سَتُمْطِرُ أَمْ لَنْ تُمْطِرَ ؟! // هبة احمد الحجاج
=
فِي يَوْمِ مَا اسْتَيْقَظْتُ مِنِ النَّوْمِ الْعَمِيقِ ، كُنْتُ أُفَكِّرُ هَلْ أَنْهَضُ مِنْ فِرَاشِي الدَّافِئِ ، أَمْ أَكْمَلُ نَوْمِي الَّذِي أَصْبَحَ رَفِيقِي الْوَحِيدَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ ، إِذَا شَعَرْتُ بِالْغَضَبِ أَخْلَدَ إِلَى النَّوْمِ ، إِذَا جُرَحَتْ أَلْجَأُ إِلَى النَّوْمِ ، إِذَا اكْتَأَبْتَ أَذْهَبُ وَ أَنَامُ وَ كَأَنَّ النَّوْمَ هُوَ الْمَلْجَأُ الْوَحِيدُ لِي فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ وَ ظُرُوفِهَا ، فَكَّرْتُ لِلَحْظَةٍ أَنْ أَكْسِرَ رُوتِينَ الْمَلَلِ وَأَنْ أَسْتَيْقِظَ صَبَاحًاً ، فُتِحَتُ نَافِذَةَ الشِّبَاكِ وَكَانَ الْهَوَاءُ يَتَلَاعَبُ بِأَغْصَانِ الشَّجَرَةِ كَمَعْزُوفَةٍ تَتَرَاقَصُ عَلَى الْأَنْغَامِ ، حَاوَلْتُ أَنْ أَقِفَ عَلَى النَّافِذَةِ لَكِنَّ الْهَوَاءَ ، أَبَى وَ دَفَعَنِي إِلَى الْخَلْفِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِي : مَنْ الَّذِي أَيْقَظَكَ ، لَقَدْ كُنْتَ نَائِمًا ، إِبْقَى كَذَلِكَ أُفَضَلُ لَكَ ، لِلَحْظَةٍ فَكَّرْتُ بِذَلِكَ ، وَلَكِنْ وَ أَنَا أُغْلِقُ النَّافِذَةَ نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ ” سَتُمْطِرُ أَمْ لَنْ تُمْطِرَ “؟!
الْغُيُومُ السَّوْدَاءُ قَدْ غَطَّتْ السَّمَاءُ بِشَكْلٍ كَامِلٍ ، الرِّيَاحُ قَدْ هَزَّتِ الْأَغْصَانُ وَ الْأَشْجَارَ وَ حَتَّى نَوَافِذُ الْبَلْدَةِ وَ شَوَارِعُهَا ، الشَّمْسُ اخْتَفَتْ وَلَمْ يَعُدْ لَهَا أَثَرٌ وَ كَأَنَّهَا لَمْ تُشْرِقْ فِي يَوْمٍ مَا ،أَشْعُرُ بِأَنَّ دَرَجَةَ الْحَرَارَةِ أَصْبَحَتْ تَحْتَ الصِّفْرِ ، وَ كَأَنَّ هُنَاكَ شَخْصٌ وَضَعْنَا فِي ثَلَّاجَةٍ وَ أُغْلِقَ عَلَيْنَا بِإِحْكَامٍ ، وَلَكِنَّنِي وَ أَنَا أَتَسَاءَلُ هَلْ “سَتُمْطِرُ أَمْ لَنْ تُمْطِرَ ” ، تَذَكَّرْتُ حَيَاتِي كُلَّهَا ، هَذَا الطَّقْسُ يُذَكِّرُنِي بِسِلْسِلَةِ حَيَاتِي ، الْغُيُومُ السَّوْدَاءُ مُتَلَاصِقَةٌ مَعَ بَعْضِهَا تُذَكِّرُنِي بِالظُّرُوفِ الصَّعْبَةِ الْمُتَتَالِيَةِ وَ كَأَنَّهَا يَدٌ بِيَدٍ اجْتَمَعَتْ عَلَيَّ وَ اتَّحَدَتْ بِقُوَّةٍ وَ كَأَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ لِي ” بِالْإِتْحَادِ قُوَّةٌ ” ، الرِّيَاحُ الْقَوِيَّةُ أَيْضًا تُذَكِّرُنِي بِالْأَشْخَاصِ ، عِنْدَمَا حَاوَلْتُ أَنْ أَجْعَلَهُمْ يُسَاعِدُونِي وَ لَوْ بِكَلِمَةٍ لَكِنَّهُمْ كَانُوا الرِّيَاحَ الْقَوِيَّةَ الَّتِي جَعَلْتَنِي أَعُودُ إِلَى الْخَلْفِ وَ أَشْعُرُ بِالْإِنْكِسَارِ وَ الضَّعْفِ ، هُنَا وَفِي هَذِهِ اللَّحْظَةِ شَعَرْتُ بِالْخَوْفِ الشَّدِيدِ وَ الْحُزْنِ لَمَا حَلَّ بِي وَ أَصْبَحَتْ كَالشَّخْصِ الَّذِي يَرْتَجِفُ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَ الضَّعْفِ وَ الْعَجْزِ .
كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَأَقُولُ لَهَا ” أَيْنَ شَمْسِي ؟!” أَشْعُرُ أَنَّ شَمْسِي لَنْ تَظْهَرَ يَوْمَ مَا فِي حَيَاتِي ، كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ وَأُرَدِّدُ” سَتُمْطِرِي أَمْ لَنْ تُمْطِرِي “.
وَأَنَا غَارِقٌ فِي مُخَيلَتِي وَ أَتَذَكَّرُ ظُرُوفِي الْقَاهِرَةِ فِي غُرْفَتِي الْمُظْلِمَةِ سَمِعْتُ صَوْتَ وُقُوعِ الْمَطَرِ عَلَى نَافِذَتِي. وَ كَأَنَّهَا رِسَالَةٌ كُتِبَتْ لِي ” سَتُمْطِرُ لَا تَخَفْ ، كَمِثْلِ هَذَا الطَّقْسِ تَمَامًا ، يَوْمًاً مَا …. سَتُمْطِرُ السَّمَاءُ مِنْ جَدِيدٍ فَلَا تَحْزَنْ فَبِإِذْنِ اللَّهِ تَحْقِيقُ الْأَمَانِي لَيْسَ بِبَعِيدٍ.” نَظَرْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَ دَعَوْتُ ، وَالْمَطَرُ يَنْهَمِرُ عَلَيَّ وَأَنَا بَاسِطٌ ذِرَاعِي إِلَى رَبِّ الْعِبَادِ وَأُرَدَدُ” يَا رَبِّ وَمَاخَابِ مَنْ قَالَ يَا رَبِّ اللَّهُمَّ إِنَّ بَيْنَ أَضْلَعَيْ أُمْنِيَّاتٍ يَتَمَنَّاهَا قَلْبِي وَ رُوحِي وَ عَقْلِي فَلَا تُحَرِمُنِي فَرْحَةُ تَحْقِيقِهَا فَأَنْتَ الْوَحِيدُ مَنْ تَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ” .أُ
التعليقات مغلقة.