شبح نقص المياه يخيم على عجلون مع انحباس الأمطار وتراجع مخزون سد كفرنجة

 تزداد المخاوف في محافظة عجلون، وسط استمرار انحباس الأمطار وانعكاساته السلبية، لا سيما مع تراجع كميات المياه المتجمعة في سد كفرنجة، الأمر الذي يتسبب في انخفاض كميات التزود بمياه الشرب الواصلة من السد إلى مدينة كفرنجة، وكذلك الخشية من التأثير مستقبلا على مشروع محطة التحلية والخط الناقل قيد الإنشاء، والمتوقع له أن يزود مناطق واسعة في المحافظة خلال عام.

وثمة مخاوف أيضا، من أن يؤدي هذا التراجع المطري إلى حدوث تأثيرات سلبية كبيرة على ينابيع ومصادر المياه المحلية التي تعتمد عليها المحافظة للتزود بمياه الشرب، بسبب تراجع قدراتها وطاقتها الإنتاجية هي الأخرى، ما سيفاقم المشكلة خلال أشهر الصيف.

ويقول المواطن محمد الخطاطبة “إن سد كفرنجة بمحافظة عجلون بدأ يشهد تراجعا ملحوظا في مخزونه المائي، مقارنة بموسم العام الماضي والمواسم المطرية السابقة، حين كانت الكميات المتجمعة تصل إلى أعلى مستوى وتبلغ حدود مهارب المياه في أعلى الحاجز الإسمنتي”.
وأوضح الخطاطبة “أن تراجع الكميات يلاحظ من خلال ظهور معالم كثيرة من السد كانت تغمر بالمياه في المواسم المطرية الجيدة، كالطرق الترابية والأدراج التي أنشئت في بدايات المشروع، والتي بدأت تظهر مجددا للعيان”.
أما المزارع أبو عدي العنانبة، فيشير، من جهته، إلى أن “السد يعتمد في مخزونه التجميعي على المياه المتدفقة من وادي كفرنجة والينابيع السطحية المنتشرة هناك، التي بدأت تتراجع هي الأخرى، وكذلك تراجع السيول المتدفقة من الجبال المحيطة به عبر الأودية الطبيعية، التي يرتبط تدفقها جميعها بجودة الموسم المطري والمعدلات التراكمية السنوية للأمطار في المحافظة”.
وأضاف العنانبة “أن إنشاء السد كان يهدف إلى تعزيز المصادر المائية المتوافرة في وادي كفرنجة، لغايات الري والشرب وتنمية البيئة المحيطة، والمساهمة في درء خطر الفيضانات، والاستفادة من السد في منطقة كفرنجة لأغراض الشرب وري المزارع المحيطة به”.
وتقدر كميات المياه المخزنة والمتبقية من الموسم الماضي بمليوني متر مكعب، من طاقته البالغة 7.8 مليون م3، فيما يستغل السد في ري المزروعات والشحن الجوفي والشرب، كما أنه يغطي العجز المائي الذي يعاني منه المواطنون صيفا، والاستفادة منه في ري المزروعات.
ووفق موقع وزارة المياه، فإن سد كفرنجة الذي بدأ تشغيله في العام 2017 يقع على وادي كفرنجة ويبعد حوالي 80 كم شمال غرب العاصمة، وهو سد ركامي غير متجانس بوجه خرساني بارتفاع 80.5 متر، بحيث تبلغ سعته القصوى 7.8 مليون متر مكعب.
وأعرب المواطن منذر الزغول، عن تخوفه من “حدوث أزمة مياه خانقة في صيف العام المقبل، لا سيما في حال استمرار تراجع مخزون السد وطاقة الينابيع في محيطه”، داعيا وزارة المياه إلى “الاستعداد الجيد في حال كانت المعدلات المطرية متدنية في موسم الشتاء الحالي، للحفاظ على مخزون السد لأغراض الشرب، والإسراع بتوفير خط ناقل ومحطة تحلية في منطقة القاعدة في عنجرة، وتقليل نسبة فاقد الشبكات”.
وأكد “أن اعتماد كفرنجة على مياه الشرب التي تضخها الينابيع قرب السد كان له دور كبير في إنهاء مشكلة مياه الشرب فيها، إذ يتجاوز عدد سكانها 40 ألف نسمة، ما يستدعي الحفاظ على مخزون السد الذي يسهم في زيادة الطاقة الإنتاجية للينابيع”.
وأضاف الزغول “أن الإسراع بتوفير محطة تحلية في منطقة السد والخط الناقل لمنطقة القاعدة في عنجرة سيوفر كميات مياه شرب تكفي سكان عنجرة وعجلون وعين جنا وعين البستان”، لافتا إلى أن “هذه المناطق كانت تشهد أزمة مياه خانقة صيفا، بحيث تتجاوز فترة الدورة 3 أسابيع”.
كما تساءل الزغول، “كيف سيكون الحال صيف العام المقبل مع تأخر الهطل المطري الذي سيؤدي إلى الحد من الطاقة الإنتاجية لعيون وينابيع المياه المحلية؟”، مطالبا في الوقت ذاته بالتحوط من الآن لمواجهة الأزمة المتوقعة، والتزود بكميات إضافية من المحافظات المجاورة.
يشار إلى أن معدلات الأمطار السنوية في مناطق المملكة تتراوح بين 50 و500 ملم، وترتفع في محافظة عجلون إلى 600 ملم سنويا، بل وتتجاوز غالبا لتصل لأكثر من 800 ملم في بعض المواسم.
وكانت دراسة أعدتها جمعية دارة عجلون للتراث والثقافة وجهات متعاونة قبل 3 أعوام، وبالاستناد إلى أرقام وحدة التنمية في المحافظة، أكدت أن عجلون تعاني شحا في مياه الشرب صيفا، جراء طبيعتها الجغرافية الوعرة وانحدارها الشديد، ما يتسبب بهدر كميات كبيرة من مياه الأمطار في الأودية الجانبية.
وعزت الدراسة ذلك إلى تلوث بعض ينابيعها لعدم شمول مناطق فيها بشبكة صرف صحي، ومعاصر لا تتبع شروط السلامة العامة لها دور في ذلك، واهتراء شبكات المياه، وبالتالي ارتفاع نسبة الفاقد في الشبكات لتصل
إلى 40 %.
وفي تصريحات قبل أيام، أكد مدير إدارة الأرصاد الجوية رائد رافد آل خطاب، أن “ضعفا واضحا” في الأداء المطري شهده الموسم الحالي 2024-2025 في معظم مناطق المملكة، مشيرا إلى عدم تجاوز “كميات الأمطار المتراكمة حتى منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) الحالي ما نسبته 4 % فقط من المعدل الموسمي العام”.
وقال آل خطاب، إنه يستثنى من تلك المناطق، مناطق الأغوار التي سجلت أعلى كميات هطول مطري في المملكة، إلا أنها “ما تزال أقل من المعدل المطلوب”.
وأضاف، أن أداء الموسم المطري الحالي يعد ثاني أضعف أداء بعد الموسم المطري 1958-1959، وذلك وفق السجل المناخي لمحطة رصد مطار عمان المدني، الذي يمتد لأكثر من 100 عام.
وأوضح آل خطاب أن المحطة سجلت 2.7 ملم (2 % من المعدل الموسمي العام) مقارنة بـ1.7 ملم (1 %) في الموسم 1958-1959، منوها إلى أنه “رغم ضعف الأداء المطري حينها، فقد أنهى الموسم بتحقيق 86 % من المعدل الموسمي العام”.
وتشكل الأمطار المتراكمة منذ بداية الموسم المطري وحتى منتصف شهر كانون الأول (ديسمبر) الحالي، عادة حوالي 23 % من المعدل الموسمي العام في معظم مناطق المملكة، وتصل هذه النسبة إلى 27 % مع بداية أربعينية الشتاء (المعروفة بالمربعانية)، وفق آل خطاب.
يشار إلى أن محافظة عجلون تعتمد في مصادرها المائية حاليا على مصادر داخلية، وهي (آبار زقيق 1 و2 و3 و4، ونبع عين القنطرة والتنور، آبار عين جنا، الصفصافة، نبع راسون، إشتفينا ومصادر مائية أخرى) وتشكل مجتمعة ما نسبته 80 % من التزود المائي.
إلى ذلك، أكدت إدارة مياه المحافظة، أنه تم مطلع العام الحالي طرح 4 عطاءات من مشروع الخط الناقل ومحطة التحلية، وذلك بعد انتهاء دراسات المشروع الذي تبلغ تكلفته 6 ملايين دينار أردني وبمنحة من الوكالة الأميركية USAID، مؤكدة أن هذا المشروع الكبير يحظى باهتمام كبير من وزارة المياه والري لإيجاد الحلول المناسبة الطويلة الأمد لمشكلة المياه في عدد من مناطق المحافظة.
وأوضحت أن هذا المشروع الكبير يأتي ضمن سلسلة مشاريع مائية مهمة جدا تقدر بزهاء 83 مليون دينار ستنفذها وزارة المياه والري في محافظة عجلون، ممولة من خلال منح عربية ودولية، مؤكدة أن مشروع الصرف الصحي لمنطقة الجنيد قد يحتاج إلى وقت أطول للبدء بطرح عطاءاته وتنفيذه.
ووفق مخططات المياه، فإن تزويد المواطنين بالمياه بعد إنجاز الخط الناقل الذي يجري العمل به حاليا، سيكون من الخزان بشكل انسيابي، وسيوفر 350 مترا مكعبا في الساعة، بحيث سينفذ على أربع مراحل، ستشمل المرحلة الأولى إنشاء محطة تحلية بعد سد كفرنجة، كما ستشمل المرحلة الثانية إنشاء محطات رفع، والمرحلة الثالثة ستشمل إنشاء خزان تجميعي بمنطقة القاعدة في عنجرة بالقرب من متنزه عين جارا بسعة 6 آلاف متر مكعب، فيما ستشمل المرحلة الرابعة مد الخطوط الناقلة للمياه من بعد سد كفرنجة إلى موقع الخزان التجميعي.
من جهته، أكد مدير إدارة مياه عجلون المهندس مالك الرشدان، أن تراجع الموسم المطري الحالي وفي حال استمراره، سيؤدي إلى تراجع الحصاد المائي في سد كفرنجة، وتراجع طاقة الينابيع المحلية، ما سيؤثر سلبا على خطط المديرية بالتزود بمياه الشرب.
وبين أن مشروع الخط الناقل من سد كفرنجة يتوقع أن يظهر أثره الكبير على المحافظة بالتزود بكميات كافية من مياه الشرب في العام 2026، لينهي مشكلة النقص في المناطق المستهدفة من المشروع، ويوفر الكميات القادمة من مصادر أخرى لخدمة مناطق في المحافظة بكميات إضافية.
وأوضح الرشدان، أن الخط الناقل سيكون بسعة 12 إنشا، وبطول زهاء 16 كم، بحيث يبدأ من محطة تحلية في موقع سد كفرنجة وصولا إلى منطقة القاعدة في عنجرة، مشيرا إلى أنه سيحتوي على 5 محطات ضخ تتوزع على طول الخط بدءا من السد ومرورا بكفرنجة وعين البستان وعنجرة وصولا إلى الخزان التجميعي في منطقة القاعدة.
وقال إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) خصصت منحة بقيمة 10 ملايين دينار لتطوير شبكات المياه في المحافظة، مبينا أن المنحة ستستخدم لتقليل الفاقد وتحسين توزيع المياه من خلال تطوير شبكات المياه في قرى العيون بقيمة 3.1 مليون دينار، واستبدال الشبكات في منطقة صخرة بـ650 ألف دينار، وتطوير الشبكات في عنجرة وعين جنا بـ6 ملايين دينار، لافتا إلى أن المحافظة تخدم حوالي 27 ألف مشترك في خدمات المياه.

عامر خطاطبه/الغد
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات علاقة