روسيا تحشد أساطيل على حدود أوكرانيا وتنفي نية غزوها
كييف – منذ فترة والسؤال يتردد على أكثر من محفل وأكثر من دولة وهو هل ستغزو روسيا أوكرانيا؟.
ما يعزز من قيمة السؤال هو الأساطيل الضخمة والتي تضم كل أنواع العتاد والمعدات العسكرية من آليات برية وجوية والجيوش التي حشدتها روسيا على الحدود مع أوكرانيا.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و”الكرميلين” يؤكدان تقريبا بشكل شبه يومي عدم نية روسيا غزو أوكرانيا، ويشدد في ذات الوقت على مطالب بلاده والتي ساقها مكتوبة لحلف شمال الاطلي (الناتو) والولايات المتحدة، وأبرزها إنهاء سياسة التوسع التي ينتهجها الحلف وعودة الانتشار العسكري الغربي الى حدود عام 1997. والتي تشكل وفق الرؤية الروسية خطرا عليهم، والتي جوبهت بالرفض من الحلف والولايلات المتحدة.
وضمن هذا السياق ناشد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي الغرب عدم إثارة الذعر بسبب الحشود العسكرية الروسية على حدود بلاده، مطالباً في الوقت عينه الكرملين بخطوات تثبت أنّ هذه القوات لا تعتزم غزو بلده.
وأتت دعوة الرئيس الأوكراني في وقت اتفّق نظيراه الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي إيمانويل ماكرون على “ضرورة نزع فتيل التصعيد” ومواصلة “الحوار” لحلّ هذه الأزمة، في حين أكّد البنتاغون أنّ الحرب “ليست حتمية” لكن إن وقعت فستكون كلفتها البشرية “مروّعة”.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أول من أمس أنّه سيُرسل عددًا صغيرًا من الجنود الأميركيّين إلى أوروبا الشرقيّة “قريبًا”، وسط تصاعد التوتّر مع موسكو بشأن أوكرانيا.
وسيُشكّل إرسال قوّات إلى دول أوروبا الشرقيّة وسيلة إضافيّة للضغط على بوتين.
من جهته يسعى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تجنّب “إراقة الدماء” في أوكرانيا، وفق ما أكّدت متحدّثة باسم داونينغ ستريت مساء أول من أمس، مشيرة إلى أنّه سيتّصل ببوتين لحضّه مرّة جديدة على “التراجع والانخراط دبلوماسيًا”.
قال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي أمس “لسنا بحاجة إلى هذا الذعر”، مؤكّداً أنّ “احتمال الهجوم موجود ولم يتبدّد، لكن لم يكن أقلّ خطورة في 2021، لا نرى تصعيداً يتجاوز ما كان موجوداً” العام الماضي.
وأسف الرئيس الأوكراني لأنّ متابعة وسائل الإعلام العالمية و”حتى قادة الدول” تجعل هناك اعتقاد “بأنّنا في خضمّ حرب” في كل البلاد، وأنّ “هناك جيوشاً تتقدّم على الطُرق. لكنّ الوضع ليس كذلك”.
وأتى تصريح زيلينسكي بعيد إعلان الإليزيه أنّ الرئيسين الفرنسي والروسي اتفقا خلال مكالمة استغرقت أكثر من ساعة أول من أمس على “ضرورة نزع فتيل التصعيد” ومواصلة “الحوار”.
وقالت الرئاسة الفرنسية إنّ “الرئيس بوتين لم يبدِ أي نية عدوانية، لقد قال بوضوح إنه لا يسعى إلى المواجهة”.
ومساءً أول من أمس، جدّد ماكرون في مكالمة مع زيلينسكي التعبير عن “تضامن فرنسا الكامل مع أوكرانيا”، مؤكّداً “تمسّكه بالحفاظ على سيادة هذا البلد ووحدة أراضيه”، وفق الإليزيه.
من جهته قال الكرملين إنّ بوتين شدّد على مسامع ماكرون على أنّ الغرب يتجاهل المطالب التي حددتها روسيا لخفض التوتر في الأزمة حول أوكرانيا.
ولاقى رفض الولايات المتحدة وحلف “الناتو” رسميا مطالب روسيا التي تعتبرها حيوية لضمان أمنها، استياء من الكرملين الذي نقل عنه بوتين قوله لماكرون إنّ “أجوبة الولايات المتحدة والحلف الأطلسي لم تأخذ بالاعتبار مخاوف روسيا الجوهرية، لقد تم تجاهل المسألة الأساسيّة، وهي كيف تعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها … تطبيق المبدأ القائل إنه يجب ألّا يعزز أي طرف أمنه على حساب دول أخرى”.
وكان الكرملين أشار إلى أنّ روسيا “ستحدّد ردها المقبل” بعد أن تدرس بالتفصيل ردّ خصومها، الا أنه في أعقاب الرفض الاميركي الاطلسي لم يصدر عن روسيا أي شيء بهذا الخصوص، رغم أنها كانت توعّدت بردّ واسع حال رفضت مطالبها، لكن دون أن تُحدّد طبيعة الرد.
وإذا كانت واشنطن والحلف الأطلسي قد رفضا المطالب الروسية الرئيسية، فقد عرضا العمل على فرض قيود مشتركة على نشر الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى في أوروبا، على ان يشمل ذلك أيضا المناورات العسكرية في مناطق مجاورة للمعسكر الخصم.
من جهة ثانية، أعلنت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك أول من أمس العمل على تأمين “كميات إضافية من الغاز الطبيعي” لأوروبا لمواجهة أي عواقب في حال هاجمت روسيا أوكرانيا.
من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أول من أمس ان بلاده “لا تريد الحرب” وتفضل “طريق الدبلوماسية”، لكنها مستعدة للدفاع عن مصالحها.
وأضاف “إذا تُرك الأمر لروسيا، لن تكون هناك حرب. نحن لا نريد الحرب. لكننا لن نسمح أيضًا بأن يُستخفّ بصلافة بمصالحنا، أو بتجاهلها”.
في واشنطن، أكّد وزير الدفاع ورئيس الأركان الأميركيان أول من أمس أنّ اندلاع نزاع بين موسكو وكييف “ليس أمراً حتمياً”، لكن إذا حصل فإنّ كلفته البشرية ستكون “مروّعة”، محذّرين من أنّ روسيا حشدت على حدود أوكرانيا ما يكفي من القوات لاجتياح جارتها.
وخلال مؤتمر صحافي مع وزير الدفاع لويد أوستن قال رئيس الأركان الجنرال مارك ميلي إنّه “بالنظر إلى نوع القوات المنتشرة: قوات برية، مدفعية، صواريخ بالستية، سلاح الجو… يمكنكم تخيّل ما قد يبدو عليه الوضع في مناطق حضرية مكتظة بالسكّان”، متوقّعاً سقوط “عدد كبير من الضحايا” في حال اجتاحت القوات الروسية أوكرانيا.
وينتشر أكثر من مئة ألف جندي روسي على الحدود الأوكرانية منذ نهاية 2021، الأمر الذي تعتبره واشنطن مؤشراً إلى اجتياح وشيك.
وشدّد رئيس الأركان على أنّ “الأمر سيكون مروّعاً، سيكون فظيعاً”، مؤكّداً أنّ حصول “هذا الأمر ليس ضرورياً.
بدوره اعتبر وزير الدفاع أنّه “لا يزال هناك وقت ومجال للدبلوماسية”، مشدّداً على أنّه ليس هناك “أيّ مبرّر” ليفضي هذا الوضع بالضرورة الى نزاع عسكري.
وقال أوستن “يستطيع بوتين أيضاً أن يفعل ما ينبغي القيام به”.مضيفا “يمكنه اختيار وقف التصعيد. يمكنه أن يأمر قواته بالانسحاب”.
وحذّر من أنّه “إذا اندلعت حرب حالياً، فإنّ السكان المدنيّين سيعانون بشكل رهيب”، مضيفا “نحن نشجّع روسيا بقوّة على الانسحاب. القوة المسلّحة يجب أن تكون دائماً الملاذ الأخير”.
وفي بروكسل، اعتبر الأمين العام للأطلسي ينس ستولتنبرغ أول من أمس أنّ لدى روسيا “مروحة واسعة” من الخيارات ضدّ أوكرانيا، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ إمكان إجراء مفاوضات ومحادثات سلام لا يزال متاحا.
وأضاف “من جانب الحلف الأطلسي، نحن مستعدّون للانخراط في حوار سياسي، لكنّنا مستعدّون أيضاً للردّ إذا ما اختارت روسيا نزاعا مسلّحا ومواجهة. لذلك نحن مستعدّون لكلا الخيارين”.
وتابع “نحن نعمل بجدّ لإيجاد أفضل حلّ سياسي سلمي، لكنّنا استعددنا أيضاً للأسوأ”.
من جهتها أعلنت روسيا أول من أمس أنّها منعت دخول كثير من المسؤولين الأوروبيين إلى أراضيها، مشيرة إلى أنّها اتّخذت هذه الخطوة ردّاً على انتهاج بروكسل سياسة فرض “قيود أحادية عبثية”.
وسارع الاتحاد الأوروبي إلى إبداء “أسفه”، مؤكداً أنّ “هذا القرار يفتقر إلى مبرّرات قانونية وإلى الشفافية وسيلقى ردّاً ملائماً”.-(أ ف ب)
التعليقات مغلقة.