سورية.. من قيود صارمة لآفاق تحرر اقتصادي
دمشق – عادت دمشق مع سقوط النظام لشهرتها القديمة كمدينة تجارية عريقة تشتهر بالتجارة منذ مئات السنين، فقد شهدت العاصمة تحولا اقتصاديا جذريا فحيثما يلتفت السائر في شوارعها يجد سوقا وحركة تجارية.
تلك المشاهد ليست بغريبة على دمشق تلك المدينة التي غلبت عليها طبائع التجارة منذ الزمن الروماني إلى يومنا هذا.
بَيد أن هذه التجارة مرت بأطوار كثيرة، وأسوأ أطوارها على الإطلاق هي ما كان في ظل نظام حكم الأسد الأب والابن، والأشد سوءا كان ذلك الذي مرت به التجارة في دمشق منذ 14 عاما إلى لحظة سقوط النظام.
فقد عمل النظام على تشكيل لوبيات عائلية تشارك التجار تجارتهم في كل شيء، وتتدخل في حركة التجارة والسوق، وترسم الدورة التجارية بما يحقق مصالحها. لذا خلال السنوات الأخيرة، شهدت السوق التجارية ضعفا هائلا، وهربت في ظل تلك الأوضاع رؤوس الأموال لخارج البلاد، بسبب البيئة الاقتصادية المسمومة والطاردة للمال ولأصحابه، فلا تُتخذ قرارات الاستثمار في مكان تظهر به مؤشرات القلق أو الاضطراب.
علاوة على ذلك، عرفت فترة حكم آل الأسد حالة من احتكار التعامل بالدولار، فقد اعتبر حينها وجود العملة الأميركية في جيوب التجار بمثابة جريمة تستحق الإخفاء في السجون.
وقبل شهر واحد من سقوط النظام تم إخفاء العديد من التجار بتهمة التعامل بالدولار، وفُقدت العديد من البضائع والسلع من الأسواق.
وفور سقوط نظام بشار الأسد، أصبح سعر الدولار حوالي 12 ألف ليرة سورية في تحسن ملحوظ ومشهود للعملة السورية، وأصبح التعامل بالدولار علنيا وفي الشارع.
وبات الأطفال يسيرون في شوارع دمشق يحملون رزم الليرات السورية وهم ينادون بأعلى صوت: “صراف… صراف”، في مشهد يمثل حالة الانعتاق الاقتصادي من نظام اقتصادي سابق إلى نظام اقتصادي جديد.
لم يكن الدولار هو السلعة الأولى أو المادة الأولى التي تتحرر بعد تحرر الشعب من قيود النظام، بل تحررت أيضا بقية السلع، فأصبحتَ تسير في الشارع فتجد عبوات السولار والبنزين مرصوفة على جانبي الشارع يبيعها الناس. وأصبح الغاز يباع في الشوارع في مشهد لم يألفه الناس منذ 14 عاما، وهم ينظرون إليه ولا يصدقونه.
رافق ذلك التحسن انخفاض ملحوظ بأسعار السلع شعر به الجميع، فالموز، على سبيل المثال كان سلعة عزيزة وكان سعر الكيلو منها قبل سقوط النظام بيوم واحد 50 ألف ليرة، أما اليوم فتراه ينتشر على العربات في الطرقات وقد أصبح الكيلو منه بـ10 آلاف فقط.-(وكالات)