شطناوي: الدراما الأردنية تحقق النجاح حينما تمتزج بوجدان المجتمع
يجسد الفنان والمخرج ورئيس فرقة المسرح الحر إياد شطناوي، الشخصيات الموكلة له في الأعمال الفنية، وبخاصة الأعمال الدرامية، بواقعية وروح إنسانية مغلفة بالانفعالات النفسية الحقيقية وربطها بالخيال والخبرة، بعيداً عن أداء التصنع السطحي الزائف الخالي من الأحاسيس والمشاعر، مشيراً إلى أنه يبحث دوماً عن الدور الذي يتناسب مع ما يدور في داخله، فهو دائما منشغل التفكير ومتفاعل مع الشخصية المراد تجسيدها مع الخط الرئيسي للأحداث داخل العمل الفني الدرامي أو المسرحي.
ويشارك شطناوي في المسلسل الدرامي “حضرة مواكب الغياب” في جزئه الثاني وهو منتج، وكاتب العمل سيف عبد العزيز، الذي يصور أحداثه في مناطق عدة في المملكة؛ حيث يجسد شطناوي شخصية “أبو العبد”، وهي إحدى الشخصيات الرئيسية للمسلسل الذي تدور أحداثه حول الصراع العربي الإسرائيلي، مبدياً حرصه على التكتم بشخصية دوره في المسلسل المؤلف من ثلاثة أجزاء، وسيكون ضمن المسلسلات المشاركة في الموسم الرمضاني للعام 2023.
وعشق شطناوي الفن بأشكاله والمسرح بخصوصيته، ومارس موهبته بحب كبير، حصل على البكالوريوس في الإخراج المسرحي وماجستير علم نفس دراما الطفل، وهو مدرس دراما في وزارة التربية والتعليم، وحصل أيضاً على العديد من الجوائز المهمة على الصعيدين المحلي والعربي، وشارك في مهرجان دمشق الدولي في مسرحية “جمهورية الموز”، وحصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان الشباب الثاني، وشارك في العديد من أهم الأعمال الدرامية على رأسها مسلسل “أبو جعفر المنصور” و”مخاوي الذيب” و”وين ما طقها عوجة” و”الحجاج” و”راس غليص” و”عيون عليا” و”الهجير” و”مهاجي الأجاويد” و”مالك أبن الريب” و”الطريق إلى باب الواد” و”المبروكة” و”ضوء أسود” و”اشوية صبر يا جبر” و”الحنين إلى الرمال” و”المشراف” و”قرية خارج التغطية” و”حضور لموكب الغياب” وأخرج العديد من المسرحيات منها: “الساحل” و”جني المصباح” و”حلم طفل عربي” و”زهايمر” و”حلم وحرف” و”سبونج بوب” و”جمهورية الموز” و”حرير آدم” و”طلال أنثى” و”نساء بلا ملامح” و”الفجوة” و”النهر” و”الرداء” و”أنا وهو” و”الرقصة الأخيرة”، والمسرحيات التي مثل فيها هي: “بياض أعمى”، “سلافة النمرود”، “كاليجولا والرداء”، “مسافر ليل”، “عرار نشيد الصعاليك”، “شهقة الطين”، “آخر منامات الوهراني”، “ليل المدينة”، “رقصة الانفصال”، وفيلم قصير بعنوان “حلم”، وأوبريت “حنا للمجد عنوان”.
ويبتعد شطناوي عن اختيار الشخصيات النمطية والمستهلكة، بل يختار الأدوار التي ترتبط بالعمق والوعي والمتنوعة على مستوى الشكل والمضمون، لذا تبقى أدواره مفاجأة للجمهور لكونها ترتبط بحالته التجسيدية التي تنبع من عقله الباطن ودواخله اللامحدودة في رسم مسار وحركة شخصياته التي يلعبها في العمل الفني الدرامي والمسرحي بالإجادة والقدرة على التجسيد الحي.
وأكد شطناوي، وهو عضو في نقابة الفنانين الأردنيين، أهمية أن يقرأ الممثل الشخصيات على الورق بأدق تفاصيلها كي يقوم بتجسيدها على الواقع لتكون أكثر إبداعاً، مع أهمية إشراك الجسد والصوت لإيصال الرسائل التي يحملها أي عمل فني إلى المتفرج بصورة سلسة وسليمة وخالية من التعقيدات والمشاكل وبخاصة اللغوية، لأن الأعمال الفنية التي تعتمد على الصوت قد تكون أهملت الجسد الذي في مقدوره أن يوصل رسائل قد تصعب على اللغة الناطقة إيصالها، وحتى يتم تطوير الممثل والأعمال الفنية التي يقدمها سواء كانت مشتركة في استخدام الجسد والصوت، أو غير ذلك لابد من التمارين والعمل المتواصل عليها وعدم إهمالها، حتى يؤدي ذلك لإخراج ممثل متمكن من قدراته الفنية الجسدية والصوتية في طريقة الأداء.
ويقول شطاوي، في سياق حديثه لـ”الغد”، أن الفن هو الشيء الذي يسمو بالإنسان، والشيء الراقي الذي يخرج الإنسان من حزنه إلى فرحه، وهو أيضاً السلاح الذي من خلاله تستطيع توصيل أكبر وأقوى رسالة للعالم بأكمله؛ فالفن يحمل رسالة هادفة وسامية، يسمو من خلال الناس، مشيراً إلى أنه مرتبط بكل مجالات الحياة، فبحسبه أن الفن ملك المتلقي وهويته، والفنانين مجرد أمناء يؤدن ما عليهم بوصفهم ممتهنين للمهنة، ولا يحق العبث بالذوق العام وبما هو ليس ملكنا، مبيناً أن تفاعل وحب الناس لأي عمل درامي يكون له دور كبير في سعادة الفنان وتكريماً له ولكادر العمل، عائداً إلى القول إن الفن دائماً يقدم رسالة للمجتمع للتعلم منه، معتبراً أنه ينتمي إلى مدرسة الكبار، مؤكداً أنه تعلم منهم دراسة الدور جيداً قبل تقديمه في المسلسل الدرامي أو على خشبة المسرح أو حتى في السينما.
ولا يخفي شطناوي أهمية أن يكون الفنان مزوداً بمستوى فكري وثقافي وأخلاقي، وألا يكون مقتصراً على الموهبة، بقوله: “الموهبة لا تكفي والتسلح بالثقافة والفكر مكمل ومحرك مساعد بقوة نحو نجاح الفنان في تأدية رسالته الهادفة بغية إيصالها بعمق لتظل في ذهن المتلقي مستوحياً مضمونها”، مفضلاً بألا تكون الموهبة طاغية على الفنان، وأن يتكئ على الجانب الأكاديمي لأهميته في تطوير مهارات الفنان، ويسهم في تألق موهبته التي عززها بالعلم والمعرفة، وهو النبراس المضيء دربه في عالم الفن.
وبرر ابتعاده عن المشاركة في أعمال درامية بأنه محاولة منه بتقديم قيمة فنية ترضيه وترضي المشاهد، مشيراً إلى أنه يضع معايير محددة لتحديد قبوله أو رفضه لأي عمل فني يشارك فيه، ويتمثل ذلك في النص الجيد الذي يتلاءم مع شخصيته الفنية، إضافة لوجود مخرج متمكن وإنتاج كبير وكادر عمل جيد ومتجانس، لذلك يرفض العديد من السيناريوهات، لأنها لا تتلاءم مع شخصيته، مؤكداً في الوقت نفسه أن النجاح لا يأتي إلا بإصرار الفنان على البحث عن أدوار صعبة، ونجاح أي عمل فني أساسه الراحة النفسية مع فريق العمل إلى جانب الحب والاحترام المتبادل، مبيناً أن الوسط الفني لم يفتقد القدرة الفنية بعكس ما يتم ترويجه، كما أنه ليس صحيحاً ما يقال عن انتشار ظاهرة عدم الالتزام بالعمل أو المواعيد، قائلاً: “أنا أرى أن أي شخص يحترم عمله يؤدي كل ما يجب عليه من مهام”، موضحاً أنه فنان لا ينتمي إلى أي مدرسة فنية سوى مدرسته، لافتاً إلى أنه مهتم جداً بقراءة الروايات والمسرحيات، مؤكداً أنه لا يعرف المجاملة في الفن، لكن قد يجامل في المقابل المادي الذي يتقاضاه.
ويرى شطناوي أن الدراما الأردنية لا يمكن تسميتها بمجرد أن فنانيها أو منتجيها أردنيون، وإنما تسمى إذا استطاعت الامتزاج بوجدان المجتمع وإيجاد حالة من التماهي والاندماج كما هو الحال في الدراما السورية والمصرية وحتى الخليجية، بمعنى أن الدراما الأردنية تحقق النجاح عندما تمتزج بوجدان المجتمع، مشيراً إلى أن الأعمال الدرامية تعتمد على الصفة التجارية البحتة، وهي ناتجة عن صفقات ما بين قناة أو قنوات تلفزيونية عدة مع المنتج الذي يهمه التجارة والربح أولاً، قبل كل شيء وهذا حقه في ذلك.
ولأهمية تطوير الدراما الأردنية، يرى شطناوي أن الحل يكمن بالضرورة أن يكون هناك ميثاق قانوني على شكل اتفاقيات تفاهم بين جهات عدة كـ”نقابة الفنانين والتلفزيون الأردني والقطاع الخاص واتحاد المنتجين” لرسم آلية عمل تضع المؤسسات خلالها أمام المنتجين أولويات لمواضيع نصوص معينة وبشرط إنتاجها ضمن شروط جودة مع تصنيف للممثلين، بحيث يكون هناك وعي لمسألة حساسة، وهي أنه غير مسموح لأي كان أن يطل ضيفا على شاشات الأردنيين.
وتناول شطناوي الأدوات الإخراجية التي تساعد على صنع عمل فني يسمو بالجمال والإبهار البصري ويسهم في تقديم ما يريد إيصاله للناس، بحسبه: “على المخرج أن يكون ملماً بالثقافة ومدركاً للمعاني العميقة والتعمق في علوم عديدة، منها علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الجمال، إضافة إلى ضرورة بأن يكون مثقفاً موسوعياً، فعندما يستلم المخرج نصاً، فعليه الغوص في أعماق أحداثه ومكوناته الأساسية لتقديم عمل فني يليق بمستوى فكر المتلقي، الذي هو متحمس ليرى عملاً فنياً مليئاً بالأحداث التشويقية”.
واختتم حديثه بأهمية مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار أعمال الفنان وترويجها بأسلوب صحيح، على خلاف ما كان في السابق، “فمن فاتته مشاهدة أي عمل فني يمكن مشاهدته في وقت لاحق، ولا يقتصر ذلك على المحيط الإقليمي فقط، بل يشمل مختلف دول العالم”.
أحمد الشوابكة/الغد
التعليقات مغلقة.