“راجعين”.. أوبريت فني ينتصر لأهل غزة ويبشر بالعودة
بلهجات عربية مختلفة، توحدت حناجر 25 مغنيا وموسيقيا من الشرق الأوسط وشمال افريقيا في غناء أوبريت “راجعين”، الذي جاء كخطوة تعبيرية عن الدعم والمساندة من قبل المشاركين للقضية الفلسطينية، والتنديد بالحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
خصص صناع الأوبريت والمشاركون الأرباح بشكل كامل لصالح الشعب الفلسطيني، إذ إن جميع العائدات سيتم التبرع بها لصندوق إغاثة أطفال غزة.
“نسينا.. أني بأرضي وهاي بلادي.. وفي بلادي سجين.. في بلادي سجين..”، بهذه الكلمات غنى فريق أوبريت “راجعين”، لنقل واقع يعيشه الشعب الفلسطيني اليوم، يرافقه حلم العودة الذي باتت بشائره تظهر للنور من جديد.
أوبريت “راجعين” لامس القلوب بكلماته، ورسم يوم العودة القريبة رغم أنف العالم أجمع، بمقطع “مفتاح البيت بقلبي وأنا راجع وبإيدي ولدي.. ولو كل العالم كان ضدي أنا راجع.. يا بلادي راجع”. كما نقل الأوبريت ما نريد قوله وما يعتصر قلوبنا وعقولنا من أسئلة، بمقطع الراب: “وين القادة.. أخواتي في غزة اليوم تتعرض للإبادة.. هما كلمتين إما النصر إما الشهادة.. فلسطيني شهيد منذ تاريخ الولادة”.
جمع الأوبريت الجديد “راجعين” بين موسيقا الراب والهيب هوب، وقدم رؤية فنية عصرية، وبين الموسيقا الهادئة المليئة بالمشاعر والألم الى السريعة الصاخبة التي تتحدث بالغضب وتعكس مشاعر الأجيال الجديدة، واستدعى حالة الأوبريتات الوطنية الشهيرة، مثل “الوطن الأكبر” و”صوت الجماهير” و”الحلم العربي”.
التنوع الموسيقي الغني لأوبريت “راجعين” مكن الفنانين من نقل مشاعر عميقة وغضب يسكن كل عربي حر، وتحديدا أجزاء من مقاطع الراب، فقد حملت رسائل قوية وواضحة وتحديا وإيمانا بنصر قريب، ومنها مقطع يقول: “راجع تاني على أرضي.. والأقصى أصلي فيه فرضي.. جاية معكو بطيران.. أنا زميلي جاي معاكو أرضي.. فدائي فدائي فدائي.. أنا مش ماشي أنا بمكاني.. على خط النار كل ليل ونهار.. ولو هموت في إيدي سلاحي”.
نظم هذا الأوبريت بطريقة مختلفة عن السابق، بروح وفكر قريب من الجيل الجديد، فالموسيقا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ليست كما هي الآن؛ إذ إن للأصوات القوية والسريعة هي الأكثر رواجا، وأسلوب “الراب والهيب هوب” أصبح معروفا ولديه جماهير كبيرة بين شباب الوطن العربي والأحب إليهم، لذلك كان أساسا في أوبريت “راجعين” لأنه يخاطب الجيل الحالي.
ومن جهة أخرى، عند التحدث عن أوبريت يتحدث عن القضية الفلسطينية، يلمع في ذاكرة كل منا أوبريت “الحلم العربي” الذي حمل في كلماته حلم العودة لأرض الوطن، ولكن في أوبريت “راجعين” اختلفت الكلمات، فما ميزه عن باقي الأوبريتات أنه لم يكن حزينا منكسر الإيقاع أمثال “الحلم العربي” وغيرها، بل غنى فيه الشباب بقوة وأمل وبوعد رجوع بات قريبا، وأكده مقطع “كل الدنيا بلادي وأرضي في كل مكان.. كل الدنيا بلادي من قديم الزمان.. الفروق بينا حدود كلام على الورق مكتوب… والمكتوب أصبح قيود.. تمنعنا نشوف بلاد”.
هذا وقد تصدر الأوبريت منصات التواصل الاجتماعي، ويعد أول تجربة غنائية شبابية تجمع خيرة نجوم عالم الراب في العالم العربي من دول مختلفة، ومنها مصر والأردن وتونس والمغرب وليبيا والسعودية واليمن والكويت والسودان وفلسطين.
ومن بين المشاركين عدد من مؤدي أغاني الراب المصريين، منهم: عفروتو، مروان بابلو، مروان موسى، دافنشي، إلى جانب المطربة دينا الوديدي، والمطرب أمير عيد ودنيا وائل، ومؤدي الراب التونسي نوردو.
كما شاركت المطربة الفلسطينية-الأردنية دانا صلاح، والفنانان الأردنيان عصام النجار وسيف الصفدي، والفنانة السورية غالية شاكر والمخرج الفلسطيني عمر رمال، وزين، وفؤاد جريتلي، وفورتيكس، فضلا عن بلطي وسمول إكس.
الشروف.. “راجعين” هو “الحل العربي”
و صرح الفنان الأردني سيف الشروف، أن المشروع بدأ بمكالمة هاتفية من الموزع ناصر البشير حول عمل يخص الأحداث والقضية، وباشر برفقة الفنان الأردني سيف بطاينة في كتابة وتلحين العمل، وتم كتابة جزء من العمل بما يقدر بنصفه ومشاركة النصف الآخر منه من قبل الفنانين “الرابرز” كل منهم بمقطعه الخاص، فقد تم إرسال العمل لأكثر من فنان ولم يتردد أحد في الانضمام والمشاركة.
وأشار شروف إلى أن الكلمات والألحان والفكرة تحمل أهدافا ورسائل كثيرة، أهمها تأكيد الوحدة العربية، رغم محاولة العدو تشتيت هذه المفاهيم، وقال “إننا اليوم نتحدث من موقف قوة لا ضعف في ظل تشبيه الكثير من المستمعين للعمل بأوبريت “الحلم العربي”.. نعم هي فكرة مشابهة، ولكنني أفضل تسمية أوبريت “راجعين” بـ”الحل العربي” وليس “الحلم”.. الآن تحريرها قد بدأ.. والحل الوحيد هو المقاومة والانتصار بإذن الله.. ووحدتنا العربية راسخة في قلوب الشعوب دائما”.
وأضاف شروف، أنه عند تسجيل الأغنية تملكته مشاعر الحزن والغضب الممزوجين بشعوره الثابت والراسخ بأن النصر قريب وأنه قد بدأ.
وأكد شروف، في حديثه، أن هذا العمل هو بلا شك أقرب الى الجيل الجديد.. ولا بد أن يكون بهذا الشكل لتعزيز مفاهيم القضية عند الجيل الجديد وتعزيز مفاهيم الحق والحقيقة لدى أبناء الجيل الحالي.
“نحن لا نتضامن مع القضية نحن أصحابها”، يقول شروف، مؤكداً أن أهل غزة أثبتوا للعالم أجمع أنهم جبارون وعظماء وأهل للحق وأننا نشاركهم المعاناة والألم على اختلاف حجمه، ولكننا معهم قلبا وقالبا.
البطاينة.. “راجعين” إيقاع مختلف
وبدوره، يقول الفنان الأردني سيف بطاينة: “نحن لا نتضامن مع القضية نحن أصحابها.. وبصفتي صاحب قضية، شعور الغضب كان يراودني من جهة، وشعور الظلم والقهر الذي يتعرض له أهلنا في غزة من جهة أخرى”. وأضاف بطاينة، أن واجبه نصرة الحق وأهلنا في فلسطين أصحاب حق ورمز للصمود وصوت الحق الذي لن يموت، كل ما شعرت به لا يساوي شيئا مما يشعر به أهلنا في غزة، ويقول “بصفتي صاحب قضية، فأصوات الجرحى كانت مسموعة في أذني طوال فترة العمل على الأغنية ومشاهد استشهاد النساء والأطفال كانت في عقلي، فشعور الغيرة والغضب لنصرة الحق كان وما يزال موجودا وسيبقى في قلبي ويكفيني شرفا المشاركة في توصيل رسالة وأصوات أهلنا في غرة الى العالم”.
وأكد بطاينة، في حديثه، أن هناك اختلافا بين هذا الأوبريت وما قبله، فلكل زمان آذان، وهذا الأوبريت كان يحمل نكهة الموسيقا البديلة وباسم الجيل الجديد، وفي النهاية رسالتنا كانت ليس بكلمات الأغنية فقط إنما باتحاد أكثر من فنان وفنانة من الوطن العربي لنصرة أهلنا في غزة وتوصيل صوتهم الى كل العالم، والتأكيد أننا أمة عربية واحدة وقضيتنا واحدة؛ فلسطين حرة من النهر الى البحر.
قطب: غزة مدرسة لجميع الناس.. وفخور بـ”راجعين”
الفنان الفلسطيني وسام قطب، قال: “فخور جداً أني شاركت في هذا العمل وفي أي عمل يتحدث عن فلسطين، نحاول نوصل صوتنا.. والحمد الله عم بوصل بكثير طرق”.
وأشار قطب إلى أن شعوره بالمسؤولية كبير جداً، وقال: “نحن نتحدث عن قضية أكبر منا كلنا، وهدفنا أن نسلط الضوء عليها من أماكن معتمة”، مبينا “أن الجيل الجديد يستمع اليوم لموسيقا مختلفة عما كان يستمع له أهالينا، ولذلك يجب أن يسمعها الجيل الجديد بطريقته”.
وأوضح أن رسالته خلال جزء الراب الذي شارك به، لخصت أننا نتعلم القوة والإرادة والمقاومة وعدم السكوت عن الحق من غزة، فهي مدرسة لجميع الناس في جميع المجالات.
الأخرس: “راجعين” هدفه “المقاومة”
بدوره، أكد الفنان الأردني محمد الأخرس، أن “راجعين” من أجمل التجارب التي قام بها، “فالأغنية هي رسالة موجهة للعالم أجمع والهدف منها إيصال رسالتنا، فهذا الشيء الوحيد الذي نستطيع نساعد الأهل في غزة كفنانين من جميع بلدان الوطن العربي”.
وأشار إلى أن هذه الرسالة حملت في داخلها روح المقاومة، ومن جهة أخرى، فإن أرباحها ستذهب لمساندة أهل غزة، وعن مشاعره عند غناء الجزء خاص به في الأوبريت، قال: “عادة لما أغني.. بستعيد ذكريات لأشعر بالحزن.. ولكن هذه المرة الأمر مختلف تماما.. فنحن ما نزال نعيش هذا الألم ويعتصر قلوبنا”.
ويضيف الأخرس، أن هذا التعاون الجديد هو مشروع قريب من “الحلم العربي”.. لكن للجيل الجديد بنوع أغان وموسيقا جديدة.. والفرق بينهما هو أن “الحلم العربي” هدفه التعاطف.. لكن “راجعين” هدفه المقاومة فقد اختلفت الأصوات، ولكن الهدف واحد والألم واحد والتحرير قريب.
وقد تميز الفيديو كليب لأوبريت “راجعين” بأن المشاهد تضمنت الكوفية الفلسطينية، واقتصرت ألوان أزياء الفنانين على اللونين الأبيض والأسود، كما عرض مشاهد من قصف الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى جانب صور للأطفال الأبرياء المصابين.
وخلال 8 دقائق ونصف بث خلالها فنانون عرب رسالة للعالم وللجيل المقبل بما نعيشه اليوم من مشاعر تجاه ما يحدث في قطاع غزة من إبادة جماعية وجرائم حرب برسائل غنائية متنوعة.
ويذكر أن أوبريت “راجعين” تم تصويره في يومين ونصف، وقد تم تصوير معظمه في الأردن وتصوير باقي المشاركين عن بعد كل في بلده، بإشراف المخرجين الفلسطيني عمر رمال والليبي أحمد كويفية، والكليب للمنتج الفني والموزع ناصر البشير، والموزع الموسيقي عمر شومالي.
ومنصة “يوتيوب” اعتبرت الفيديو التصويري للأوبريت “راجعين” يضم مشاهد “عنيفة”، مما أدى لحذفه، ولذلك تم التمويه على بعض المقاطع لكي لا يتم حذفها مرة أخرى من منصة “يوتيوب”، هذا وقد وصلت نسبة مشاهدتها خلال 7 أيام الى 2.3 مليون مشاهدة، وفي كل مرة يتم الاستماع لها يتم التبرع للأهل في غزة، وهذا ما دفع الكثيرين للاستمرار في سماعها.
وفي ختام “راجعين”، دمج الأوبريت بمقطع للأغنية القديمة “لو رحل صوتي.. ما بترحل حناجركم”، وتبعها بعبارة “نحن لا نتضامن مع القضية.. نحن أصحابها”، مؤكدين بذلك أن الشعوب العربية أجمع هي صاحبة القضية.
التعليقات مغلقة.