شمال غزة يباد.. أحياء مدمرة و”منكوبة” ورائحة الجثث تملأ الشوارع
غزة- في شوارع تكاد تخلو من المارة وبحذر شديد، ينتقل بعض الفلسطينيين لتفقد آثار الدمار الذي خلفته الهجمات الصهيونية المكثفة والمتواصلة على محافظة شمال قطاع غزة، بعدما أعاد الجيش المحتل انتشاره متراجعا نحو أطراف المحافظة التي يطبق بحصاره العسكري عليها.
وأفادت وزارة الصحة في غزة، بأن الاحتلال الصهيوني ارتكب 5 مجازر ضد العائلات في القطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 102 شهيد و287 إصابة خلال 48 ساعة.
الى ذلك، أعلنت بلدية بيت لاهيا شمال قطاع غزة المدينة منكوبة جراء حرب الإبادة الجماعية والحصار الصهيوني، وأطلقت نداء استغاثة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وقالت بلدية بيت لاهيا إن سكان المدينة يعانون كارثة إنسانية، نتيجة الحرب المستمرة والحصار المفروض على المدينة.
وأوضحت أن المدينة أصبحت بلا طعام وبلا مياه وبلا مستشفيات وبلا إسعافات وبلا دفاع مدني وبلا أطباء وبلا خدمات (صرف صحي ونفايات) وبلا اتصالات.
وكشفت مشاهد، حجم الدمار الهائل الذي لحق بلدة بيت لاهيا، حيث تحولت هذه المدينة التي كانت تملؤها المساحات الخضراء إلى منطقة رمادية من الخراب والدمار تنتشر في شوارعها رائحة الجثث المتحللة.
وفي هذه البلدة، تعرضت أحياء سكنية كاملة للتدمير، إذ أظهرت تلك المشاهد دمارا واسعا أصاب أحياء ومنازل الفلسطينيين وممتلكاتهم، وحتى المباني السكنية التي لم يتم تسويتها بالأرض تعرضت لأضرار بين المتوسطة والبالغة.
إلى جانب ذلك، فقد لحقت الأضرار أيضا بالمستشفى الإندونيسي الذي تعرض لحصار وقصف صهيوني أخرجه عن الخدمة تماما.
هذا المستشفى الذي بات يخلو من الكوادر الطبية والصحية تحوّل -وفق ما أظهرته بعض المشاهد- إلى مكان لإيواء النازحين والفارين من هول الغارات والهجوم الصهيوني.
كما تحيط بهذا المستشفى منطقة شبه مدمرة تقابلها مدرسة كانت تؤوي نازحين، ظهر على جدرنها آثار سوداء ناجمة عن اشتعال النيران فيها واحتراقها.
والأحد الماضي، أعاد جيش الاحتلال الإسرائيلي انتشاره في أماكن توغله شمال قطاع غزة، وتمركز على الأطراف الأربعة للمنطقة (شمال وشرق وجنوب وغرب)، وواصل استهدافه المكثف جوا وبرا، وفق شهود عيان.
وفي الخامس من تشرين الأول (اكتوبر) الحالي، شرع الجيش الصهيوني بقصف غير مسبوق على مخيم وبلدة جباليا ومناطق واسعة شمال القطاع، وفي اليوم التالي بدأ اجتياح المنطقة بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها في المنطقة”.
في حين يقول الفلسطينيون إن الاحتلال يعمل على احتلال المنطقة وتحويلها لمنطقة عازلة بعد تهجير سكانها عبر “إبادة جماعية” تنفذها بقصف دموي مكثف وحصار مطبق يمنع وصول الغذاء والمياه لمئات آلاف المدنيين الفلسطينيين.
الفلسطيني المصاب نضال الدريملي، الذي كان في المستشفى الإندونيسي قبل أن يحاصره جيش الاحتلال، قال “حوصرنا من الجيش الإسرائيلي وبقينا نحو 20 يوما بدون ماء ولا طعام، إذ رفض الجيش أي محاولة لمساعدتنا من الخارج”.
ويضيف، وهو يجلس على سريره دون تلقي خدمات طبية لخروج المستشفى عن الخدمة، أن “أصوات الانفجارات كانت شديدة جدا؛ حرمتنا من النوم”.
وأوضح الدريملي أن تلك الانفجارات كانت تسبب ارتجاجا شديدا في المباني.
وذكر أن المستشفى أيضا لم يسلم من اعتداء القوات الصهيونية، التي قصفت الطوابق العلوية من المبنى بشكل مباشر بعدة قذائف.
وأشار إلى أن جيش الاحتلال كان يعتقل بعض النازحين من الشوارع، بينما كان يرهب النساء من خلال تحريك آلياته العسكرية صوبهن وتعمد نشر الغبار والتراب الكثيف في محيطهن.
بدوره، يقول أحد النازحين الذين ذهبوا لتفقد منازلهم وأحيائهم السكنية في بيت لاهيا (لم يذكر اسمه) إنه “لا توجد ملامح لأي منطقة وأي منزل”.
وتابع “لم أعرف منزلي من منزل جاري”، لافتا إلى أن الدمار يطال كل شيء في محيط مستشفى كمال عدوان.
وأوضح أن رائحة الجثث التي لم يتمكن أحد من انتشالها لتوقف خدمات الدفاع المدني والإسعاف تفوح في الشوارع.
وأردف قائلا “جثامين الشهداء المتحللة ملقاة في الطرقات، الرائحة تنبعث في الشوارع”، لافتا إلى أنه لم يتم التمكن في فترة ما قبل إعادة انتشار الجيش من دفن جثامين الشهداء.
وأشار بصوت متحسر إلى أنهم قضوا الأيام الماضية “بلا ماء ولا طعام ولا تواصل مع الآخرين ولا إنترنت”.
وهذا الهجوم الصهيوني المتواصل منذ الخامس من تشرين الأول (اكتوبر) الحالي والمتزامن مع حصار مشدد تسبب في خروج مستشفيات محافظة الشمال عن الخدمة، كذلك أدى لتوقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
ويوم 18 تشرين الأول (اكتوبر) الحالي، فرض جيش الاحتلال على محافظة الشمال عزلة تامة عن العالم الخارجي بقطع شبكة الاتصالات والإنترنت عنها، مما أثر على حصول الجهات الرسمية على معلومات من مصادرها هناك.
ويواصل الجيش الصهيوني ارتكاب مجازره في هذه البلدة التي رفض الآلاف من سكانها الاستجابة لأوامر الإخلاء الصهيونية، حيث استشهد أول من أمس 93 فلسطينيا بقصف مبنى سكني مأهول مكون من 5 طوابق وغارات أخرى.
وبدعم أميركي، يشن الاحتلال منذ السابع من تشرين الأول (اكتوبر) 2023 حربا على غزة خلفت أكثر من 144 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.-(وكالات)