“سقوط الأسد” يحيي آمال أردنيين بعودة أبنائهم المغيبين في سورية

– عقود عديدة مرت على تغييب عشرات الأردنيين في سجون نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، حتى فقد ذووهم الأمل برؤيتهم مجددًا.
لكن انهيار النظام الذي جثم على صدور السوريين لأكثر من 50 عامًا سُجن خلالها مئات آلاف الأشخاص، أعطى بارقة أمل بعودة عشرات المعتقلين إلى المملكة.

ويتزامن كل ذلك مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان والذي يصادف العاشر من شهر ديسمبر، حيث عانى المعتقلون في سجون الأسد من أشد أنواع الانتهاكات والتنكيل والتعذيب، وقد كشفت المشاهد بعد سقوطه عن ذلك وتحديدا في سجن صيدنايا الذي يعتبر أسوأ مسلخ بشري في التاريخ الحديث.
وكان عدد المعتقلين الأردنيين في سجون الأسد، يبلغ 236 معتقلا بحسب تصريح رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان ومناهضة العنف المحامي
عبد الكريم الشريدة.
المحامي الشريدة قال لـ”الغد” إن ملف المعتقليين الأردنيين يتم العمل عليه منذ سنوات طويلة، ولكن بعد أحداث سورية في 2013 لم يعد هناك أي جهة نخاطبها بخصوص هذا الملف.
وأضاف: “لكن قبل ذلك تم التوجه للحكومة والخارجية والقيادات بملف المعتقلين، واليوم نعتقد أن عدد المعتقلين يتجاوز 236”.
وأردف: “منذ الاثنين، ولغاية أمس الثلاثاء تم الإبلاغ عن عشرة مفقودين من قبل ذويهم”.
وكشف الشريدة، عن عدم  تمكن مواطن أردني أفرج عنه من السجون السورية العودة إلى المملكة لعدم التأكد من هويته.
وقال الشريدة لـ”الغد” إن ذوي المواطن بشار شريف تواصلوا معه ليبلغوه تعذر عودة ابنهم الذي سجن لأربعين عاما في سورية وخرج مؤخرا من سجن “عدرا” بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وأشار إلى أن بشار شريف تمكن من التواصل مع ذويه لكنه لم يستطع العودة لعدم امتلاكه ما يثبت هويته، وأنه بدوره أي المحامي تواصل مع الخارجية بشأنه.
وزود الشريدة “الغد” بوثائق تثبت هوية السجين الأردني شريف، مناشدًا السماح له بالعودة.
وأعلن الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين السفير سفيان القضاة، أمس الثلاثاء، عن وصول المواطن الأردني أسامة بشير البطاينة الذي كان معتقلا في سجون النظام السوري السابق عبر حدود جابر.
وقال القضاة “بعد أن ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بقصة السجين أسامة البطاينة، تواصلنا بالأمس مع والده وأخذنا كل المعلومات اللازمة، وبحمد الله وصل السجين البطاينة إلى حدود جابر وتم تسليمه إلى والده قبل قليل من قبل نشامى الأمن العام”.
وحول حالته الصحية، أشار القضاة إلى أنه وجد فاقدا للوعي والذاكرة.
وأشار إلى أن البطاينة وهو من مواليد عام 1968 اختفى منذ العام 1986، وكان عمره 18 عاما وبقي في السجن 38 عاما.
وكان القضاة أفاد بتصريحات سابقة، أن الوزارة ستصدر بيانا في وقت لاحق حول المعتقلين الأردنيين في السجون السورية، واكتفى بالقول: “الأمور في سورية معقدة حاليا، وغير واضحة، وسنصدر بيانا قريبا”.
ومثل البطاينة، فإن المواطن الأردني إبراهيم فريحات، تم اعتقاله في الشهر الثالث من عام 2008، تروي صبا ابنة أخ إبراهيم قصته، لـ”الغد”.
وأضافت: “كان يعمل على سيارة سفريات وفجأة اختفى وبعد 3 سنين وصل خبر بإصدار حكم بحقه بالسجن 12 سنة ولا نعلم جرمه.”
وتكمل صبا حديثها بأنه “بعد مرور فترة الحكم 12 عاما في سجن صيدنايا، إلا أنه لم يتم الإفراج عنه وتم نقله بعدها إلى سجن عدرا، إلى أن تم إسقاط النظام”.
وأشارت في حديثها إلى أن زوجة عمها وأبناءها الأربعة عادوا إلى الضفة ليعيشوا هناك بعد اعتقال إبراهيم، وفقدوا أحد أبنائه بحادث سير”.
وتكمل: “هو الآن في طريقه إلى البيت” حيث تنتظر عائلته رؤيته بعد هذه السنوات.
في المقابل، كشف الدكتور هاني عبيدات تفاصيل اختفاء أقرباء له في سورية منذ 38 عاما، وهما هاني ووفاء عبيدات ولا يوجد تفاصيل عنهما لغاية اليوم.
وقال عبيدات لـ”الغد” إن وفاء كانت تدرس في جامعة دمشق بكلية الصيدلة وشقيقها كان في رحلة إلى سورية وقامت قوات الأمن باعتقال “هاني” بدون تهمة وعرفوا من خلال التحقيقات بأن لديه شقيقة تدرس في الجامعة فقاموا باستدعائها واعتقالها دون أي تهمة.
وأضاف “إن وفاء كان عمرها وقت اعتقالها 24 عاما وشقيقها 26 عاما وعند البحث عنهما في سورية كان يخبرونهم بأنهما تم تصفيتهما بالرغم من محاولات عائلاتها أكثر من مره محاولة الوصول إليهم من خلال دفع الأموال لكن دون نتيجة”.
وأكد “أن والدهما توفي بعد عامين من الاعتقال، فيما والدتهما توفيت قبل عام، مشيرا إلى “أن الأهل ينتظرون أي بارقة أمل وأخبار عن وجودهم أحياء بعد 38 عاما من الاعتقال في ظل وجود معتقلين أمضوا هذه المدة في السجون السورية وهم ما زالوا على قيد الحياة”.
الرأي القانوني
يؤكد المسشتار القانوني في معهد القانون والمجتمع معاذ المومني، أن اعتقال الأفراد في سجون النظام السوري السابق يندرج تحت بند جريمة “الاختفاء القسري” في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
و”الاختفاء القسري” يشمل الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية الذي يقع على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون، وهذا التعريف يأتي بدلالة الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 2010.
“على مؤسسات العدالة الدولية ومجلس الأمن والجهات المسؤولة أن تتحرك من تلقاء نفسها لمحاسبة من قام بهذه الجريمة” وفق المومني الذي يضيف لـ”الغد” “أنه إذا لم تنطبق قاعدة أو شرط من شروط المحكمة الجنائية على هذه الجريمة، من الممكن أن يكون هناك محكمة خاصة تأتي بموجب قرار دولي لمعاقبة هذا الفعل”.
وحول إمكانية ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم من قبل الضحايا، أوضح المتخصص في القانون الدولي وحقوق الإنسان سيف جنيدي “إن الممارسة الممنهجة والواسعة لجريمة الاختفاء القسري هي جريمة ضد الإنسانية، وتدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية”.
وأضاف جنيدي  “يختص القضاء الأردني بدلالة المادة 9  من قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 وتعديلاته بملاحقة من تورطوا بمثل هذه الأفعال بحق المواطنين الأردنيين، على اعتبار أن هذه الأفعال تدخل في نطاق العمل الإرهابي بموجب المادة 2 من قانون منع الإرهاب لسنة 55 لسنة 2006 وتعديلاته”.

 

الغد/ أحمد التميمي وحياة الدبيس

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة