رغم الحملات المتواصلة.. هل باتت “البسطات” المخالفة في إربد أمرا واقعا؟
تعكس الأرقام الإحصائية لبلدية إربد الكبرى بشأن البسطات المنتشرة في الشوارع العامة بمناطقها، والتي تتراوح بين 7 إلى 10 آلاف بسطة، حجم التحديات التنظيمية التي تواجهها البلدية، حيث تم خلال حملة الأسبوع الماضي إزالة 35 بسطة مخالفة فقط، رغم تأكيد معنيين بأن عدد البسطات المخالفة يفوق هذا العديد بكثير، مشيرين إلى أن التعامل مع القضية يقوم على “نظام الفزعة المؤقتة دون أي حلول جذرية”.
وأضافوا، أن “واقع السوق ومناطق تواجد البسطات سرعان ما يعود إلى ما كان عليه قبل القيام بالحملة، إن لم يكن أكثر سوءا، باعتبار أن الباعة اعتادوا على الحملات ومواعيدها وأنها آنية لا تلبث أن تهدأ لأشهر وربما أكثر، لصعوبة تنظيمها بشكل مستمر، باعتبار أن أي حملة تحتاج لجهد تنظيمي ودعم لوجستي من أطراف عديدة”.
السائق علي محمود، يقول إنه “اضطر للاصطفاف بشكل مزدوج لمراجعة أحد الأطباء في شارع السينما بإربد بعد أن فشل في الحصول على موقف في الشارع الذي تحتل جزءا منه البسطات، ليعرض نفسه لمخالفة سير (الوقوف بشكل مزدوج)”.
وأضاف، أن “هذا المشهد يعكس واقع الحال في الوسط التجاري الذي بات محتلا من قبل أصحاب البسطات والعربات المتجولة، فيما تكتفي الجهات المعنية بجولات أشبه بالاستعراضية تنفذ بين الحين والآخر، لكن سرعان ما تعود تلك البسطات للواجهة من جديد”.
والحملة التي نفذتها لجنة السلامة العامة في إربد تم من خلالها إزالة 35 اعتداء على الشارع العام والأرصفة من أصحاب بسطات وعربات متنقلة في الوسط التجاري، ضمن محيط سوق البخارية والحسبة وشارع السينما، وتم أيضا إيقاف 20 صاحب بسطة من غير المتجاوبين مع الحملات التنظيمية وإغلاق 4 محال تبيع لحوما فاسدة ومنتهية الصلاحية ومطعم “كباب” افتقر للشروط الصحية، بالإضافة إلى تحرير 19 مخالفة اعتداء على أرصفة.
لكن الحملة وفق مواطنين، “سرعان ما ذهبت نتائجها، مع عودة جميع البسطات إلى مواقعها، خصوصا مع اقتصار الحملة على اللجوء إلى مصادرة بضائع البسطات ومخالفة أصحاب محال معتدية على الأرصفة، فيما تم إغفال عشرات المخالفات من منطلق قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق”.
وأشاروا إلى أن “المواطن يبقى وحيدا أمام مواجهة أصحاب تلك البسطات التي بات يصعب على المشاة وسائقي المركبات فيها المرور والتوقف قبيل استئذان صاحب بسطة متحركة بإزاحتها جانبا”.
واعتبروا أن “أسواق وسط إربد تعيش ما يمكن تسميته بـ(الفلتان التنظيمي)، في ظل قيام أصحاب البسطات بالوقوف في الأماكن المخصصة للسيارات والأرصفة التي خصصت للمشاة، والتي أتت على أجزاء كبيرة منها وتبيع الملابس والإكسسوارات والأحذية وغيرها”.
كما يصف أصحاب محال تجارية، واقع الوسط التجاري بـ”المزري”، مشيرين إلى أنه دفع بالعديد منهم إلى إنشاء بسطات أمام محالهم ببسطات كمحاولة لكسب الزبون من جهة ومنع صاحب البسطة من الوقوف أمام محله، خصوصا وأنه يبيع نفس الأصناف التي تباع في المحل التجاري.
وكانت بلدية إربد والحاكمية الإدارية تعهدتا أكثر من مرة خلال السنوات الماضية بإزالة البسطات المخالفة وتنظيم عملها، إلا أن تلك العهود ذهبت أدراج الرياح في ظل تزايد أعداد البسطات في كل عام وسط شكاوى مستمرة من التجار من وجود تلك البسطات أمام محالهم والاختناقات المرورية التي تسببها تلك البسطات في ظل تعمد أصحابها إغلاق أجزاء من شوارع فرعية.
وأكد محافظ إربد رضوان العتوم، أن الإجراءات المتصلة بتنظيم الأسواق والحد من الانتشار العشوائي للبسطات والباعة المتجولين مستمرة ولن تتوقف حتى إنجاز لجان الصحة والسلامة العامة المشكلة لهذه الغاية من إنجاز مهامها.
وشدد في تصريحات صحفية عقب جولة لعدد من شوارع ومناطق المدينة بحضور رئيس بلدية إربد الكبرى الدكتور نبيل الكوفحي ومدير شركة إربد العميد عمر الكساسبة، أن لا تهون مع المخالفين المكررين والذين يشكلون تعديا صارخا على الشوارع والأرصفة ويعيقون حركة التسوق والمرور الآمن للمشاة والمركبات.
وأشار العتوم إلى أن هذه الجولة تأتي في إطار الحرص على متابعة سير العمل ورصد احتياجات المواطنين ومتابعة سير تنفيذ المشاريع المهمة والحيوية.
كما شدد على أن الحملات على البسطات مستمرة حتى إشعار آخر، مؤكدا أنه يتم توقيف العشرات يوميا من أصحاب البسطات غير المتعاونين وربطهم بكفالات.
وأوضح العتوم، أن حملة الأسواق وإن توقفت جزئيا لظروف خارجة عن الإرادة والأولية، إلا أنها مستمرة ضمن برنامج متفق عليه ومعد له مسبقا غايته الصالح العام وحرية التنقل والتسوق للمواطنين وسلامة الحركة المرورية دون أي منغصات.
ووفق عضو غرفة تجارة إربد أيمن الغزاوي، فإن مسؤولية العمل التنظيمي ومراقبة المخالفات من اختصاص بلدية إربد، فيما دور الغرفة يقتصر على مخاطبة الجهات المعنية من أجل إزالة المخالفات في الأسواق التي باتت تؤثر سلبا على أصحاب المحال التجارية.
وأكد، أن الغرفة عقدت خلال السنوات الماضية عشرات الاجتماعات مع الجهات المعنية من أجل تنظيم الأسواق وحل مشكلة البسطات التي تضاعفت خلال السنوات الماضية وأدت إلى حالة ركود غير طبيعية، إلا أن الجهات المعنية تكتفي بحملات مؤقتة تعود بعدها البسطات مجددا.
وأشار الغزاوي، إلى أن عشرات المحال التجارية في الوسط التجاري أغلقت واضطر بعض أصحابها إلى الانتقال لمواقع أخرى خارج الوسط التجاري بسبب حالة الركود، مبينا أن الغرفة عرضت على البلدية كإجراء تنظيمي استئجار ساحة من أجل نقل البسطات إليها.
وبحسب الناطق الإعلامي في بلدية إربد الكبرى غيث التل، فإن البلدية تنفذ حملات لتنظيم الوسط التجاري وتواجد البسطات به بشكل يومي، لكن لا يمكن السيطرة على الأمر بشكل كامل، إذ إن معظم أصحاب البسطات يعودون بمجرد مغادرة موظفي البلدية والأجهزة الأمنية المرافقة لهم.
وأكد التل، أنه لا يمكن للبلدية وحدها أن تمنع تواجد البسطات التي تعد ظاهرة على مستوى المملكة بشكل عام وليست حصرية في مدينة إربد، ويحتاج الأمر لتشاركية كاملة مع جميع الجهات ذات العلاقة.
وأضاف، أن الحاكمية الإدارية في المدينة قامت بتنفيذ عقوبات بحق المخالفين مثل توقيف بعض أصحاب البسطات المكررين للمخالفات ومن شأن هذا الأمر المساهمة في تنظيم البسطات.
وأشار التل، إلى أن البلدية أعلنت مرارا وتكرارا سعيها لتنظيم البسطات وليس إزالتها بشكل نهائي، علما بأن معظم المشاكل تتعلق باعتداءات أصحاب المحال التجارية على الأرصفة والطرق، لافتا إلى أن البلدية تفكر جديا باستئجار أكثر من قطعة أرض داخل الوسط التجاري لإلزام أصحاب البسطات على الانتقال إليها، إضافة لتطبيق نظام ترخيص الباعة المتجولين وترخيص البسطات ضمن مواصفات محددة مثل حجم البسطة ومساحتها ومكان تواجدها ونوع البضاعة التي تباع فيها.
وتقدر البلدية أعداد البسطات داخل الوسط التجاري بحوالي 7 آلاف بسطة وقد تصل إلى قرابة 10 آلاف في المدينة بشكل كامل.
أحمد التميمي/ الغد