التي كانت تربطهم وايضاً كانت ترمز الى مدى سمو الأخلاق التي كانوا يحملونها.
ندعوا الله عز وجل أن يرحم ويغفر لكل الذين رحلوا عنا منهم جميعًا وندعوا الله بطول العمر والصحة للأحياء منهم.
التعليقات مغلقة.